وزير الأوقاف ومحافظ جنوب سيناء يفتتحان أعمال تطوير مسجد الصحابة بشرم الشيخ    داليا عبد الرحيم: الإخوان أسست حركات لإرهاب الشعب منذ ثورة 30 يونيو    ارتفاع سعر السكر اليوم الجمعة 19 أبريل في مصر    تقليل الاستثمار الحكومي وضم القطاع غير الرسمي للاقتصاد.. أهم ملامح الموازنة الجديدة    «عودة انقطاع الكهرباء».. وزير البترول الأسبق يوضح السبب    إدارة بايدن تمنع مسؤوليها من التعليق على الضربة الإسرائيلية على إيران    موكب نائب المستشار الألماني يمر بجوار عمود دخان بالقرب من أوديسا بعد هجوم روسي    إصابة لؤي وائل.. مجلس المقاولون العرب يشكر وزيري الصحة والشباب    يوفنتوس ينجو من الهزيمة أمام كالياري في الدوري الإيطالي    إصابة 4 أشخاص في حادث تصادم ب المنيا    تسجيل الدخول منصة مدرستي للطلاب والمعلمين 1445    الحامل تقدر ترقص للشهر الكام؟ فيفي عبده تكشف مفاجأة (فيديو)    آمال ماهر تعود لجمهورها ب«أنا برده الأصل» في حفلها بالتجمع الخامس    عاجل.. عبير فؤاد تحذر 5 أبراج خلال ال10 أيام المقبلة.. «خلوا بالكم»    وكيل صحة بنى سويف يزور المرضى الفلسطنيين بمستشفى إهناسيا التخصصي    الأهلي يكتسح أويلرز الأوغندي في افتتاح مبارياته ببطولة الBAL    عاجل.. مفاجأة في تقرير إبراهيم نور الدين لمباراة الأهلي والزمالك    محافظ قنا: بدء استصلاح وزراعة 400 فدان جديد بفول الصويا    الأمم المتحدة: تقارير تشير لانتشار الأوبئة والأمراض بين الفلسطينيين في غزة    «التحالف الوطني» بالقليوبية يشارك في المرحلة ال6 من قوافل المساعدات لغزة    استشهاد امرأة فلسطينية إثر قصف طائرات إسرائيلية لرفح    «القومي للمرأة» ينظم عرض أزياء لحرفة التلي.. 24 قطعة متنوعة    تفاصيل اللحظات الأخيرة في حياة صلاح السعدني.. مات على سريره داخل منزله    مصطفى بكري: تعديل وزاري يشمل 15 منصبًا قريبا .. وحركة المحافظين على الأبواب    أسرع طريقة لعمل الشيبسي في المنزل.. إليك سر القرمشة    حصل على بطاقة صفراء ثانية ولم يطرد.. مارتينيز يثير الجدل في موقعه ليل    افتتاح المؤتمر الدولي الثامن للأمانة العامة للصحة النفسية وعلاج الإدمان    محافظة الجيزة: قطع المياه عن منطقة منشية البكاري 6 ساعات    الهنود يبدءون التصويت خلال أكبر انتخابات في العالم    وزيرا خارجية مصر وجنوب أفريقيا يترأسان أعمال الدورة العاشرة للجنة المشتركة للتعاون بين البلدين    الحماية المدنية تسيطر على حريق في «مقابر زفتى» ب الغربية    التنسيق الحضاري ينهي أعمال المرحلة الخامسة من مشروع حكاية شارع بمناطق مصر الجديدة ومدينة نصر    50 دعاء في يوم الجمعة.. متى تكون الساعة المستجابة    دعاء يوم الجمعة قبل الغروب.. أفضل أيام الأسبوع وأكثرها خير وبركة    إخماد حريق بمخزن خردة بالبدرشين دون إصابات    ضبط لص الدراجات النارية في الفيوم    11 جامعة مصرية تشارك في المؤتمر العاشر للبحوث الطلابية بكلية تمريض القناة    مؤتمر أرتيتا: لم يتحدث أحد عن تدوير اللاعبين بعد برايتون.. وسيكون لديك مشكلة إذا تريد حافز    حماة الوطن يهنئ أهالي أسيوط ب العيد القومي للمحافظة    إعادة مشروع السياحة التدريبية بالمركز الأفريقي لصحة المرأة    بالإنفوجراف.. 