(الشيطنة) المتبادلة للآراء والمعتقدات بين غلاة اليمين المتطرف فى كلا العالمين الإسلامى والغربى هى السبب الرئيسى لوقوع مذبحة المسجد فى نيوزيلندا، وقبلها دماء أخرى سقطت فى ميانمار والبوسنة وكوسوفا وغيرها، و(الشيطنة) مسئولة أيضا عن الأرواح التى سقطت فى هجمات بفرنسا وبلجيكا وانجلترا وغيرها من المواقع فى الغرب، وستكون وراء هجمات انتقامية متبادلة قادمة!. و(الشيطنة) رداء تدثر به البعض فى عالمنا الإسلامى وهم يتحسسون رد الفعل الغربى على مذبحة المسجد، يلقون باتهامات دعم الإرهاب على أى مسئول غربى لم تبلغ إدانته للمذبحة الدرجة التى تطفئ النيران التى اشتعلت بالصدور، ولا نحسبها تنطفئ ولو بأشد الإدانات صدقا وعفوية. و(الشيطنة) وراء تبنى عتاة اليمين المتطرف فى الغرب النموذج (الداعشي) فى هجماتهم ضد المسلمين، فإذا كان تنظيم (الدولة) يحرص على تسجيل هجماته فى قلب العواصمالغربية لبثها على شبكات التواصل والترويج على أنها حرب بين الإسلام وأوروبا، فإن منفذ هجوم نيوزيلندا حرص على تسجيل الهجوم زاعما أنه يسجل حلقة جديدة من الصراع بين الغرب والعالم الإسلامي. ويهمنا فى هذا الصدد ما ذكره مرصد الإسلاموفوبيا التابع لدار الإفتاء المصرية، نقلا عن دراسات علمية غربية أثبتت وجود علاقة ارتباطية مباشرة بين جرائم الإسلاموفوبيا واليمين العنصرى وبين تنامى تأييد داعش فى الغرب. فقد أثبتت الدراسات المدعومة بأرقام إحصائية أن المناطق التى تسكنها جاليات إسلامية فى فرنسا وبلجيكا وانجلترا تزداد فيها معدلات التطرف ودعم داعش كلما كانت تلك المناطق تخضع لليمين العنصرى وتمنحه أصواتها فى الانتخابات. فالمناطق التى تشهد تصويتًا كثيفًا لأحزاب اليمين المتطرف تزداد فيها الكراهية ضد المسلمين والاعتداءات على المساجد، أى أن الإرهاب والإسلاموفوبيا وجهان لعملة واحدة، كلاهما يتغذى على الكراهية و(شيطنة) الآخر. وإذا كنا ندعو الغرب لكبح جماح اليمين المتطرف وتعديل الخطاب الذى يعتبر أى استهداف لمصالحه إرهابا، بينما ينكر تلك الصفة عن الاعتداءات التى تستهدف المسلمين، فإننا فى الوقت نفسه نعيد تأكيد ما طالب به الرئيس السيسى أوروبا خلال مؤتمر ميونيخ للأمن، بحماية المساجد من جماعات التطرف التى تنشر العنف بين روادها، وتجعلهم بالتالى هدفا لليمين المتطرف المصاب بسعار الإسلاموفوبيا. [email protected] [email protected] لمزيد من مقالات شريف عابدين