خبر صغير بثته صحيفة العراق الالكترونية التي يصدرها المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية ربما يحمل بداخله بذور ما يمكن أن يكون قادما في العراق. تشير تفاصيل الخبر إلي تصريحات منسوبة لمصادر أمنية عراقية أدلت بها لوكالة الصحافة العراقية مفادها أن الحكومة تعتزم نقل فرقتين عسكريتين هما الفرقة السادسة المنتشرة في بغداد والفرقة العاشرة الموجودة في البصرة, إلي ما يعرف بشريط المناطق المتنازع عليها قرب كركوك والموصل قبل الانتخابات البرلمانية المقبلة في شهر مارس2010, وأكدت المصادر وجود رفض كردي لهذه الخطة إلا أنها ربطت هذا الانتشار بنتائج المناقشات التي سوف يجريها رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ومسعود البرازني رئيس إقليم كردستان, في اجتماع مرتقب بينهما في أربيل. وإذا ما عدنا إلي بداية القصة فإننا نستطيع أن نقول إن العراق قد تخطي كثيرا من العقبات السابقة التي واجهته, لكن أحد الملفات العالقة التي مازالت عصية علي الحل التوافقي حتي الآن هو ملف مدينة كركوك والنزاع حول تبعيتها بين الحكومة المركزية في بغداد وحكومة اقليم كردستان, لاسيما في ظل تعدد الأعراق بها من عرب وكرد وتركمان, وفي ظل كونها تسبح فوق بحيرة من النفط! وتأتي أنباء اعادة نشر الفرقتين العسكريتين المشار إليهما لتعكس حجم الاحتقان في العلاقة بين العرب( حكومة بغداد) والكرد( حكومة كردستان).. فهل يمكن أن تصبح كركوك هي برميل البارود الذي قد ينفجر في أي لحظة في العراق؟! السؤال يطل برأسه في خوف وترقب, لكنه لا يظل وحيدا.. إذ سرعان ما تنفجر تساؤلات أخري مرتعشة حول مستقبل العراق في ظل نظام( الحصص الطائفية) الذي ينص علي أن يكون رئيس الدولة كرديا, ورئيس الحكومة مسلما شيعيا ورئيس البرلمان مسلما سنيا! بعض القوي تنظر إلي نظام الحصص الطائفية علي أنه أصل الداء في العراق.. ومع الغوص في مواد وبنود الدستور الذي تقوم عليه العملية السياسية في العراق.. يظهر الشيطان جليا واضحا في التفاصيل! في شهر مارس الماضي قال لي الدكتور صالح المطلك رئيس جبهة الحوار الوطني( سنية) في بغداد إن المشكلة تكمن في أن الدستور العراقي تم اعداده علي عجل دون دراسة متأنية.. وإلا لما أمكن أن ينص هذا الدستور علي منح حكومات الأقاليم سلطات وصلاحيات تتجاوز نظيرتها لدي الحكومة المركزية في بغداد.. فهل يعقل هذا؟! والحق أنه لا يعقل! لكن الواضح هو أن الأساس الذي تم بناء العملية السياسية في العراق وفقا له من البداية هو الصراع لا التوافق..التنافس لا التكامل.. وهكذا إذن.. فقد سيطرت علي مختلف القوي السياسية عذابات التاريخ لا أحلام المستقبل.. فأني يخرج العراق بعدئذ مما هو فيه؟!