29 معلومة عن امتحانات الثانوية العامة 2024    "مصريين بلا حدود" تنظم حوارا مجتمعيا لمكافحة التمييز وتعزيز المساواة    القاهرة الإخبارية: تخبط في حكومة نتنياهو بعد الرد الإسرائيلي على إيران    العمدة أهلاوي قديم.. الخطيب يحضر جنازة الفنان صلاح السعدني (صورة)    نصبت الموازين ونشرت الدواوين.. خطيب المسجد الحرام: عبادة الله حق واجب    انطلاق 10 قوافل دعوية.. وعلماء الأوقاف يؤكدون: الصدق طريق الفائزين    الكنيسة الأرثوذكسية تحيي ذكرى نياحة الأنبا إيساك    "التعليم": مشروع رأس المال الدائم يؤهل الطلاب كرواد أعمال في المستقبل    شكوى من انقطاع المياه لمدة 3 أيام بقرية «خوالد أبوشوشة» بقنا    الصحة الفلسطينية: الاحتلال ارتكب 4 مجازر في غزة راح ضحيتها 42 شهيدا و63 مصابا    إسعاد يونس تنعى الفنان صلاح السعدني بصورة من كواليس «فوزية البرجوازية»    طريقة تحضير بخاخ الجيوب الأنفية في المنزل    استشهاد شاب فلسطيني وإصابة اثنين بالرصاص خلال عدوان الاحتلال المستمر على مخيم "نور شمس" شمال الضفة    ضبط 14799 مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    اقتصادية قناة السويس تشارك ب "مؤتمر التعاون والتبادل بين مصر والصين (تشيجيانج)"    ليفركوزن يخطط لمواصلة سلسلته الاستثنائية    تعرف على موعد إجازة شم النسيم 2024 وعدد الإجازات المتبقية للمدارس في إبريل ومايو    دعاء السفر كتابة: اللّهُمّ إِنّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السّفَرِ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قصص اقصر من اعمار ابطالها
نشر في الأهرام اليومي يوم 22 - 02 - 2019

فى كل مكان خانته المدينة
دائماً، هناك رجلٌ عجوز، عجوز لدرجة أن أحداً لا يصدق أنه كان طفلاً يوماً ما، وبلا فم، بعد أن سرقت يدٌ قديمةٌ كلماته للأبد.
رجلٌ عجوز، يعيش فى كل الشوارع الجانبية، الأزقة المظلمة فى الليل وفى المناطق المعتمة من النهار، يوجد فى كل نور محبَط وفى كل مكان خانته المدينة، خلف حوائط الخرابات تحت شواهد المقابر التى لا يزورها أحد وخلف صخرة البحر الكبيرة التى تخشاها العائلات، يوجد بين أشجار الحدائق الضخمة ووراء أبواب العقارات التى بلا حراس.
فى أى مكان يلوذ به اثنان لكى لا يراهما الجميع، يوجد ذلك الرجل العجوز، لكى يُفسد القُبل.
رجل عجوز يقطع طريق الهمسات واللعاب، كأنه بنى بيتاً أخيراً فى تلك المسافة _ التى لن يقبل أبداً أن تتقلّص _ بين شفتين.
كيف تربى المدينةُ كلابها
لا أحد يعرف كيف تربى المدينةُ كلابها، كيف تجعلها تقف عند الأبواب الزجاجية للفنادق، أمام واجهات محال الملابس ومطاعم الوجبات السريعة.. تتأمل البشر.. فقط تتأمل، بما يليق بكلاب تربت فى المدينة.
لا تنبح فى وجه السادة. لا تطلب الطعام. لا تلاحق عشيقين فى شارع مظلم بالنباح.
فى المدن الصغيرة لا تفوت الكلاب فرصة للانتقام.
فى المدن الصغيرة تموت الكلاب فى الطرق وتلتهمها القطط.. لكن فى المدينة الكبيرة، الكلاب تعرف ماذا عليها أن تفعل لتعيش طويلاً.
البصيرة
كانت كلما نظرت فى وجه رجل، ترى عينى امرأة.
تطالع حيرتهما فى الأرض الغريبة، تحت الجبهة الخطأ تتلمس زرقة الدموع المكحولة فى بكاء الرجال الذى لا لون له. تبحث عن أحمر الشفاه بين الشارب واللحية، ولا تمل تتبع سراب الضفيرة فى سراب القفا.
