"الجبهة الوطنية" يجتمع بمرشحي الحزب في انتخابات الشيوخ لوضع اللمسات الأخيرة    غلق ضريح الإمام الحسين بالقاهرة للصيانة في ذكرى عاشوراء    وظائف برواتب مجزية في 10 محافظات - التخصصات وطريقة التقديم    بعد وفاة السائق، قطار البحيرة يستكمل رحلته    البترول تحذر: "إعلانات التوظيف على مواقع التواصل الاجتماعي وهمية"    الاتحاد الأوروبي: برنامج إيران النووي لا يمتلك أي دافع مدني موثوق    أرسنال يعلن فسخ عقد تومياسو    محافظة القاهرة: إخلاء العقار المجاور لمنزل السيدة عائشة المنهار    كيف نميز بين التهاب الأمعاء والقولون التقرحي؟    أنغام تفتتح ليالي مهرجان العلمين الجديدة 2025    ارتفاع درجات الحرارة وزيادة في الرطوبة، الأرصاد تكشف تفاصيل طقس السبت    معهد تيودور بلهارس ينظم الملتقى المصري الفرنسي لأمراض الجهاز الهضمي والكبد    أسعار الكتاكيت والبط في بورصة الدواجن اليوم الجمعة 4 يوليو 2025    تعديلات الإيجار القديم وفرت الضمانات لملايين المستأجرين.. التفاصيل    جهاز المشروعات يتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لدعم المشروعات الصغيرة    حريق يلتهم محتويات شقة سكنية في العمرانية الشرقية| صور    ضبط 9 أطنان دقيق بلدي مدعم قبل بيعها في السوق السوداء    مصدر أمني: جماعة الإخوان تواصل نشر فيديوهات قديمة    أجهزة المدن الجديدة تواصل ضبط وإزالة وصلات المياه الخلسة وتحصيل المتأخرات    وزير الكهرباء يتابع إطلاق التيار بمحطة محولات «روافع رشيد 2»    احذر.. الحبس وغرامة 100 ألف جنيه عقوبة الامتناع عن تسليم الميراث    تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء.. تحرير 145 مخالفة لمحلات لم تلتزم بقرار الغلق خلال 24 ساعة    «حادث قطار» ينهي حياة مهاجم طلائع الجيش.. تفاصيل صادمة    وزير خارجية السعودية: هناك تعزيز للتعاون الاقتصادي والثقافي على المستوى الشعبي مع روسيا    عمرو دياب يحيي حفلًا ضخمًا ب«مهرجان العلمين».. في هذا الموعد    مصرع طفلة وإصابة 3 أشخاص صدمهم أتوبيس فى الدقهلية    إخلاء سبيل طالبة بالإعدادية تساعد طلاب الثانوية على الغش بالمنوفية    محافظ الإسماعيلية يطلق مبادرة لتخفيض أسعار الأسماك وتنشيط السوق الجديد    باشاك شهير يقترب من ضم مصطفى محمد.. مفاوضات متقدمة لحسم الصفقة    18 يوليو.. أنغام تفتتح الدورة الثالثة لمهرجان العلمين الجديدة 2025    النائب هيثم الشيخ: نطالب بتمهيد الطريق أمام الشباب للتمثيل بالقائمة الوطنية    حمو بيكا يوضح حقيقة اعتزاله الغناء بعد وفاة صديقه المطرب أحمد عامر    برعاية المحافظ.. سائحون يشاركون في معرض التراث بمتحف شرم الشيخ    السنن النبوية والأعمال المستحب فعلها يوم عاشوراء    صفقة نيكو ويليامز إلى برشلونة تدخل نفق التعقيدات.. والشرط "المرفوض" يعطّل الحسم    أندية بالمنيا تهدد بالانسحاب من دوري القسم الثاني لكرة القدم للموسم الجديد    وزير الأوقاف يدين اغتيال الاحتلال مدير المستشفى الإندونيسي بغزة    منتخب الهوكى يفتتح مشواره فى بطولة الأمم الثلاث الدولية بمواجهة كرواتيا    معركة حطين.. ما يقوله جرجى زيدان عن انتصار صلاح الدين الأيوبى    شعار سوريا الجديد يشعل ضجة بين الرافض والمؤيد.. فماذا تعرف عنه؟    اتصال هاتفي بين وزير الخارجية والهجرة ونظيره النرويجي    "ضريبة البعد" تتصدر تريند تويتر في مصر فور طرح ألبوم أصالة.. والأغنية من ألحان مدين    مستوطنون يحاولون إحراق منزل جنوب نابلس.. وإصابات بالضرب والغاز خلال اقتحام بيتا    مدحت العدل: الزمالك بحاجة إلى ثورة إدارية.. والاعتراض على تعيين إدوارد «كلام قهاوي»    الأمم المتحدة: فشلنا في حماية الشعب الفلسطيني    هل يجوز صيام عاشوراء فقط؟.. ماذا قال النبي وبماذا ينصح العلماء؟    