بلاد الهند والسند.. وبلاد تركب الأفيال.. كل شيء فى السياحة الهندية قد يتغير فيما عدا هذا الشعار. كان الفيل وصاحبه فى بعض البلاد الآسيوية يتمخطر فى الشارع مثل لا مؤاخذة «الحمار» عندنا أو الحصان بالعربة الحنطور، إلا أن الحال لم يعد هو نفس الحال فى الهند، فقد أصبح الفيل فيها محدد الإقامة، وأخذ درجة «خمس نجوم»! بعد أن لونوا «زلومته» وأصبحت مثل اللوحة الفنية المتحركة فشر لوحات بيكاسو، ولا تقولى لا فن تجريدى ولا تشكيلى ولا تكعيبى، بل «فن تفييلى»! خاص بالزلومة فقط، وكنت أظن أنها مزحة، لكن هذا ما أكده لى صاحب الفيل الذى يخدم هو وفيله فى الحصن. ومثل أسطبل عنتر.. زرنا حصن الأفيال وقد أسموه حصن عنبر. اضطررنا للسفر إلى جيبور ومنها بالعربات الچيب على بعد 11 كيلو، لنصل إلى حصن عنبر الذى يشبه جزءا من قلعة صلاح الدين مع الشرفات والأسوار والبحيرة، تحيطه لتزيد من صعوبة اقتحامه، فالقاعات الملكية مزينة بأعمال عاجية شديدة الدقة والتعقيد، واللوحات الجدارية من رقاقات مرايا مدشدشة على شكل فسيفساء، جزء رخامى وجزء مرآة، وكأنه قطع من الألماس. المكان كله مسحة تاريخية تعيدك لأيام جبروت المغول مع هيبة الأفيال.. ولا أبرهة فى زمانه! وحينما اقتربنا من ربوة ركوب الأفيال، كان الميزان فى انتظارنا! فمن المستحيل أن يركب الفيل فيل بشري!! بمنطق أن الفيل لا يركب فيلا!! وبالتالى أصبح الميزان يختار راكب واحد من الوزن الخفيف، وزن الريشة، والآخر من الوزن الثقيل، وإلا سيستاء الفيل ويتعب، خصوصا لدى صعوده الحصن، وإذا استاء الفيل سيحيط المكان بطاقة سلبية تؤثر على خير البلاد وسلامتها! كان هذا المبرر بالإضافة لقدسية مكانة الفيل لديهم.. إن فكرة عدم ترويع الحيوان والسلام المتبادل بينه وبين البشر، يعطيك شعورا بالأمان. أما بالنسبة للبقشيش فخذ النصيحة من المرشد وارميها البحر؟ لأنه يؤكد على عدم إعطاء صاحب الفيل «بقشيش» أكثر من مبلغ محدد، لكنك أمام رقة أسلوب الشحاتة وأدبها، لا تملك إلا أن تعطيه ضعفها. كانت تلك أسعد لحظات حياتى، فأنا أحب هذا الحيوان، وكلما رأيته فى أى مناسبة، ولو فى الأفلام، تمنيت أن أحتضنه وأربت على ظهره! شعور غريب أو عقدة نفسية، فهو يعطينى الشعور بالأمان! واستمرت المظاهرة الفيلية السياحية وتمنيت لو تم اقتباس فكرتها فى القلعة، مع استبدال الفيلة بالجمال، وكل حصن أو قلعة بحيوانها. صحوت من مقارناتى الدائمة بين أساليب السياحة الهندية وأساليبنا المصرية، وأنا أحتضن الفيل بالفعل بعد أن انزلقت إحدى قدماى أثناء الهبوط، وصاحب الفيل يخرج عن وقاره، فمن غير المسموح الاقتراب أو الاحتضان أو القبلات، وحتى التصوير له مساحته المحددة!! وإن زعل الفيل أنا غير مسئول.. والحكاية ليست سداح مداح مثل الانفتاح كل هذا الكلام قاله بالهندى وطبعا أنا فهمته! لمزيد من مقالات دينا ريان