* الأهالى: نفترش الشارع بعد أن «بعنا» الأبواب والمنقولات..ومشكلتنا 4600 جنيه * رئيس الحى: البعض يقطع الطريق ويعطل الإزالة.. والتسكين مستمر
قبل سنوات.. نجحت الدولة فى إزالة العديد من المناطق العشوائية، وتحويلها إلى مناطق تنموية، وكانت منطقة أكشاك أبو السعود العشوائية المكتظة بالأهالى، من الحرفيين والبسطاء، ضمن مخطط الدولة لتطويرها وتنميتها؛ بهدف تحويلها الى منطقة سياحية، وإحياء الطابع التاريخى وإعادة رونقها الحضارى، لكن لم يصبها الدور، أو ربما سقطت من حسابات المسئولين، إما لضعف الموازنة أو لتغيير خريطة الأولويات، فلا أحد يعلم، لكن الأكيد أن منطقة أكشاك أبوالسعود السكنية صارت مأساة إنسانية.. خاصة بعد أن تم تسكين 137 من 450 أسرة.
حين تطأ قدماك حى مصر القديمة، تظن للوهلة الأولى أنك فى منطقة ذات طابع أثرى خالص، ففيه تجد سور مجرى العيون، وقصر محمد على، والكنيسة المعلقة، وكنيسة أبى سرجة، بالإضافة إلى مسجد «عمرو بن العاص»، الأقدم فى إفريقيا، ولكن إذا وقع نظرك على منطقة «أبو السعود» فترى مبان عشوائية فى كل مكان، جدرانها متهالكة ومهدمة وشوارعها ترابية غير ممهدة، كما أن بها مدرسة وسط تلك البيوت، سورها من الصاج الحديد، حالها يعبر عن أوضاع ساكنها. مأساة سكان أكشاك أبو السعود يرويها أهالى المنطقة كما لو كانوا يصرخون ويستغيثون، حيث يقول محمد زغلول شاب يسكن عشة: لا نعترض على نقلنا لمناطق أخرى أكثر تحضرا، على العكس نحن نسعى لذلك، ولكن لماذا أوقفوا إزالة البيوت لتسكيننا بالشقق البديلة، لقد جاء مسئول بالحى لتفقد أوضاعنا، وقال: لابد من تدبير مبلغ 4600 جنيه لتخصيص شقق بديلة لبيوتكم، «بيعوا عفش بيوتكم علشان نقدر نوفر لكم شقق وحياة كريمة»، وقام أهالى أبوالسعود ببيع كل مايملكون ويعيشون على الأرض. ويقول أحمد كامل من الأهالى أملنا الآن الانتقال لشقق الاسمرات البديلة عن بيوتنا، وبالفعل تم تسكين ما يزيد على 100 أسرة، ولا ندرى ما المانع فى استكمال عملية الإزالة والتسكين، خاصة أننا نعيش فى الشارع بعد أن بعنا محتويات شققنا، حتى الابواب والشبابيك أبعناها لكى نكمل المبالغ المطلوبة، موجها كلامه لرئيس الحى: تعالى عيش مكانى يومين فى الشارع وسط هذه الظروف.. هل ستتحمل؟. ويقول: نعيش فى الشارع منذ شهر تقريبا، ولا أحد يسعى لحل المشكلات التى تواجه عملية إزالة العشش، ولا يوجد مسئول يرد علينا بشكل واضح، نروح لمين؟، مضيفا: لابد من وجود أمر إزالة لبيوت المنطقة بأكملها، لأنه تم عمل حصر وترقيم لها منذ 3 أشهر استعدادا لانتقالنا للشقق البديلة، وما يحدث على أرض الواقع انهم يقومون بهدم بعض البيوت ويتركون البيوت المجاورة لها، حيث تتم عملية الإزالة بشكل عشوائى، مما أضر بالمنطقة كلها، وذهبنا لرئيس الحى وطلبنا منه تحديد ميعاد لانتقالنا للشقق البديلة، حتى يعرف كل منا متى سيرحل؟