إعاقته حالت دون التحاقه بكلية عملية.. فأصبح خبيرا فى الحاسب الآلى نعم ضرير لكنه استطاع أن يكون مبصرا ربما اكثر من أولئك الذين يسمون أنفسهم «اصحاب النظر».. حياته ومسيرته تؤكد أنه قادر وطموح واستثنائى بكل ما تحمله الكلمة من معنى.. لقد حول الاعاقة الى دافع أكيد ليكون مدرباً للمبصرين فى علوم الحاسب الآلى.. هو المعتز بالله عبدالنبى ابن أبو تيج الذى تحدث للأهرام فقال «ولدت أعانى من مياه بيضاء بالعينين وبعد 6 أشهر من مولدى أجريت لى عملية جراحية انتهت بفقدى البصر، وتقبلت أسرتى الوضع وعاملتنى على أننى بلا إعاقة وهو ما كان له دور كبير فى حياتى ونمو شخصيتى، وبدأت بالفعل أرى بأذنى الواقع المحيط وكانت أسرتى تساعدنى على التجريب وكلما جاء صنايعى أو فنى لإصلاح أى شىء كنت أقف بجواره وأسأله فى كل شىء حتى تمكنت من الإلمام بكثير من الأمور الخاصة بالأجهزة المنزلية وكنت أقوم بتصليح «الريسيفر والدش» فى منزلنا والتحقت بالأزهر الشريف لأتمكن من استكمال دراستى حتى حصلت على ليسانس كلية أصول الدين والدعوة سنة 2010 بعدما حالت إعاقتى دون التحاقى بكلية عملية ومنها الحاسب الآلى لتكون هواية تدعمها الدراسة. وكما فعلت مع الفنيين فى صغرى كان لى قريب طالب بكلية الهندسة يأتى لتعليم إخوتى مبادئ الكمبيوتر وكنت اجلس لأستمع وأسأله فى كل ما يتعلق بالكمبيوتر وحفظت أماكن الملفات الموجودة على الكمبيوتر لتشغيلها بمفردى. والتحقت عام 2004 بدورة لتعليم المكفوفين الكمبيوتر بالقاهرة لمدة أسبوعين وكانت بدائية جدا حفظونا خلالها لوحة المفاتيح وبعض المعلومات عن نظام الوندوز وبدأت أتعلم وكان البرنامج الذى نقوم بالتدريب عليه سعره 18 ألف جنيه وأراد والدى شراءه لى فرفضت لارتفاع التكلفة مقارنة ب 3.5 ألف سعر جهاز الكمبيوتر وقتها وبالفعل بدأت أبحث عن بدائل حتى حصلت على برنامج مجانى ولكنه كان باللغة الانجليزية وبدأت أُحضر محاضرات وأدرب نفسى عليها وظللت كذلك لمدة 4 سنوات حتى تمكنت فى 2008 من توصيل الإنترنت وكانت نافذة كبيرة على العالم المحيط وتعرفت على عالم مختلف. يستكمل معتز كلامه أنه بعد فترة بدأ يلقى محاضرات على الإنترنت ووجد أن هناك فجوة كبيرة بين المدربين الموجودين والمبتدئين، فتبنى المبتدئين واستمر الأمر لمدة عامين كان قد انتهى فيها من الدراسة الجامعية، واتجه لتدريب المكفوفين على الحاسب الآلى بإحدى الجمعيات الاهلية بمدينة ابوتيج واستمر الأمر لمدة عامين حيث التقى عام 2012 بسكرتير عام محافظة أسيوط» رآنى وأنا أدرب مجموعة من المبصرين داخل الجمعية فطلب منى التدريب بالمركز الموجود بديوان عام المحافظة وبالفعل ذهبت والتقيت القائمين عليه ولكن شعرت باستغراب من مدير المركز وقتها فأخبرته بخبرتى فى هذا المجال فطلب منى نموذجا وجاء لى بجهاز غير ناطق وعلى مضض سلم بالأمر الواقع وسلمنى مجموعة من العاملين بالدولة لتدريبهم على نظام ال «وورد»، وقد خصص إحدى العاملات بالمركز كمساعدة مدرب لعدم الثقة، وبعدما أنهيت التدريب كانت المفاجأة لهم أن مجموعتى حققت أعلى النتائج وحصلت على أفضل مدرب فى هذا الشهر على مستوى المركز ثم أعطونى مجموعة للتدريب على الإنترنت وكانت مثل سابقتها وحصلوا على درجات مرتفعة. وفى عام 2013 تسلمت العمل بالتربية والتعليم فتركت التدريب وامتنعت عن أخذ مجموعات فى المركز وبعدها تواصل معى أحد المراكز الحكومية لتدريب المكفوفين وبدأنا من 2013 حتى الآن..وسافرت للتدريب فى الشرقية ودمياط وقنا والوادى الجديد وأسوان والإسكندرية مكفوفين ومبصرين وأعتمد فى حركتى على العصا البيضاء والتكنولوجيا فى التنقل لهذه الأماكن. وقال معتز للأسف نظام التعليم فى الأزهر لم يكن مشجعا لى ولولا رغبتى فى الحصول على شهادة جامعية لتركت التعليم ومازلت أتذكر ذلك الموقف عندما كنت طالبا فى الفرقة الأولى وبينما كنت فى امتحان شفوى وأخطأت فى تشكيل كلمة وجدت الدكتور يسخر منى.. وقد كانت رغبة والدى أن أكمل تعليمى فى الدراسات العليا خصوصا أننى كنت متفوقا ولكن بعد هذا الموقف تغيرت نظرتى تماما تجاه الجامعة وبعد تخرجى طلبت من جار موظف بالجامعة سحب الملف لى حتى لا أذهب إلى هناك. حياتى قائمة على التعامل وفقا للمواقف ولذلك ليس هناك مواقف صعبة فكل موقف وله ردود فعله وربما كان أصعب المواقف عندما كنت أبحث عن عمل بعد الانتهاء من الجامعة وكانت الأبواب مغلقة وتقدمت لعدة أماكن حتى عندما فكرت فى مركز تدريب المكفوفين بالجامعة رفضوا ووفقا لقدراتى من الممكن تدريس حاسب آلى خصوصا أننى حاصل على شهادة مدرب معتمد من إحدى الهيئات الأجنبية المتخصصة، ومدرب معتمد فى مجال علوم الحاسب الآلى للمكفوفين لدى إحدى الجهات الحكومية رفيعة المستوى فرع نظم المعلومات. وماذا عن الدور المجتمعى، أجاب المعتز بالله قمت ومعى بعض الأصدقاء بتأسيس جمعية الابتسام للأشخاص ذوى الإعاقة وتنمية المجتمع وأتولى منصب نائب رئيس مجلس إدارة الجمعية ومدرب فى مجال حقوق الأشخاص ذوى الإعاقة. وأعمل متطوعا فى جمعية النور والأمل لرعاية الفتيات الكفيفات بأسيوط كمدرب كمبيوتر للمكفوفين والمبصرين، ومتطوعا بالاتحاد النوعى لجمعيات الأشخاص ذوى الإعاقة بأسيوط كمسئول إعلامى ومسئول اتصال ومسئول توثيق، وقمت بتمثيل مصر فى مؤتمر هيئة الإعاقة الدولية الذى أقيم فى مدغشقر عام 2011 حول المشروعات التى نفذتها الهيئة فى مجال الإعاقة فى الدول العاملة بها والعمل ضمن فريق إدارة قناة «كفيف دمه خفيف» على الإنترنت.