أيام قليلة تحديدًا يوم 10 فبراير المقبل تتسلم مصر رئاسة الاتحاد الافريقي لعام 2019م بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي؛ تلك الخطوة التي تعد بمثابة انتصار جديد للدبلوماسية المصرية، بل تتويجًا لسياسات مصر الخارجية في إطار النهج الذي دشنه الرئيس بإقامة علاقات قوية ووطيدة مع دول القارة السمراء. وخلال القمة الأفريقية التي عقدت في العاصمة الأثيوبية أديس بابا في يناير 2018م، وافق القادة الأفارقة على انتخاب مصر بالإجماع لرئاسة الاتحاد الأفريقي لعام 2019م، وذلك تقديرًا لدور مصر الريادي في القارة الافريقية. وترتبط مصر بعلاقات تاريخية مع دول القارة الافريقية منذ قديم الازل؛ نظرًا لما يجمعهما من عوامل جغرافية ومصالح حيوية مشتركة في كافة المجالات، فمنذ قيام ثورتي 25 يناير و30 يونيو تسعى مصر دائمًا إلى استعادة دورها المحوري في القارة الافريقية. وفي هذا الصدد، قال الدكتور جمال أسعد، المحلل السياسي، إن رئاسة مصر للاتحاد الأفريقي خلال عام 2019م تعد نقلة نوعية في السياسة الخارجية المصرية وفرصة جيدة، لتوطيد علاقات مصر مع دول القارة الأفريقية، مشيرًا إلى أن مصر كان لها دورًا بارزًا في تحرر واستقلال بعض دول القارة. وأضاف أسعد، في تصريحات خاصة ل"بوابة الوفد"، أن مصر دائمًا ما كانت تقدم العديد من المساعدات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لبعض الدول، ولكنها غابت عن القارة الأفريقية منذ حادث اغتيال الرئيس الأسبق مبارك في العاصمة الأثيوبية أديس بابا عام 1995م، مما أتاح لبعض الدول للتوغل داخل القارة السمراء. وعن المكاسب التي يمكن أن تحققها مصر خلال ترأسها الاتحاد، أكد المحلل السياسي، أن رئاسة مصر للاتحاد ستعيد الدور المصري الحقيقي في أفريقيا، وذلك لحماية الأمن القومي المصري باعتبار أن القارة الأفريقية إحدى دوائر الأمن المصري، ومواجهة النفوذ الإسرائيلي داخل القارة الذي زاد خلال الفترة الأخيرة، التي كانت الداعم الأول لتمويل سد النهضة الأثيوبي، بما هدد الأمن المائي المصري. وذكر أسعد أن رئاسة مصر للاتحاد الأفريقي سيسهم في حل قضية سد النهضة من خلال التأكيد على حقوق مصر المائية، وسيقوي العلاقات المصرية مع دول القارة؛ مشيرًا إلى أن مصر ودول القارة تربطهما علاقات تاريخية، فضًلا عن أنه سيعطي مصداقية للسياسة الخارجية المصرية التي تتبعها القيادة السياسية، لمناقشة العديد من القضايا، مثل الإرهاب، وتطوير البنية التحتية، ودعم المصالح المشتركة بين مصر ودول القارة في مجالات التعليم والصحة والزراعة وغيرها. وأكدت الدكتورة سكينة فؤاد، الكاتبة الصحفية ومستشار الرئيس الاسبق عدلي منصور لحقوق المرأة، أن رائسة مصر للاتحاد الافريقي هذا العام هو تأكيد على عودة مصر بقوة للقارة الافريقية، نظرًأ لانهما تربطهما علاقات قوية منذ عقود. وأشارت فؤاد، إلى أن مصر خلال ترأسها للاتحاد الافريقي ستثبت للعالم بأسره بأنها قامت بتحولات مصيرية للقارة الافريقية سواء في الملف الاقتصادي أو السياسي أوالامني، مؤكدة أن الرئيس السيسي منذ وصوله لسدة الحكم في يونيو 2014 يسعى دائمًا لحل قضايا القارة الافريقية من خلال حل المنازعات والصراعات التي تعاني منها القارة، فضًلا عن اهتمامه بمشاركة الشباب الافريقي في منتديات شباب العالم التي تقام بمصر. ورأت الكاتبة الصحفية، أن دور مصر خلال ترأسها الاتحاد لابد أن يركز على تحقيق التعاون والتكامل بين الدول الافريقية بعضها البعض وتنمية واستغلال ثروات القارة الطبيعية والبشرية وتعظيم قدرات القارة وذلك لاستعادة قوتها في مواجهة العالم ، مؤكدة أن من أهم الملفات التي يجب أن تسعى إليها مصر لتحقيقها هي تطوير التعليم والصحة ومحاربة الارهاب، ومعالجة غياب مصر عن القارة الذي دام لعقود، وتقديم صورة جديدة للقارة أمام العالم. وأوضح السفير رخا أحمد حسن، أن مصر عضو في الاتحاد الافريقي ومن الدول المؤسسة له منذ نشأته فضًلا عن أنها عضو في مجلس السلم والامن الافريقي وبالتالي فإن رئاستها للاتحاد هذا العام يحظى بأهمية كبرى نظرًا لان لها ثقل على المستوى الدولي. وأكد رخا، أن مصر من الدول التي تلتزم بميثاق الاتحاد من خلال التعاون مع الحكومة الشرعية لاي دولة، ومنع الصراعات بالقارة، مؤكدًا أن ترأس مصر للاتحاد يعد فرصة حقيقية لتتويج العلاقات المصرية مع دول القارة، وتحقيق التنمية داخل القارة من خلال دمج المجموعات الاقتصادية مثل الكوميسا وغيرها تحت مظلة المجلس الاقتصادي بالاتحاد، وعمل ربط بري وبحري للنقل والمواصلات بين دول القارة لنقل البضائع وتسهيل عمليات الاستيراد والتصدير، فضًلا عن التركيز على حل الازمات السياسية، والاستفادة بموارد القارة الافريقية مما يعود بالنفع على مصر.