، وحتى ذلك الميعاد يمكننا أن نتعايش ونصبر على وضعنا، كان رده.. «ان شاء الله، القرار مش فى إيدى، الحى جهة «تنفيذية» وكل اللى أقدر عليه أوصل صوتكم»! بينما يقول محمد فرحات: نحن 3 أسر نعيش فى بيت من شقتين، وعددنا 12 فردا، والحى يريد أن يعطينا شقة واحدة، كيف نعيش بعددنا هذا فى شقة صغيرة، فى حين أن هناك أشخاصا ليسوا من سكان المنطقة وتمكنوا من استخراج بطاقات تحمل بيانات محل إقامة بمنطقة أبوالسعود، وتمكنوا من حجز الشقق الجديدة بل وانتقلوا إليها أيضا. وأكد عدد من الأهالى أنهم ذهبوا إلى حى الأسمرات لكى يروا الشقق التى سيتم نقلهم إليها للتأكد منها، وان مسئول بالحى قال لهم: إنه مستعد لاستقبالهم جميعا وتسكينهم، وأنه «متوقف فقط على الاستلام»، ولكن الصدمة ظهرت على وجوههم حين قال: «يجب قبل نقلكم أن تسددوا مبلغ 4600 جنيه مقدم حجز الشقة، ومن لم يستطع توفير المبلغ فليبع عفشه ومقتنياته»، وقام الأهالى ببيع الأبواب والشبابيك التى تحميهم. معرضون للخطر سبقت الدموع كلماتها القليلة التى تعبر عن حسرتها، حين قالت ماجدة فرج 47 عاما أن لديها 3 أبناء معرضين للخطر بعد أن هدم سقف المنزل، وأصبحوا دون حماية، خاصة وأننا بعنا كل ما نملك للانتقال للشقق البديلة، وننام حاليا على الأرض. ومثلما تجد مواقف حزينة تجد أخرى يعجز الصغير والكبير عن فهمها، فيقول محمد إبراهيم فى العقد الخامس من عمره ومطلق أنه يعيش هنا مع والده من 50 عاما، ولكن المسئولين قالوا له لكى تحصل على شقة يجب أن تتزوج وتأتى لنا بقسيمة الزواج، ويتعجب «لأنى غير متزوج أعيش فى الشارع» ! الورش والمحال ولم تتوقف المشكلة عند أصحاب المنازل فقط، بل أيضا أصحاب الورش والمحال التى تفتح أبوابها للرزق، حيث يقول نور محمد عبدالرحيم صاحب ورشة تصليح سيارات إنه لا يعمل منذ بدء عمليات الهدم، خاصة أنهم قطعوا المياه والكهرباء بعد أن حدث اشتعال كابل الكهرباء فى أحد المنازل الذى تفحم عن آخره أثناء هدمه، ولا نستطيع الآن أن نحصل على قوت أولادنا، فماذا نفعل والفقر يعشش بين جدران بيوتنا؟ وتقول هند رفاعي: لدى 3 بنات وتم هدم البيوت المجاورة لبيتى من كل جانب، وتم قطع الكهرباء والمياه، بالاضافة إلى حدوث شروخ فى جدران وأسقف البيت، وعندما جاء بعض المسئولين بالحى وشاهدوا حالة البيوت غير الآدمية التى نعيش فيها قالوا لو حصل حاجة هنتصرف؟ هل ينتظرون أن تحدث مصيبة أو نموت فى مكاننا حتى يتصرفوا!! أين الوعد؟ وتقول وفاء محمد رمضان: بعت كل ما أملكه ولم أستطع استكمال ال 4600 جنيه، كل ما معى 2500 جنيه فقط، فهل يأخذونهم منى وينقلونى وربنا يفرجها علينا ندفع فيما بعد دبرونى بالله عليكم من يرحمنى؟ كوم تراب يقول على عبدالفضيل جابر: لدى أسرة صغيرة مكونة من زوجة وطفلين، وتم تخصيص شقة فى الأسمرات، وفرحت وذهبت إلى هناك لأستلم شقتى الجديدة، لكنى لم أجد أسمى ضمن الكشوف، وعندما رجعت الى بيتى وجدته «كوم تراب»، فقد هدمه لودر الحى اعتقادا منهم اننى استلمت شقة بالاسمرات، والآن أحتمى وأسرتى بسلالم البيت التى لاتزال قائمة، كيف يقول لى اى مسئول سواء فى الحى او غيره إننى غير مستحق؟. تعطيل الإزالة حملنا شكاوى الأهالى إلى اللواء علاء خليل رئيس حى مصر القديمة للرد فقال: إن هدم منطقة أكشاك أبو السعود وتطويرها وجعلها منطقة سياحية تنموية يأتى ضمن خطة لإزالة المناطق العشوائية، وطبقا لقرار رئيس مجلس الوزراء، وليس من مصلحة أى طرف وقف عملية الإزالة التى بدأت، ويتهم رئيس الحى أهالى ابو السعود