ورفعنا النقاب أنا و«سيزا نبراوى» وقرأنا الفاتحة ثم خطونا على سلم الباخرة مكشوفتى الوجه، وتلفتنا لنرى تأثير الوجه الذى يبدو ظاهرا لأول مرة بين الجموع فلم نجد له تأثيراً أبداً لأن كل الناس كانوا متوجهين نحو سعد متشوقين إلى طلعته «.. هذا ما قالته هدى شعراوى عام 1921 ورغما عن كونها أولى الرائدات الأوائل لتحرير المرأة والمطالبة بحقوقها فى التعليم والعمل والسياسة الإ أنها لم تدع أبدا للسفور كما يدعى البعض الآن وكان المعنى مقتصرا على كشف الوجه أى خلع اليشمك لأنه يحدث عزلة بينها وبين المجتمع المحيط. إذاً فما علاقة الحرية والتحضر والتنوير بغطاء الرأس من عدمه؟ إنها علاقة خزعبلية طردية متنامية صوب التطرف اليسارى، واذا كنا نمقت التطرف الإرهابى وتشدده فما هو الفرق بينهما؟ قامت الدنيا ولم تقعد حين ظهرت الفنانة شهيرة والفنانة سهير رمزى بشعرهما الأشقر بصحبة مصمم الأزياء الشهير هانى البحيرى وبررت كلتا الحاجتين بأنهما أصبحتا من القواعد أى وصلتا من العمر أرذله وليس بهما ما يثير الفتن! بينما امتعض الكثير لأنهما السبب الرئيسى فى حجاب الكثير من النجمات المعتزلات! و أثار كتاب «خالعات الحجاب والنقاب» للست دينا بنت الباشمهندس حنقة سكان الرحاب فى احتفائها ببعض النساء وهم يلقين حجابهن على الأرض كما انها وصفت المحجبات بالجوارى والمتخلفات ووجهت إليهن اهانات وكأنها أصبحت «أبلة حشمت» لا سمح الله! بينما تطل علينا المطربة اللبنانية أمل حجازى بغطاء على رأسها وتقدم أغنية للحجاب والحشمة فى الاحتفال باليوم العالمى للحجاب الذى أقرته المنظمات الدولية! وهنا عجز اللسان عن التعبير، ولا أعلم من أين جئنا بكل هذه العنصرية و كيف ترعرع فى وادينا الطيب كل هذا العبث بين مجموعة تطالب بالحجاب وتشدد عليه والا تتهم المرأة بالسفور ومجموعة أخرى تطالبها بالتحرر من حجابها وأحيانا ملابسها بدعوى التحضر والا أصبحت متخلفة؟ مالنا نحن وما ترتديه المرأة؟ وهل توقفت منتجاتنا التثقيفية والتوعوية عند القشرة الخارجية من الدماغ دون الخوض فى التكوين الذهنى والتفتح وفنون صناعة الوعى والأفكار! وهل تلخصت اهتماماتنا عند شكل المرأة ومفاتنها! إنه التخلف بعينه كفانا عنصرية وسطحية فالمظهر الخارجى للمرأة يخصها هى وحدها وفقا لميولها أما طقوسها الدينية ونواياها فليس لأحد سلطان عليها الا المولى عزوجل فأين ترقد ضمائركم. ان أول مبادىء الديمقراطية والحرية هو: أنت حر ما لم تضر، تقلع..تلبس.. هى حرة وبدلا عن التركيز فى تحرير خصلات شعر المرأة كما فعلت «أبلة حشمت» وشلتها كان من الأرقى أن تبذلن جهودا فى تحرير عقلها واطلاق سراح أفكارها، وكما نبذنا سلفا من يكفنون النساء بالرداء الأسود وكأنهن عورة وفضيحة فنحن الآن نشجب تلك الأفعال العبثية لبغض الحشمة التى فرضتها كل الأديان و التى تدعو إليها داعشات الانحلال. لمزيد من مقالات د.هبة عبدالعزيز