خالطتُ شعبا فى دولة ما لعدة سنوات، درست عاداتهم، وعلمت بعض ثقافتهم، أدهشنى أحيانا أنهم يتعاملون تقريبا بنفس أسلوب وطريقة التفكير، نفس ردود الأفعال، اتباع القواعد والتعليمات فى الأماكن العامة يكاد يكون قانونا يحترمه الجميع. قد تربى أبناءك فى بيتك وفقا لقناعتك الخاصة، وجارك سيربى أبناءه فى بيته بأسلوبه، وبقية الجيران سيربون أبناءهم بطرق أخرى، النتيجة أننا سنجد أفرادا من مجتمع واحد، بثقافات متعددة وأخلاق مختلفة، منها الجيد ومنها السيئ. كل ُ سيسلك طريقه فى الحياة متأثرا بما تلقاه من تربية فى بيت أبويه، وسيكون هناك تباين فى سلوكيات الناس أيا كانت المبادىء التى تلقوها أو التى لم يتلقوها، ولكن أن يغلب على شعب كأيرلندا طباع خاصة وأعراف يتبعها ويحترمها الجميع فقد يرفع ذلك علامة استفهام كبيرة؟ تفسير ذلك ببساطة هو أن التعليم ألقى بعباءته على الجميع فوحد أسلوب تربية أبناء المجتمع وأرسى ثقافتهم، وأحد أهم أسباب ذلك هو مادة (تعليم حضارى سياسى اجتماعى) هى مادة غابت عن مناهج أبنائنا فى المدارس فى حين تجدها تدرس فى معظم أنحاء العالم، فما الذى تدعو إليه مادة التعليم الحضارى. تعرض المادة صورا سلبية لأشخاص لا يتمتعون بالكرامة الإنسانية، عندما يعيشون فى فقر مدقع فى عشوائيات، عندما لا يكون للبعض مأوى، عندما لا يجدون العلاج، عندما لا يستطيعون حتى التعبير عن أنفسهم، فكيف يمكن تقديم المساعدة فى إماطة الظلم عن هؤلاء؟ فى أحد موضوعاتها، هناك عرض لتجربة اثنين من الشباب انضما للمساعدة فى عمل خيرى تطوعى فى إحدى الدول الإفريقية، ويقصان ما فعلاه مع مواطن مريض يعيش فى مكان غير آدمى، من المفترض أنه إحدى دور المسنين، كان يهلوس وينادى ولا أحد يلتفت إليه، فتقدم الشابان لمساعدته، فوجدا أنه بحاجة ماسة إلى الاستحمام، فقاما بتحميمه، وتنظيف غرفته وفرشه. هنا نتعلم أن ذلك الرجل لم يفقد فقط عائلته وأصدقاءه الذين تخلوا عنه و إنما فقد ايضا كرامته الإنسانية. هذا التعليم ليس فقط يحث على الاهتمام بالآخرومشاعره، وإنما يهدف أيضا لبث الفكر الإيجابى لدى الطلاب وتعليمهم كيف يمكنهم المشاركة فى حل مثل هذه المشكلات بدعوتهم لعمل بوسترات لإثارة الوعى بهذه المشكلة، وأيضا يوضحون لهم أن هناك منظمات غير حكومية تعنى بهؤلاء المستضعفين ويحببون لهم العمل التطوعى من خلال هذه المنظمات أو بأنفسهم بل إن هناك تقييما للطلاب عن مساهمتهم فى أنشطة اجتماعية توعوية تخدم مجتمعهم. فى مصر الآن حركة جادة للنهوض بالتعليم، هناك مخصصات مالية ضخمة مكرسة لتطوير المدارس والارتقاء بمستوى المعلمين وإدخال وسائل التكنولوجيا الحديثة وتجارب جديدة مثل المدارس المصرية اليابانية، والمدارس التكنولوجية العلمية، وغيرها من الأفكار الجادة لتطوير التعليم. عملا بما أوصى به الرئيس السيسى من ضرورة مشاركة المثقفين فى أفكار تطوير التعليم، أوصى هنا بأن يبدى وزير التعليم د. طارق شوقى بعض الاهتمام والنظر فى إدخال مادة التعليم الحضارى فى مناهج أولادنا، هى مادة تعيد للتعليم دوره فى التربية والتوجيه وإثارة الوعى بحقوق الفرد وواجباته وإعلاء روح التحضر والرقى فى التعامل مع الآخر واحترام الاختلاف فى الثقافات الأخرى. لمزيد من مقالات سلوى الحمامصى