اعتبره المؤرخون من أقدم الشوارع التي تم تخطيطها، ليس فقط في الإسكندرية وإنما على مستوى العالم. البداية كانت في عهد البطالمة، وأطلقوا عليه الطريق «الكانوبي» ثم جاء تخطيطه الحالي على يد المهندس الإيطالي فيليبو بيني . سمى باب رشيد ثم فؤاد فطريق الحرية، ثم أخيرا جمال عبد الناصر. لكن يظل الاسم الأشهر والأكثر تداولا هو شارع فؤاد. هذا الطريق ليس مجرد شارع تصطف على جانبيه بنايات بطرز فرنسية وايطالية يتعدى عمرها المائة عام، أو مجرد مكان انصهرت فيه الأديان والأجناس بتنوعها حتى أصبح قاطنوه أسرة واحدة يتحدث أفرادها بلغات متباينة، فهذه كانت حال معظم أحياء المدينة «الكوزموبوليتانية» حتى منتصف القرن العشرين. لكن ما يميز هذا الشارع الذي لايزال من أرقى شوارع الاسكندرية؛ هو الأحداث التاريخية التي كان شاهدا عليها، ففيه تم عرض أول فيلم سينمائي في مصر في نوفمبر 1896 ، وكان حدثا جللا حضره علية القوم من أبناء الجاليات الأجنبية فى مبنى بورصة طومسون، أو مركز الحرية للابداع حاليا. في هذا الشارع أيضا خطب الزعيم سعد زغلول في الجماهير مطلا عليهم من شرفة فيلا «مخلع» الكائن مبناها أمام شركة مياه الشرب حاليا، بينما غنى له مؤيدا الفنان سيد درويش الذي كان يعيش في «كوم الدكة» على الجهة المقابلة، ولهذا تم إطلاق اسمه على أوبرا الإسكندرية التي تقع في نفس الشارع، ومبناها كان يعرف ب «تياترو محمد علي». شارع فؤاد، كان قبلة لكثير من الفنانين، أبرزهم أم كلثوم. وعلى بعد خطوات من هنا، كان يعيش عاشق الإسكندرية الشاعر اليوناني كفافيس. للأسف، من يحل ضيفا على الإسكندرية وتقوده قدماه لهذا الشارع لن يدرك قيمته ومكانته التاريخية،ليس فقط بسبب العمارات السكنية الحديثة التي طغت بقبحها، بل لاستغلال معظم قصوره القديمة كمقرات لهيئات حكومية ،فغابت الصيانة اللازمة لتلك المباني الأثرية، وضاعت قيمتها وانطمس جمالها. فهل يصح أن يلقى منا أقدم شوارع العالم هذا المصير؟!