لاشك أن مصر قد أثبتت وجودها وحضارتها ومركزها الدولى فى الأعوام القليلة الماضية من خلال تطوير العلاقات الخارجية الدولية منذ ثورة 30 يونيو سواء فى الشرق أو الغرب وكذلك فى شمال وجنوب الكرة الأرضية واستعادت وضعها الدولى من جميع الجوانب وبصفة خاصة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والقانونية الدولية. وقد أحسنت مصر الصنع بالاهتمام ببعدها الجنوبى الاستراتيجى وبصفة خاصة العمق الإفريقى والتى تمثل فيه مصر الشمال الشرقى، ونظرا للتطور الهائل لمصر فى مجالات عديدة من أهمها التنمية والعلاقات الدولية الثنائية والجماعية وحسن الجوار والاستثمارات المتعددة والمختلفة، وكذلك التوسط فى المشاكل الإقليمية بين الدول الإفريقية فقد قامت الدول الإفريقية بانتخاب مصر رئيسا للاتحاد الإفريقى لعام 2019 . ونظرا لأهمية الاتحاد الإفريقى فإننا لابد أن نحدد متطلبات القارة الإفريقية المتمثلة فى الاتحاد الإفريقى لكى تنجح مصر فى إدارة هذا الاتحاد فى عام 2019 ومعظم الدول الإفريقية تتطلع لإدارة مصر خاصة أن هناك خلفية تاريخية للصداقة المصرية الإفريقية ومقاومة الاحتلال وإنهاء الاستعمار الذى كان يستغل ثرواتها الطبيعية وكذلك يستغل القوى البشرية الإفريقية. ولذلك من المتطلبات الإفريقية لمصر فى هذه المرحلة الدعم الفنى والقانونى خاصة فى الوساطة لحل المنازعات الافريقية، علاوة على تدريب الافارقة خاصة الشباب من أجل خلق كوادر إفريقية مؤهلة دوليا. وإذا تابعنا الاتحاد الإفريقى فمن أهدافه الأساسية ايضا الاسراع وتسهيل الاندماج السياسى والاجتماعى والاقتصادى للقارة من خلال مواقف افريقية مشتركة فى القضايا التى تهم القارة وتحقق السلم والأمن واحترام حقوق الإنسان. والاتحاد الإفريقى هو الذى تبنى الميثاق الإفريقى لحقوق الإنسان والشعوب وكانت هذه خطوة جديدة فى قانون حماية حقوق الإنسان بعد أن كانت حماية أفراد أصبحت حماية جماعات خاصة فى مجال تقرير المصير والحق فى التنمية والحق فى بيئة نظيفة. ولم تكتف القارة الإفريقية بتنمية النواحى السياسية أو الاقتصادية فقط من خلال تأسيس مجلس السلام والأمن الإفريقى أو المجلس الاقتصادى والاجتماعى والثقافى أو اللجان الفنية المتخصصة بل إنها اهتمت بجوانب القانون الدولى المعاصرة، ومنها حقوق الإنسان الجماعية وكذلك تشجيع جمع الأفارقة فى داخل القارة مع عائلاتهم وأقاربهم المقيمين والمستقرين خارج القارة، وهذا ما سمى فى القانون التأسيسى للاتحاد الإفريقى بقوانين الشتات الإفريقى وجمع هذا الشتات لمصلحة التنمية فى إفريقيا مهما تكن الجنسية أو الموطن. أما من الناحية القضائية فقد أنشئت محكمة العدل الإفريقية لنظر الخلافات بين أعضاء الاتحاد الإفريقى بالطرق السلمية وكذلك التركيز على حماية حقوق الإنسان والشعوب وتنفيذ معاهدات حقوق الإنسان وجار تطوير هذه الجوانب القضائية لكى تتماشى مع التطور القضائى العالمى. هذا علاوة على وجود المفوضية الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب التى تعد الذراع الإفريقية الرئيسية لشئون حقوق الإنسان. إن رئاسة مصر الاتحاد الإفريقى فى هذا العام سيكون لها أثر كبير فى سبيل التقدم والتنمية وحل الخلافات الثنائية أو الدولية بما لدى مصر من خبرة دولية فى هذه المجالات وفى نفس الوقت لابد أن تسعى مصر إلى دعم علاقاتها الثنائية والجماعية مع الدول الإفريقية من النواحى الفنية والإنسانية والسياسية وغيرها وهذا ما بدأت فيه بالفعل مصر من عدة جوانب مثل اعتبار مدينة أسوان هى عاصمة الشباب الإفريقى عام 2019 وكذلك إرسال مزيد من القوافل الطبية ومزيد من المنح الدراسية والبرامج التدريبية، علاوة على ضرورة التركيز على المصالح المشتركة بين مصر والدول الإفريقية، مثل مجالات البيئة والتعاون والاستكشافات الاقتصادية والعمل الفنى والاستخدامات التكنولوجية الحديثة لربط الدول الإفريقية مع بعضها البعض. ولابد من العمل على دعم العلاقات الإنسانية والثقافية مثل عقد المؤتمرات المشتركة فى كل المجالات وكذلك تبادل الكتب والوثائق ودعوة الفرق الفنية الإفريقية لمصر وإقامة المهرجانات المصرية فى الدول الإفريقية وربط الدول الإفريقية مع مصر من خلال زيادة الرحلات إلى الدول الإفريقية، وكذلك تخفيض أسعار تذاكر المواصلات مما يحقق مزيدا من الارتباط ويمثل قوة إفريقية تواجه أى محاولة لاستغلال القارة سواء فى مجال الثروات الطبيعية أو البشرية، وكذلك لابد من العمل على حل المنازعات سلميا فى إطار عادات وتقاليد الدول الإفريقية خاصة من خلال الاتحاد الإفريقى. وأخيرا لابد بأن نعترف أن دخول مصر وتحملها رئاسة الاتحاد الإفريقى هى مسئولية كبيرة، ولن تكون مثل الرئاسات السابقة لأن مصر لها تاريخها فى إفريقيا ولها العلاقات الإفريقية والدولية مع جميع التكتلات والدول فى المجتمع الدولى وفى نفس الوقت ستحقق مصر مصالح خاصة لها فى فتح مجالات متعددة وأسواق مشتركة وتعاون اقتصادى وسياسى وثقافى واجتماعى سيعود بالنفع على جميع الأطراف، خاصة إذا قامت بدراسة وتنفيذ متطلبات هذه المهام. وفى الحقيقة فإن مصر قادرة على متطلبات هذه المهمة فى هذه المرحلة وستستمر فى مسيرة نجاحها داخليا ودوليا. لمزيد من مقالات د. نبيل أحمد حلمى