من يُصدِّق أن كل الوجوه، كل هؤلاء الرجال، كانوا، بالكاد وعداً بأخري؟ وكم رجلاً استطاع أن يدرك أن هاتين العينين اللتين تفتشان فيه، ليستا سوى عينيه، عينيه هو، وقد أطلتا عليه أخيراً، مكحولتين، من وجه امرأة.
أصابع الغد
بقعة الطعام تلك، تركتها الطفولة على قميصك. بقعة الحبر أفلتتها يد النضج على القميص نفسه، وتراب شوارع لم يعد لها وجود، هبّ على الثنيات وسكن المناطق التى لا تصل إليها أدوات التنظيف. وذلك الدم المتيبس، عندما دخلت معركتك الأولى وخرجت منها خاسراً لأنك اكتفيت بدم عدوك على ملابسك وكان يجب أن يكون على ملابسه هو.
نعم، ذلك الدم الذى لم يعد أكثر من ذكرى جرح، بهت ألمه وأظلم لونه، كجميع الشموس التى تولد، فقط لكى تخبرنا شيئاً عن الظلمة. ذاك الدم الناشف الذى ينتظر أن تفتته أصابع الغد، لتولد من جديد. بسبب ذلك بالذات نخشى المستقبل، ليس لأنه يقربنا من التراب كما ندّعى، بل لأنه يمنحنا فرصة جديدة لكى نبدأ، فجميعنا نعرف بشكلٍ غامض أن من يولد أكثر من مرة، يكون موته نهائياً.
كل هذه الندوب وما زلت ترتدى القميص نفسه.. القميص الذى لم يكبر مثلك، لكنه لم يضق على جسدك منذ الطفولة، القميص الذى فوجئت به اليوم يتألم عندما فتقه مسمار ورأيت دماً يقطر من قماشه، فأدركت أنه، من فرط ما التصق بك، صار عريك.
موت الأب
لنحيا حقاً معاً، كان يجب أن أعيش كل تلك السنوات التى قطعتها أنت قبل أن أولد. كأنك، لتضمن لى الحياة من بعدك، خصمت حصتى العادلة من ماضينا المشترك.
رغم ذلك، نحن معاً، فى اللحظة نفسها، عالقين فى تلك الغرفة المعطلة التى يسمونها الحاضر، وكأن السنوات محض مصعد بين طابقين.
نحن معاً: رجلان أنجب أحدهما الآخر وما زال ينتظر أن يصبح، يوماً ما، فى نفس عمره.
لستُ كلماتٍ، ولستُ يداً
كل امرأةٍ أحبتنى، حوّلت وداعى لقصيدة.
لم يُسمح لى أن أطالع إحداها، ولم أكن بحاجةٍ لذلك، لأننى كتبتُ سلفاً جميع القصائد التى لن أقرأها.
كأننى يدُ الكلمات عند الوداع، تلك اليد التى لم تُخلق للمصافحة.
كأننى الكلمات نفسها: الكلمات المرجأة التى تصادف رجلاً فقط، لكى تولد.
لستُ كلماتٍ رغم ذلك، ولستُ يداً.
أنا قلمُ جميع الأوراق الخالية: قلمٌ، تمتن كل صفحةٍ لوداعه فور أن تمتلئ.
القتل
لا شىء يشبه الدم مثل حديقة.
رغم ذلك حكموا علىّ بالموت عندما جرّبتُ، لمرة، أن أقطف شخصاً.
الطريق
كانت قدماى تصغران كلما كبرت، وأحذيتى تتسع، حتى صرت أتجول فيها
ولم أعد بحاجةٍ للطريق.
الحياة
كلما انتقلتُ إلى شقة جديدة، أرى نفس الجار.
أخاف فى البداية، أستغرب، لكنه يطلب التعرف إليَّ بترحيب الغرباء بينما يمد يداً لا أعرفها، وكأننا فى تمثيلية مُحكمة من صنعه.
كل مرة، نفس الشخص، لكن بحياة جديدة، بمهنة مختلفة بمزاج مغاير، بأُسرة حلَّت من العدم لتحط على كتفى حياته حياته التى تنتهى للأبد كلما تركتُ مكاناً، وحياته التى تبدأ على عجل مع كل باب جديد أفتحه، فقط ليظل جاراً لى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.