بأنهم المتسببون فى تعطيل عملية الهدم، وقال نحن قمنا بتسكين 115 أسرة وتم إزالة بيوتهم، واضطررنا لوقف الهدم فترة بسيطة، فقام أهالى المنطقة بقطع الطريق كمحاولة منهم للضغط علينا لاستكمال الهدم فتوقفنا. وتساءل لمصلحة من تعطيل مشروع تطوير المنطقة، وقال اجتمعت بالأهالى أكثر من مرة لإثنائهم عن الأفعال التى يقومون بها من قطع الطريق وغيره لاستكمال المشروع، ولكن دون جدوى. وأضاف رئيس الحى: نتعامل مع هذه المنطقة بنظام معين فالأسرة التى يتم تخصيص وحدة سكنية لها فى الأسمرات من خلال كشوف تثبت أن أوراقهم سليمة، يتم إخلاء منزلها وهدمه، وقمنا بهدم 70 عقارا يضم 115 أسرة تم نقلهم للشقق البديلة بحى الاسمرات، وكانت الامور تسير على ما يرام، وذهبت للبيوت التى تم الاتفاق معها على نقلهم الى الشقق البديلة، وفوجئت بقيام الأهالى بالاتفاق مع مقاول من الباطن لبيع محتويات الشقق والأبواب والشبابيك للضغط علينا لسرعة انتقالهم للشقق البديلة، وأنا لم أطلب منهم ذلك، لأننى لا أعلم من المستحق فيهم من غير المستحق، ولم يسجلوا أسماءهم ولم يأت الدور عليهم لاستيفاء الشروط للانتقال. وواجهنا رئيس الحى بأن جميع أهالى أبوالسعود أقروا أن مسئولا بالحى هو من نصحهم ببيع محتويات بيوتهم، من أثاث وأجهزة كهربائية لاستكمال المبلغ المطلوب للانتقال للشقق البديلة؟ قال هل يعقل أن يقول مسئول ذلك، لا لم يطلب منهم ذلك، لاننا مقيدون بكشوف محدد بها أسماء معينة، ويتم إرسالها الى المحافظة والجهات الأخرى للاستعلام، وإلى الآن لم نتعامل مع أى شخص من الأهالى غير المستحقين،الأهالى قاموا بذلك لأنهم ليس لديهم ما يكفى لسداد مبلغ 4600 جنيه، ويقول رئيس الحي: هذا المبلغ مقابل رسوم غاز وكهرباء بالشقق الجديدة، ومساحة الشقة 75 مترا وثمنها الحقيقى 750 الف جنيه؛ لأنها جاهزة من جميع الكماليات حتى العفش، لكن نحن كجهة مسئولة ليس لنا علاقة من قريب أو بعيد ببيع محتويات بيوتهم. وعن قطع الكهرباء والمياه عن المنطقة، قال اللواء علاء، إن الاكشاك بنيت بشكل عشوائى وكل بيت كان يسرق التوصيلات من البيت المجاور له مواسير مياه وأسلاك كهرباء، وذلك يمثل خطورة أيضا على حياتهم. وصول مخاوف اهالى أبوالسعود من احتمال عدم انتقالهم جميعا الى شقق الاسمرات، قال رئيس الحى: بالفعل هناك البعض غير مستحقين ووضعهم غير قانونى، فالذى لديه شقة نعطيه فى المقابل شقة، ولا دخل لنا بعدد الأفراد الذين يعيشون داخل الشقة. وأضاف ليس عندى حصر بعدد الوحدات السكنية فى الأسمرات وهل هى تستوعب جميع الأسر بمنطقة أبو السعود ام لا، نحن نعمل الآن فى مرحلة بها 50 أسرة سيتم نقلهم الفترة القادمة، وقمنا فى المرحلة السابقة بتسكين 115 أسرة. وإختتم رئيس الحي: من مصلحتنا تنفيذ قرار رئيس مجلس الوزراء بإخلاء المنطقة قبل 30 مارس الحالى، ولو لم تحدث مشكلات كنا أتممنا عملية التطوير المخطط لها وفقا للجدول الزمنى. أخيرا بعد أن عرضنا هذه المشكلة، «الأهرام» تناشد الدكتورة غادة والى وزيرة التضامن الإجتماعى والجمعيات الخيرية وأصحاب القلوب الرحيمة، مساعدة هؤلاء المواطنين الذين أصبحوا معدومين وعاجزين عن سداد 4600 جنيه لكل أسرة تنهى مشكلاتها.