بدأت وسائل الإعلام الأجنبية المعادية للدولة المصرية رحلتها مع محاولة «فرض الوصاية» على الشعب المصري، من خلال حملتها للتدخل بشكل فج فى قضية التعديلات الدستورية المقترحة، وتحويل حملة التعديلات بأكملها إلى «فزاعة» للرأى العام المحلى والعالمي. فقد أسهبت وكالتا «رويترز» و«أسوشيتدبرس» وشبكة «بى.بى.سى» فى عرض الانتقادات التى يوجهها بعض الأفراد وأصحاب المصالح داخل مصر وخارجها للتعديلات الدستورية، فى محاولة واضحة للإيحاء كذبا باتساع مساحة الرفض الشعبى لها، والترويج للإساءات والشكوك التى تمس مؤسسات الدولة المصرية وصورتها، سعيا منها إلى فرض «الوصاية» على مصر وشعبها، من خلال التلاعب بشعارات الديمقراطية وحقوق الإنسان على النحو الذى دمر دول المنطقة وأشاع الفوضى ونشر الإرهاب بها على مدار السنوات الأخيرة. فقد بثت وكالة «رويترز» تقريرا بتاريخ 5 فبراير 2019 بعنوان «برلمانيون مصريون يمهدون الطريق أمام السيسى للبقاء فى السلطة حتى 2034»، لم تنقل فيه سوى وجهة نظر واحدة فقط، وهى المعارضة للتعديلات، حيث نقلت عن مسئول بمعهد القاهرة لدراسات حقوق الإنسان قوله إن التعديلات الجديدة مصممة لمنح كثير من السلطات للرئيس دون مساءلة. ولكن رويترز كانت أكثر موضوعية فى تقرير بثته بتاريخ 4 فبراير بعنوان «وثيقة .. المقترحات الدستورية قد تسمح للسيسى بالبقاء فى السلطة حتى عام 2034»، إذ نقلت فى سطوره بعض الآراء المؤيدة للتعديلات الدستورية المقترحة، ومن ذلك قول مؤيدى الرئيس إن مد فترة حكمه ضرورة للسماح له بالبقاء لفترة أطول من أجل استكمال خطط التنمية الاقتصادية وضمان استقرار مصر. كانت وكالة «أسوشيتدبرس» أكثر فجاجة فى تناولها للموضوع، إذ بثت بتاريخ 6 فبراير 2019 تقريرا بعنوان «المعارضة المصرية ترفض إجراء مد فترة حكم السيسي»، زعمت فيه أن «اثنين» من زعماء المعارضة، شكلا ائتلافا ضد التعديلات المقترحة على الدستور، وبقراءة تفاصيل التقرير، نفاجأ جميعا بأن «زعيمي» المعارضة هذين ما هما إلا قياديان فى حزب ليس لا وجود له على الأرض، بدليل أن التقرير نفسه تضمن تعليقات من «خبراء» أكدوا أن أحزاب المعارضة فى مصر ضعيفة للغاية! وكانت وكالة أسوشيتدبرس قد سلكت النهج نفسه فى تقرير سابق بثته بتاريخ 5 فبراير عن الموضوع ذاته، نقلت فيه تغريدة محمد البرادعى التى تباكى فيها على «مسار الربيع العربي» الذى سيتم العدول عنه فى حالة إقرار التعديلات الدستورية المقترحة! أما هيئة الإذاعة البريطانية «بي.بي.سي» فكانت أكثر نشاطا فى بث التقارير والبرامج التى تهاجم التعديلات الدستورية، ولا تعرض سوى وجهات نظر المعارضين للتعديلات وحدهم دون غيرهم، فقد بثت تقريرا بتاريخ 5 فبراير بعنوان «نواب البرلمان المصرى يصوتون على مد فترة ولاية الرئيس»، تضمن فقرة تقليدية تصر وسائل الإعلام الغربية على «تلقينها» لجمهورها، تقول إن «الرئيس السيسى يشرف منذ الإطاحة بمحمد مرسي، أول رئيس لمصر منتخب بطريقة ديمقراطية، على ما تصفه المنظمات الحقوقية بحملة قمع غير مسبوقة أدت إلى اعتقال عشرات الآلاف من الأفراد». غير أن الشبكة كانت أكثر موضوعية فى تقريرها الذى بثته بتاريخ 6 فبراير ونقلت فيه انتقادات وجهتها صحف عربية ذات توجهات معروفة لهذه التعديلات الدستورية، ثم نقلت دفاع صحف مصرية عن التعديلات، مؤكدة حاجة البلاد إليها لدعم الاستقرار الأمنى والسياسى بها. ولا ندرى فى هذا الصدد ما هى علاقة «الصحف العربية» بمناقشة الشأن الداخلى الخاص بمصر، وما هى أسماء هذه الصحف؟ وكان أغرب التقارير ما بثته بتاريخ 7 فبراير بعنوان «لماذا أثار مطلب إجراء تعديلات دستورية جدلا فى مصر»، إذ نقلت البى بى سى من خلاله استنكار معارض مصرى للتعديلات المقترحة بدعوى «تعارضها مع الديمقراطية»، رغم أن كل ما يجرى الآن حول هذه التعديلات هو الديمقراطية بعينها! فهل ستفشل محاولات الإعلام الأجنبى لفرض «وصايته» على المصريين، مثلما فشلت جميع محاولاته على مدى سنوات فى تقويض أركان الدولة المصرية وتشويه صورتها أمام العالم؟