المهاجرون المصريون في الدول المتقدمة نمت أعدادهم في العقود الثلاثة الأخيرة التي ضاعت خلالها فرصا لا حصر لها في الإستفادة من الطاقات البشرية الخلاقة في الداخل والخارج وبعد ثورة25 يناير باتت فرص الإستفادة من طاقات المهاجرين مفتوحة علي مصراعيها وتعد الجالية المصرية في ولاية كاليفورنيا واحدة من الأمثلة الجلية علي' كنز'ثمين لم يجد طريقه إلي قلب الوطن الأم بعد.وفي زيارة قبل شهور, تعرفت' الأهرام'علي مقومات مجتمع المصريين في مقاطعة واحدة بكاليفورنيا. بداية, أرقام تعداد المهاجرين وأماكن العبادة وحجم انشطة ورجال الأعمال والأكاديميين والمهنيين المصريين في مقاطعة لوس أنجلوس في جنوب ولاية كاليفورنيا الأمريكية تصيب الزائر بالدهشة بسبب القليل مما نعرفه عنها, رغم أن تلك الجالية التي يصل تعدادها إلي نصف مليون مصري من المهاجرين علي مدي نصف قرن يمكن أن تكون هي الأكبر خارج مصر بالنسبة للمهاجرين هجرة كاملة وليس مؤقتة مثلما هو الحال في بعض دول الخليج. الأرقام المتوافرة من القنصلية المصرية التي إنتقلت مؤخرا من مدينة سان فرانسيسكو في شمال الولاية إلي مدينة لوس أنجلوس ومن عدد المساجد والكنائس المصرية تؤكد ان أعداد المصريين في المنطقة يفوق بكثير التقديرات المتحفظة أو المتعارف عليه عن حجم الجالية المصرية في الولاياتالمتحدة وهو ما يرفع سقف التعداد الإجمالي للمصريين في الولاياتالمتحدة إلي ثلاثة ارباع المليون نسمة. وفي المدينة الساحرة بطقسها المعتدل ونسمات هوليوود, عاصمة السينما العالمية, التي تلف شوارعها بنكهة خاصة مميزة, عثرت علي' كنز'من المصريين العاشقين لوطنهم مهما طال السفر ومهما بعدت المسافات ومهما كانت إغراءات الوطن البديل. نمادج مشرقة في كل المجالات من عالم البيزنيس إلي الأساتذة المنتشرين في الجامعات الأشهر في العالم مثل جامعة جنوب كاليفورنيا الذائعة الصيت.يقول السفير هشام النقيب قنصل مصر العام في لوس أنجلوس أن الجالية المصرية اليوم تمر بمرحلة ظهور الجيل الرابع من المهاجرين وهو الجيل الدي يحتاج إلي طريقة مختلفة في التقرب منه.ويضيف النقيب' هدا الجيل يشكل رصيدا هائلا ينبغي إستثماره من أجل مساعدة المجتمع المصري في الداخل علي الإستفادة من قدراتهم العلمية والبحثية والمعرفية والمادية أيضا'.وعن مفاجأة حجم تعداد المصريين في منطقة جنوب كاليفورنيا والمشهور عنها الثراء والتقدم العلمي, يقول السفير النقيب' معرفة أرقام دور العبادة المصرية من كنائس أرثوذكسية وبروتستانتية يصل عددها إلي73 كنيسة وعدد المساجد ويبلغ56 مسجدا يتردد عليها المصريون يؤكد الوجود الغير عادي للمهاجرين في كاليفورنيا والذي يعود إلي أكثر من أربعة عقود'.ويشير النقيب إلي رصيد مهم في العلاقة بين المصريين في الخارج ويقول أن الصلات بين المسيحيين والمسلمين من أبناء الجالية تمتاز بالدفء والاستقرار وعدم التأثر بسهولة بالأحداث التي تعكر صفو العلاقة ويرجع ذلك إلي إرتفاع المستوي الثقافي والتعليمي للمهاجرين في تلك المنطقة.ويشير إلي دور الدكتور ماهر حتحوت رئيس مجلس الشئون العامة الاسلامية في جنوب كاليفورنيا والأنبا سرابيون أسقف الكنيسة المصرية في تهيئة الأجواء لعلاقات جيدة بين أبناء مصر في لوس أنجلوس وضواحيها. وتضم مقاطعة لوس أنجلوس88 بلدة ومدينة وهي من أكبر المقاطعات في الولاياتالمتحدة وهناك عمدة من أصل مصري هو' الان منصور'خاض إنتخابات المحلس التشريعي لولاية كاليفورنيا عن الحزب الجمهوري.وفي ظل الأعداد الكبيرة للأقباط في المقاطعة, ظهرت قنوات دينية مسيحية ناطقة بالعربية تبث إرسالها عبرالأقمار الصناعية من مناطق بجنوب كاليفورنيا لتصل إلي مصر والشرق الأوسط.ويعود الدكتور وصفي شندي-المدير السابق لجهاز حماية البيئة في مقاطعة لوس أنجلوس-إلي تاريخ الهجرات المصرية للمقاطعة ويقول إنه حضر إلي لوس أنجلوس قبل84 عاما وأن'طلائع المصريين كانت مبشرة وواعدة ومن الأمثلة علي ذلك عالم نوبل الشهير أحمد زويل والدكتور العالم مصطفي السيد وأخرون'.ويعيب الدكتور شندي في العلاقة بين المهاجرين والوطن الأم غياب' الإستمرارية'في تعزيز الروابط نتيجة عدم إكتراث أجهزة الدولة بمخاطبة الجالية الضخمة وتغليب ثقافة البيروقراطية علي الحلول الخلاقة.ويقول شندي أن هناك عدد من إتفاقيات الإخاء التي أسهم في التوقيع عليها مثل إتفاقية التآخي بين محافظة الجيزة ومدينة لوس أنجلوس وإتفاقية التآخي بين محافظة القاهرة ومقاطعة لوس أنجلوس وهي إتفاقيات تعود بالنفع علي مصر في صورة برامج مشتركة وخبرات في التدريب وإنتقال التكنولوجيا والترويج السياحي.ويحول رجل الأعمال الشاب سليمان سليمان أو سام-كما يناديه الأمريكيون-دفة الحوار إلي رغبته في تذليل العقبات أمام تدفق استثمارات المصريين من المهاجرين علي بلدهم ويقول أن البيروقراطية تعوق الرغبة الصادقة للكثيرين في الإستثمار في مصر. ويوضح سليمان- من مواليد الإسكندرية- إن القوانين العصرية تتكسر علي أعتاب الموظفين البيروقراطيين الدين يصيبون المستثمرين بالإحباط ويضرب سليمان المثال بحضوره إلي الولاياتالمتحدة في سن صغيرة, ويقول' بجرأة طلبت من أحد المصريين في كاليفورنيا منحي فرصة لبدء بيزنيس خاص بي يتكلف الملايين من الدولارات, فكان رد رجل الأعمال هو تقديم العون رغم عدم سابق معرفته بمهاجر صغير حضر للتو من مصر'. اليوم, وبعد الثورة لم تعد هناك مبررات للتقصير في الإستفادة من قدرات الجالية الكبيرة الغنية بكل المقومات وتحتاج مصر إلي خطة متكاملة للوصول إلي أبنائها في واحدة من أكثر المناطق تقدما في العالم.