يعتبر محصول قصب السكر أحد المحاصيل الاستراتيجية فى مصر، وتبدأ مرحلة حصاده خلال يناير من كل عام وتمتد حتى مايو، ومعها تبدأ مشكلة التخلص من المخلفات الزراعية الناتجة عن زراعته، لذا فقد قام قطاع الإعلام بجهاز شئون البيئة بمحافظة قنا بحملة للتوعية بمخاطر حرق مخلفات القصب على الصحة والبيئة، والاستفادة منها بتحويلها إلى علف حيوانى وسماد بلدى بالتعاون مع جمعية نقادة لتنمية المجتمع بقنا. وفى دراسة أجراها الباحث محمد إبراهيم بمعهد الدراسات والبحوث البيئية بجامعة عين شمس، أشار إلى أن المساحة المزروعة بالقصب تبلغ نحو 320 ألف فدان فى محافظاتجنوب الصعيد قنا وسوهاج والأقصر وأسوان، وإنتاجية الفدان تتراوح بين 40 و70 طنا فى المتوسط، ينتج عنها نحو 4 أطنان من الأوراق الجافة تسمى سفير القصب، ويحتوى السفير على 6% بروتينا، وهى نسبة عالية مقارنة بتبن القمح والشعير، ويعتبر السفير مشكلة رئيسية حيث يتعذر على المزارعين جمعه للاستفادة منه، واعتاد المزارعون التخلص منه بالحرق لعدة أسباب منها التخلص من الآفات والحشرات الضارة إذ يمكث محصول القصب ما يقرب من عام تقريبا فى الأرض، وكذلك لعمل تطهير حول البراعم للإسراع فى عملية خروج المخلفات، ولكن لعملية حرق السفير أضرارا كثيرة أهمها نشوب الحرائق فى الحقول وفقد كمية كبيرة من المادة العضوية الموجودة بالأرض وانبعاث كمية كبيرة من الغازات الضارة على صحة الإنسان مثل أول أكسيد الكربون والسيانيد وأول أكسيد النيتروجين. وأوضح المهندس أسعد محمد مسئول الإعلام والتوعية بجهاز شئون البيئة بقنا أن هدف الحملة هو توعية المزارعين للاستفادة من سفير القصب، من خلال تعريفهم بفوائد السفير وأضرار الحرق وفوائد استغلاله كعلف للحيوانات وسماد بلدى للتربة، وأضاف أن بقايا نبات القصب أى القش بعد كسر وتنظيف القصب تبلغ نحو نصف مليون طن سنويا، لا يستفيد المزارعون منها، وتعتبر إنتاجا مفقودا على الاقتصاد القومي، بخلاف التلوث الحادث منه على البيئة، حيث إن مشكلة التلوث الناتجة عن المخلفات الزراعية تمثل 40% وقت ظهور السحابة السوداء، وقال إن سعر طن العلف الناتج من مخلفات القمح يبلغ 2800 جنيه، فى حين ينتج الفدان الواحد 4 أطنان من السفير. وأكد المهندس أسعد محمد أن حرق المخلفات الزراعية له أضرار فوق سطح التربة وتحتها، تتمثل فى القضاء على الأعداء الطبيعية، وحدوث أمراض صحية وتلوث الهواء بالغازات الضارة، والقضاء على الطيور صديقة المزارع، أما أضرار باطن التربة فتشمل القضاء على جميع الكائنات الحية المفيدة لها، وخفض خصوبتها، وقلة أكسجين التربة اللازم لتنفس جذور النباتات والكائنات الحية الدقيقة، وتحويل طينة التربة إلى مادة معدنية صماء، وكذلك حرق المادة العضوية بالطبقة السطحية. وعن العوائد الاقتصادية قال إن الاستفادة من تحويل قصب السكر إلى أعلاف حيوانية وسماد تعمل على تخفيض معدلات التلوث البيئى وتقليل معدلات استخدام الأسمدة الصناعية الكيماوية مثل اليوريا وتستبدل بها الأسمدة العضوية الغنية بالمواد الآزوتية، وهو ما ينعكس على زيادة إنتاجية وخصوبة الأراضي، وكذلك زيادة دخل المزارعين من خلال توفير الأعلاف، كذلك يسهم فى إيجاد فرص عمل لتشغيل الشباب، وتقليل الاتجاه إلى استيراد مواد العلف والأسمدة والحد من ظاهرة ارتفاع أسعارها واستمرارية وجودها طوال العام، وتحسن المستوى الإنتاج الغذائى للماشية، وإقامة بعض الصناعات الصغيرة على البقايا الزراعية. من جانبه، قال حسانين محسب موسي، مدير مشروعات جمعية تنمية المجتمع بنقادة: تعمل الجمعية فى تدوير المخلفات الزراعية خاصة سفير القصب وتحويله إلى علف للمواشى وسماد بالتعاون مع هيئة بلان إنترناشيونال إيجيبت التى توفر لنا معدات الفرم، وعن استخدام السفير فى صناعة الأعلاف قال يتم ذلك بعدة طرق منها تقديمه للحيوانات كعلف أخضر يسمى «السيلاج» بتقطيع الأطراف العليا للنبات وحفظه بمعزل عن الهواء بواسطة عمليات التخمر التى تنتج الكحول والأحماض العضوية التى تزيد من حموضة العلف وتمنع فساده، ويضاف إليه «المولاس» مع تغطيته فى أكوام بالبلاستيك لمدة شهرين، بعدها يستخدم فى تغذية الحيوانات. وأضاف: يمكن كذلك معاملة السفير بطريقة ميكانيكية عن طريق فرمه واستخدامه كعلف مباشر مركز للحيوانات يفوق فى قيمته الغذائية مخلفات القمح وقش الأرز ويتميز بأنه أكثر استساغة وقابلية للهضم ويصلح لماشية اللبن والتسمين والأغنام، كما يمكن معالجته بغاز الأمونيا الموجود فى مصر بوفرة، وعند حقن المخلفات به يؤدى إلى رفع قيمتها الغذائية، ويتم ذلك بوضع كومات من السفير بأحجام كبيرة ثم تغطيتها بإحكام بالبلاستيك ثم يحقن بالأمونيا، ويترك لمدة أسبوعين صيفا وثلاثة أسابيع شتاء، يعرض بعدها للتهوية يومين ثم تتم تغذية الحيوانات به، كذلك تتم العملية نفسها باستخدام محلول اليوريا، وهذه الطرق تسهل عملية تخزين السفير ليصبح متوافرا طيلة العام. وعن طريقة صناعة السماد البلدى من السفير، أوضح أنه يتم كبس السفير مع روث الحيوانات والمخلفات الحيوانية الأخرى من خلال عملية التخمير الهوائى لينتج سمادا عضويا لتخصيب الأرض والمزروعات، وأضاف أنه تتم أيضا الاستفادة من بيع السفير لمزارع الإنتاج الحيوانى والمصانع التى تستخدم الوقود الحيوى فى تشغيلها.