انطلق جرار طائش بلا سائق صوب رصيف محطة القطارات التاريخية فى رمسيس لينشب حريق مدمر ويسقط ضحايا بين قتيل وجريح ويستقيل وزير النقل، وكان من المنطقى أن تتجه الأنظار نحو الفاعل، وأن تتهاوى الأسئلة فوق رأس هيئة السكك الحديدية ووزارة النقل بحثا عن "الفاعل"، وأخذ القضاء مجراه، ولكن الغريب كان ظهور رسالة مكثفة فى شتى وسائل الإعلام وغالبية التصريحات مطالبة بتطوير السكك الحديدية فى مصر. كان ظهور الرسالة وتوجيهها إلى الرأى العام غريبا، فقد سبق، وأن تم الإعلان رسميا عن خطط تطوير مرفق السكك الحديدية والتكلفة المطلوبة. كانت الأصوات الضاغطة تطالب بضخ المزيد من المليارات فى المرفق الحيوى، وبدا من الواضح أن تلك الأصوات تستغل كل حادث يشهده المرفق الحيوى الذى ينقل الملايين يوميا حتى تمارس الضغط من أجل المزيد من الإنفاق. لقد فات الجميع حقيقة واضحة تقول إن الحادث الذى وقع "لم يكن" نتيجة جرار متهالك أو إشارات معطلة أو سكك حديدية متهالكة؛ فما الداعى إلى فتح باب المطالب المالية الإضافية بعد شهور من نشر خطط التطوير، ولماذا الضغط من أجل إنفاق المزيد من مليارات الدولارات على صفقات جديدة "متسرعة"؟!!. الواقع يقول إن هناك شركات عالمية ودول أجنبية حاولت وتحاول أن تدفع بمصر، بل وبالدول العربية، لأن تدخل عنوة فى دوامة الطلب والاستهلاك المتزايد غير المرشد من الصيانة والتطوير المتسرع لدرجة تستهلك أو بالأحرى تستنزف معها كل قرش لدينا. وهكذا يمكن القول إن هناك رغبة قوية فى إجراء فعال ضد جميع الممارسات غير المشروعة داخل هيئة السكك الحديدية بل ووزارة النقل بأكملها، فعلى سبيل المثال لا الحصر يتحرق الشارع المصرى شوقا للكشف عن الصفقات التى تتم لصالح تطوير السكك الحديدية منذ عقود دون أن يكون هناك أثرا ملموسا لذلك التطوير!. الجماهير تريد أن ترى مسئولا يتم التحقيق معه وأن يحاكم إذا أخطأ وأن يثاب ويكرم إذا كان يحسن عمله، والأمر لا يتوقف عند السكك الحديدية؛ فهناك فوضى ال"توك توك" التى تحتاج إلى تنظيم وتقنين، فالعيب ليس فى "التوك توك" وإنما فى طريقة الاستيراد والاستخدام بل والاستثمار فيه، وهناك فوضى "الميكروباص" التى تستنزف جهدا هائلا من إدارة المرور ووزارة الداخلية على مدار سنوات، وهناك فوضى سيارت النقل الخفيف منها والثقيل على الطرق السريعة. لقد حان وقت تطهير السكة الحديد لتنطلق باقتصادنا وشعبنا بسرعات وقدرات القرن ال21. لمزيد من مقالات طارق الشيخ