ننشر كل ما تريد معرفته عن «يوم عاشوراء»    الاستخبارات الهولندية: روسيا تملك مخزونا كبيرا من الأسلحة الكيميائية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 4-7-2025 في محافظة قنا    بعد ملحمة السيتى الهلال يطمع فى التأهل لنصف نهائى المونديال    رمضان السيد ينتقد تعاقد الزمالك مع جون إدوارد: النادي لا يحتاج إلى سماسرة    رئيس وزراء إثيوبيا يوجه دعوة خاصة لمصر بشأن سد النهضة    «أوقاف شمال سيناء»: تنفيذ قوافل دعوية في 3 مراكز للشباب الأربعاء المقبل    الصحة بشمال سيناء: فرق طبية شاملة لشواطئ العريش حتى نهاية الصيف    يوم طار باقي 9 أيام، إجازات الموظفين في شهر يوليو 2025    ردد الآن| دعاء صلاة الفجر اليوم الجمعة 4 يوليو 2025.. اللهم أجرنا من النار، واصرف عنا كل مكروه، وأرض عنا يا أرحم الراحمين    تفاصيل استقالة كرم جبر وعمرو الشناوي من حزب الوعي    أضرار النوم الكثير، أمراض القلب والاكتئاب وضعف المناعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نهايات ومخاض إنسانى جديد
نشر في الأهرام اليومي يوم 02 - 03 - 2019

المتابعة الدقيقة للدوريات البحثية والدوائر الاكاديمية الدولية تكشف الانتباه الذهنى الحاد، والأولوية الفكرية القصوى التى يوليها العقل الإنسانى فى محاولة فهم وادراك دوافع وطبيعة وأهداف الحركيات المجتمعية النشطة والمتواصلة فى كثير من بقاع العالم. ومن أهمها ما يحدث فى القارة الأوروبية بمستوياتها الاقتصادية المختلفة. كذلك ما يدور فى الداخل الأمريكى.
فى هذا المقام، وفى معرض الوصف المباشر سوف تجد أن هناك ثلاث كلمات مفتاحية تتكرر فى المقاربات المتنوعة الفكرية للواقع. هذه الكلمات هي: جديدة، ونهاية، وما بعد بعد...ومن قائمة العناوين التى يدور حولها البحث والنقاش والاجتهاد الفكرى فى ضوء الكلمات المفتاحية المذكورة نشير إلى نهاية الرأسمالية، ونهاية التنمية، والقومية الجديدة، والاشتراكية الجديدة، والانسانية الجديدة، ولما بعد بعد الحداثة،...،إلخ. وتعكس الحيوية الفكرية الراهنة مدى إدراك أن البشرية تمر بمخاض تاريخى جديد.
وظنى أننا فى لحظة تكثفت فيها انتصارات انسانية كبرى تم تحقيقها على مدى خمسين عاما من خلال ثلاث محطات رئيسية وكانت الأولى: ثورة الشباب فى 1968 نقطة تحول تاريخية فى المسيرة التاريخية الانسانية. حيث أمكن للعقل الإنسانى خاصة لدى الشباب أن يتمرد بجرأة وبحسم على إطارية الأساطير الموروثة والأفكار العتيقة الحاكمة فى حياة البشر. كذلك أن ينقلب بتحدٍ على تصورات جيل الكبار الموجهة لمصائر جيل شاب صاعد لديه تطلع لحياة مغايرة. كما كانت المحطة الثانية: تفكيك الاتحاد السوفيتى فى 1989. وإعلان عدم صلاحية حكم الأنظمة الشمولية بكل أشكالها: السياسية والأيديولوجية والدينية. والفكاك من هيمنة المؤسسات القديمة. أما المحطة الثالثة: فهى التى انفجرت فيها الأزمة المالية الكارثية الأسوأ فى تاريخ البشرية فى 2008 لتفتح الطريق أمام البشرية لتعلن غضبها الكامن من الفقر واللامساواة المتنامية وانعدام الفرص المتاحة أمام الكثيرين من جراء شراسة السوق وجموح العولمة المالية. وقد واكب هذه المحطات طفرات علمية ومعرفية وتكنولوجية قوت الوجود الإنسانى ومنحته قدرة على الاستغناء والمقاومة والمناطحة ضد الأفكار والمؤسسات والسياسات القديمة التى ثبت فشلها وأدت إلى لا مساواة تاريخية غير مسبوقة فى تاريخ البشرية...وعليه تشابكت طاقة الغضب مع القدرة المعرفية ببعديها: الفكرى، والتقني؛ حيث حررت هذه الحيوية، الذات الإنسانية لتكون حاضرة بشروطها ووسائلها. وهو ما نشهده بوضوح فى الداخلين الأوروبى والأمريكى.
