* حقق حلمه فى سن الخمسين ومكث 313 يوما فى الفضاء بالرغم من مشاهدته معالم مصر مئات المرات وتصويره الأهرامات والبحر الأحمر من على بعد مئات الكيلومترات من السماء، فإن رائد الفضاء الإيطالى باولو نيسبولى «62 عاما» أبدى سعادة بالغة حين وصل لمصر ليشاهد لأول مرة الأهرامات من على الأرض ويلتقى بالعديد من الباحثين. وفى حديث خاص ل«الأهرام» تحدث عن تجربته والخبرات التى اكتسبها للوصول لهدفه والسفر لأول مرة للفضاء بعد سنوات طويلة من المحاولة والمعافرة وهو فى بدايات العمر كضابط بالجيش الإيطالى ثم السفر لتعلم الإنجليزية ودراسة الهندسة بالولايات المتحدة كى يكون مؤهلا للتقدم بمسابقات رواد الفضاء ثم يرسب مرتين ويتأهل وهو فى سن الأربعين تلى ذلك سنوات من التدريب والاختبارات الشاقة ليسافر فى أولى مهامه وهو فى الخمسين من العمر تلتها مهمتان للفضاء ليحقق أطول مدة يمكثها رائد فضاء كبير سنا وهى 313 يوما عن مجمل رحلاته. فى الحديث التالى يتحدث نيسبولى عن تجربته ونصائحه للشباب والحالمين بالسفر للفضاء. رائد الفضاء الإيطالى «نيسبولى» فى البداية أرجو أن تطلعنا على برنامجك خلال زيارتك مصر؟ أنا سعيد بهذه الزيارة لأنه أخيرا ولأول مرة سأشاهد الأهرامات من على الأرض حيث سبق لى أن صورت معالم مصر من محطة الفضاء حيث تتميز بلادكم بصفاء السماء فلا توجد سحب تعيق التصوير من الفضاء. ولقد تمت دعوتى من قبل الحكومة الإيطالية للمشاركة ضمن جولة علمية بمصر للتحدث للطلبة وشباب الباحثين عن رحلاتى للفضاء وتشجيعهم على الاهتمام بالعلم والرياضيات وتوضيح فوائدها للبشرية جمعاء. كما أن علوم الفضاء تبعث على التفكير والخيال وطرح الأسئلة. كما سيقام على هامش الزيارة عدة لقاءات مع العلماء للتحدث عن التقنيات الحديثة للأقمار الصناعية. كم عدد الصور التى التقطتها من الفضاء لمصر؟ آلاف الصور فأنا مهتم جدا بالتصوير حيث استخدم عدسات خاصة ونظرا لكون المحطة تدور حول الأرض بسرعة 8 كم فى الثانية فيجب أن أكون سريعا فى تحديد الموقع الذى أريد تصويره و لدى صور عن الإسكندرية والأقصر والقاهرة وقناة السويس إضافة إلى ساحل البحر الأحمر. ما أهم التجارب العلمية التى خضتها خلال رحلاتك للفضاء؟ الناس يعتقدون أن رجال الفضاء علماء ملمون بكل التخصصات بشكل دقيق وهو أمر غير حقيقى فى غالب الأمر. فنحن نملك قدرا من العلم ونقوم بتنفيذ العديد من التجارب التى اختارها ووضعها فريق كبير من العلماء والباحثين على الأرض والذين ننسق ونتواصل معهم دائما ونسترشد بالخطوات العلمية التى يطالبوننا بتنفيذها بمحطة الفضاء، كما أن هذه الدراسات تكون فى عدة مجالات مثل علوم الزراعة والتكنولوجيا الحيوية والحشرات والبيئة وصحة الإنسان حيث نجرى العديد من التجارب لرصد المتغيرات والتفاعلات فى ظل انعدام الجاذبية الأرضية فقضاء يوم فى الفضاء هو عمل مستمر من التجارب. كما أن الأبحاث العلمية فى الفضاء عبارة عن سلسلة طويلة من التجارب والتراكم المعرفى ولا يجب أن نصل دائما لنتائج مهمة. فالبحث العلمى مسار من التجارب يستغرق سنوات طويلة قبل التوصل لنتائج فعالة ومؤثرة وتغير من حياة البشر. ولك أن تتخيل أنه منذ بدء الأبحاث العلمية فى الفضاء تم إجراء 2050 تجربة علمية منها 300 قمنا بها أنا والفريق المشارك فى رحلتى الأخيرة للفضاء أواخر عام 2017 أنا شخصيا أجريت 80 تجربة علمية فى هذه الرحلة. بالإضافة لذلك فإننا نقوم بمهام أخرى يوميا طوال وجودنا بمحطة الفضاء مثل التعامل مع كافة الأعطال التى قد تحدث مثل السباكة وإصلاح الكهرباء حتى التنظيف اليومى لأماكن عملنا ونومنا والمراحيض فنحن مسئولون عن كل شيء ولا يوجد من يساعدنا فى تلك المهام. مع كل تجربة فشلت من خلالها فى التأهل لتكون رائد فضاء كيف كنت تحفز نفسك لتصل لحلمك؟ أمى كانت دائما تصفنى بأننى دءوب وأصر على هدفى حتى أصل له بالتأكيد واجهت صعوبات كثيرة على مدار 20 عاما حتى أتأهل علميا وأتعلم من أخطائى فى كل اختبار مررت به وكما تعرف فإن المنافسة شديدة جدا لاختيار أفضل اثنين من بين آلاف المتقدمين لاختبارات التأهل للعمل كرائد فضاء. ولقد حرصت ألا أوقف حياتى مع كل إخفاق فى التأهل كرائد فضاء وأن أسعد بعملى وأبحاثى كمهندس ميكانيكا حيث عملت لسنوات فى الوكالة الإيطالية لأبحاث الفضاء فى معامل البحوث والتطوير لتصنيع الأقمار الصناعية. كما عملت فى كولون بألمانيا فى الوكالة الأوروبية لأبحاث الفضاء كمهندس لتدريب رواد الفضاء على مدار ست سنوات، وخلال تلك الفترة أتيحت لى المشاركة فى العديد من التدريبات مع رواد الفضاء فى بيئات مختلفة مثل التعايش فى كبسولة تحت البحر وغيرها من التدريبات الشاقة. ألم تكن قلقا من السفر للفضاء وأنت فى الخمسين؟ من المعروف أن السفر للفضاء يعرض الإنسان لبعض المتاعب الصحية القليلة والمحسوبة. إلى جانب ذلك فإننا نجرى على أنفسنا بعض التجارب بما يسهم فى زيادة فهمنا لطبيعة الجسم البشري. كما أن هناك تدريبات وعلاجات للحد من تلك المضاعفات وبالنسبة لى فلقد تعرضت لنقص الكالسيوم بالعظام وبعض الإشعاعات كما ضعف نظرى بعض الشيء ولكن كل تلك الأمور طفيفة وغير مؤثرة فالتجربة التى عشتها كانت تستحق ولا أعلم فى حقيقة الأمر كيف تمكنت من السفر للفضاء ثلاث مرات، لقد تعلمت الكثير وخضت تجارب ممتعة من الطيران إلى الغوص ثم السفر للفضاء أفضل شيء من الممكن أن يحدث لإنسان هو أن يحصل على الوظيفة التى تحقق له المتعة الشخصية وأن يتقبل المخاطر المصاحبة لها. إلى جانب ذلك فإن الخبرات السابقة والعلاقات المباشرة مع الباحثين فى وكالات الفضاء أهلتنى لتعلم أمور كثيرة مثل العمل الجماعى وتحمل الضغوط والمواقف الصعبة كل تلك الأمور ضاعفت من فرص سفرى للفضاء أكثر من مرة وخاصة فى الرحلات الطويلة زمنيا. كيف يتم تأهيلكم للمكوث فترة طويلة من الزمن مع عدد محدود من البشر؟ أمر بالغ الصعوبة ولذلك نخضع للعديد من الاختبارات قبل السفر للفضاء كى نتواصل بشكل أفضل ولنتخطى العديد من التحديات وأن نصل جميعنا سالمين للهدف دون أن ينفصل عنا أحد، حيث يتم عزلنا لعدة أيام فى بيئات بالغة الصعوبة منعزلة تماما عن البشر للتعايش والتحرك من مكان لآخر وباستخدام موارد قليلة جدا فى منطقة شديدة البرودة بألاساكا قرب القطب الشمالي، أو داخل كهف فى إيطاليا أو بغواصة بالمحيط قرب سواحل كاليفورنيا. وقد نعمل تحت قيادة من هو أصغرنا سنا أو أقلنا خبرة تلك التجارب بالغة الأهمية وتعلمت منها كثيرا مثل قبول الآخر وبناء الثقة ومعرفة نقاط القوة والضعف لى وللفريق المشارك معى والأهم تحديد الهدف وتخطى صغائر الأمور والتحديات النفسية. نيسبولي خلال حواره مع مندوب الأهرام أخيرا ما نصيحتك للشباب فى مصر والذين يحلمون يوما بالسفر للفضاء؟ أعتقد أن الأجيال الجديدة أكثر حظا لأنه فى السنوات المقبلة سيتاح السفر إلى الفضاء للكثير من البشر دون الحاجة للمزيد من التدريبات والتأهيل مثلما يحدث اليوم. أعتقد أن الأمر سيكون مثل السفر بالطائرة. هناك الكثير من الكواكب والعوالم المجهولة بالنسبة لنا فى الفضاء وهذا الأمر لن يتحقق بدون تركيز والمزيد من البحوث والدراسات وبناء القدرات فلا شيء يتم فى الفضاء بدون عمل جماعى لفريق من خبرات وتخصصات مختلفة. نصيحتى للشباب هى أن يحرصوا على العمل فى فريق وعلى تحدى أنفسهم ويكونوا دءوبين وراء تحقيق هدفهم فالأحلام يمكن تحقيقها. رسالة رائد الفضاء الإيطالى باولو نيسبولى لقراء «الأهرام»