قرر ترامب أن يؤدب الصحف الأمريكية الكبرى منذ عارضت انتخابه واتهمته بالجنون، اختار أن يجعل من تويتر بديلا لها، أعلن كل قراراته منذ انتخابه بتغريدات على تويتر، وكل تغريدة كانت خبرا خطيرا للغاية على طريقة: عض الرجل كلبا.. وأذكر أول مرة أسمع فيها هذا التعبير كانت عام 1974من المرحوم جلال الدين الحمامصى، قال إذا عض كلب إنسانا فهذا ليس خبرا، أما إذا عض الإنسان كلبا فهذا هو الخبر بامتياز، وضحك كل طلاب الدفعة، وقال لنا أن راندولف هيرست أبو الصحافة الصفراء رفع توزيع صحيفته ال «جورنال» من 30 ألف نسخة إلى 300 الف نسخة فى بداية القرن الماضى بسبب تطبيق نظرية «عض الإنسان للكلب»، وحينما رشحتنى صوت الجامعة التى كان يصدرها طلاب كلية الإعلام لتغطية أخبار جامعة عين شمس فشلت فشلا ذريعا فى الحصول على أى خبر يصلح للنشر بسبب هذه المقولة، فكلما وجدت خبرا عن ندوة أو رحلة أو حفل تخرج أجد أنه لا يرقى لمستوى عضة الإنسان للكلب، فأعود دون أخبار. ولو تأملت ما فعلته تغريدات ترامب بالعالم العربى فقط خلال الشهور الأخيرة تكتشف أنها كانت من نوع عض الإنسان للكلب، وكأنه ينتقم من أبى الصحافة الصفراء، فقراره إطلاق صفقة القرن لحل مشكلة فلسطين نهائيا بدأ بتغريدة، يومها انطلقت أحلامنا بقرب السلام الشامل وحل المشكلة الفلسطينية، وفعلا صدق الرجل وعده، وبدأ عملية الحل على طريقته بتغريدة عن نيته نقل سفارة بلاده إلى القدس والاعتراف بها عاصمة للدولة اليهودية، رغم أنف العالم الإسلامى والعربى والقوانين والقرارات الدولية، وبعده جاء قراره الانسحاب من سوريا بتغريدة ثم قرر تعليق الانسحاب حتى إطلاق الدواعش من سجون سوريا وترحيلهم إلى بلادهم بتغريدة، وفى الوقت الذى اتهم فيه دولا عربية بالتعاون مع كوريا الشمالية بتغريدة التقى فى فبراير الماضى للمرة الثانية بالرئيس الكورى الشمالى (وهى نفس العاصمة هانوى التى شهدت هزيمة نيكسون فى حرب فيتنام وانسحابه منها على أيدى رجال مقاومة حقيقية، استخدموا كل تكنيكات حرب العصابات حتى عاد جنود أمريكا فى نعوش فيما سمته الصحافة الأمريكية كارثة «حرب البراغيث» بقيادة البطل هوشى منه)، ثم فجأة أنهى ترامب الاجتماع مع صديقه الكورى الشمالى لأن الزعيم الشاب كيم جونج أون اشترط أن ترفع أمريكا كل العقوبات عن بلاده قبل خلع مسمار واحد فى أى مفاعل نووى، وغرد ترامب: أحيانا لابد أن تمشى بعد رفض الزعيم الكورى تفكيك جانب من أسلحته النووية قبل الرفع الشامل للعقوبات على بلاده..لكن الصحافة الغربية تجاهلت تغريدته واهتمت فقط بحجم طبق الهامبورجر الذى تركه كيم دون أن يلمسه بعد فشل المحادثات، ثم جاءت موجة التغريدات الأخيرة من ترامب التى كشفت مؤامرة صفقة القرن قبل أن تبدأ حين غرد أنه: حان وقت الاعتراف الكامل بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان لأن لها أهمية استراتيجية لإسرائيل والاستقرار الإقليمى، وكشف الإعلام الغربى أن الصفقة لانقاذ نيتانياهو المترنح فى الانتخابات، وبحث عن موقف عربى فلم يجد إلا أخبارا عادية عن ندوات ورحلات وشجب وإدانات، فعاد مرة أخرى ينتظر «فعل» من «هوشى منه» عربى على طريقة عض الرجل كلبا فلم يجد إلا تغريدة نيتانياهو «تسعى إيران لاستخدام سوريا منصة لتدمير إسرائيل فيعترف الرئيس ترامب بجرأة بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان شكرا سيادة الرئيس» وبعد أن فرغ بومبيو وزير خارجية امريكا من زيارة حائط المبكى فى القدسالمحتلة مرتديا القلنسوة اليهودية «غرد» لقناة العربية بأننا نأسف لتساهل إدارتنا السابقة فى كبح جماح إيران وحزب الله وبشر بأن الصراع سيحل بين الفلسطينيين وإسرائيل قريبا، بشرط دعم التحالف ضد إيران بإنهاء دول الخليج الثلاث مقاطعتها لإمارة قطر! التى تمول الجيش السورى الحر وتدعم جماعة الإخوان الإرهابية وجيش والنصرة! وكشفت «الاندبندنت» و«واشنطن بوست» عن عداء ترامب للمسلمين حين غرد بفتور على جريمة مسجدى نيوزيلندا«إعلام الأخبار الكاذبة يحملنى مسئولية الهجوم المرعب»، وإعتبرته خبراً عاديا على طريقة عض الكلب رجلا، لكنه جاء فى الوقت الذى بارك فيه بومبيو أقوى شراكة إقليمية فى العالم تضم قبرص واليونان وإسرائيل لحماية آبار الغاز فى البحر المتوسط! وأمس بعد التوقيع الرسمى لقرار الاعتراف الأمريكى بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان، خص ترامب تويتر بتغريداته فى صفعة القرن للصحافة الورقية، والإعلام القديم الذى تاه فى حرب البراغيث الجديدة!. لمزيد من مقالات أنور عبد اللطيف