وقد أوضح المفكر الفرنسى المعتبر آلان تورين ومعه العديد من المفكرين الذين باتوا يوصفون بالمفكرين الراديكاليين فى كتاباتهم التى تحاول تفسير الواقع الأوروبى المتحول كيف أن عناصر الزمن الرقمى قد سلحت الإنسان بقدرات معرفية لانهائية. تفاعلت مع انتصاراته النضالية منذ 1968 ليكون مواطنا يقدم على تغيير ما يغضبه. حيث تمكن الإنسان/المواطن من أن تتشكل لديه، بحسب تعبير تورين: ذات فاعلة واعية؛ ضد الأفكار المتشددة، والسلطة الأبوية القاهرة، والسوق المحتكرة من الأقلية...ويقول أحد المفكرين فى محاولته تفسير ما يحدث من حراكات قاعدية فى أوروبا. إن الذات الفاعلة الواعية أصبحت لا تطيق الأبويات الفكرية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية. ولم تعد تقبل الإقصاء، والنفى، والتهميش. ما يفسر الحركية الشبابية التى أشرنا لها فى مقالنا السابق حول اشتراكية شباب الألفية...فالذات الإنسانية والمواطنية لا يستقيم أن تكون ذاتا ملحقة. أو يستمر الإنسان/المواطن أداة فى أيدى الأبويات المختلفة...وعليه وبحسب تورين امتلكت هذه الذات ادراكا مقاوما وفعلا رافضا يتسم بالاستمرارية.
فلقد أصبح الإنسان/المواطن رافضا لكل ما يجعله تابعا على المستويات: الفكرية، والاجتماعية والاقتصادية...فهناك ميل واضح لدى كثير من المفكرين على اختلاف مواقعهم الفكرية بأن الذات الإنسانية باتت مستنفرة ضد: أفكار ومؤسسات وسياسات تعتقد يقينا بأنها فقدت صلاحيتها. ما يبرر حيويتها المواطنية القاعدية فى صورة حركات متجددة أو أحزاب جديدة. أى من خارج ما هو قائم سواء فى أوروبا أو الولايات المتحدة الأمريكية. ذلك لأن هذه الحركات بحسب ما ترسخ فى وعى انسان/مواطن/شاب الألفية الجديدة هى السبيل إلى عبوره إلى النموذج الثقافى الجديد دون أوصياء/وسطاء.
فى هذا السياق، نشير إلى أى مدى انتفض العقل: فكريا وبحثيا؛ فى محاولة لفهم لحظة المخاض التاريخى هنا وهناك. ففى مطلع هذا العام صدرت ثلاثية عنوانها: الشعبوية وأزمة الديمقراطية (تقع فى 600 صفحة)، تناقش ما يلي: أولا المفاهيم والنظرية. ثانيا: السياسات، والحركات الاجتماعية، والتشدد. ثالثا: أثر الهجرة، والنوع، والدين. حررها ثلاثة من أهم علماء الاجتماع السياسى فى أوروبا. منهم برايان تيرنر. الذى مع آخرين أصدروا أيضا قبل ذلك بشهور ثلاثة مجلدات تدرس تحولات المواطنة (600 صفحة) على أرض الواقع من زوايا: أولا: الاقتصاد السياسى. وثانيا: الحدود وجدلية الاندماج والاستبعاد. وثالثا: الصراع، والمقاومة، والعنف...بالإضافة إلى عشرات بل مئات الكتب والدراسات حول ما تشهده الدول المختلفة من حيوية فكرية انسانية وحركية مجتمعية مواطنية تؤكد أننا فى لحظة مخاض تاريخية حقيقية. محركها وجوهرها الإنسان/المواطن، الساعى إلى الحرية والعدالة والكرامة...حرى بنا متابعتها ورصدها واستخلاص أهم ما تجود به يصب فى صالح التقدم...وإلى أين يتجه العالم؟، بحسب تعبير إدجار موران...والأهم أى عالم: طبيعته، وملامحه، ومقوماته؟...وبالطبع أين نحن من ذلك؟.
لمزيد من مقالات سمير مرقس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.