يتسلم الرئيس عبد الفتاح السيسى رئاسة مصر الاتحاد الإفريقى خلال القمة التى تعقد فى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا خلال أيام، لتبدأ القارة مرحلة جديدة من تاريخها بقيادة مصر التى طالما نظرت إليها الشعوب الإفريقية والقادة الأفارقة على أنها النموذج والمثال الذى يتطلعون إليه منذ استقلالها خاصة خلال فترات الخمسينيات والستينيات من القرن ال 20 الذى قادت فيه المحروسة ودعمت حركات التحرر والاستقلال، لتنال الدول الإفريقية سيادتها وحريتها من تحت نير الاحتلال الغربى الذى أذاقها كل صنوف الويل والمعاناة. والواقع أن علاقات مصر مع الدول الإفريقية شهدت طفرة رائعة خلال السنوات الخمس الماضية أو تحديدا منذ انتخاب الرئيس السيسى فى عام 2014 بعد أن عانت تلك العلاقات جمودا وبرودا سياسيا واقتصاديا، على مدى سنوات نتيجة عدم الوعى فى الفترة السابقة بأهمية الأشقاء الأفارقة بل والتقليل من قدرهم، وهو ما اعتبروه نوعا من العنصرية والتحيز للقومية العربية على حساب إفريقيا. وبرهنت خطوات الرئيس السيسى وخطاباته تجاه الدول الإفريقية على أن الدبلوماسية المصرية تعى جيدا الأهمية الإستراتيجية للبعد الإفريقى، وأنه بالفعل لا بالقول يمثل «أمنا قوميا» لمصر وتربطنا علاقات وروابط تاريخية نجح الرئيس الراحل جمال عبد الناصر فى تشييد أساسها بكل قوة وإيمان وقناعة بأن مصر وإفريقيا على متن القارب نفسه وأن نجاحها أو فشلها يؤثر بشدة على الطرفين معا. وأصبحت القاهرة فى هذا الوقت «عاصمة» التحرر الإفريقى وقبلة القادة الأفارقة الساعين لنيل الحرية والاستقلال والسيادة لبلدهم. والآن فإن مصر بتوليها رئاسة الاتحاد الإفريقى، سوف تقدم من خلال الخبرات الكبيرة التى لديها ودبلوماسيتها التى تتسم بالحياد والنزاهة، حلولا كثيرة للمشكلات والتحديات التى تواجه القارة وتعوق مسيرة التنمية الاقتصادية بدولها، وأفكارا ومقترحات مهمة لحل المشكلات والنزاعات فى القارة خاصة ما يتعلق بالعنف والإرهاب والجماعات المسلحة والحروب الأهلية. ليس ذلك فحسب، بل خبرات مصر الكبيرة فى المشروعات الاقتصادية وصناعة الدواء والطرق والسكك الحديدية، سوف تكون معينا لا ينضب للأشقاء الأفارقة للقضاء على الأمراض والأوبئة المنتشرة فى القارة. وبالتعاون مع دول صديقة مثل اليابان والصين، فإن مصر تحولت حاليا إلى مركز تعليمى وتدريبى مهم للشباب من أبناء القارة، سواء هؤلاء الذين مازالوا يدرسون فى الجامعات، أو أولئك الذين تخرجوا ويسعون إلى تطوير قدراتهم العلمية والبحثية والعملية، وذلك كله من خلال مراكز التدريب المصرية التى انتشرت فى القاهرة والإسكندرية وعدد من المحافظات لتدريب الشباب من الدول الإفريقية فى مختلف المجالات. ومن المؤكد أن رئاسة مصر الاتحاد الإفريقى خلال الفترة المقبلة سوف تحقق الفائدة والكسب المشترك لمصر والدول الإفريقية معا. لمزيد من مقالات ◀ رأى الأهرام