عادة ما تكون خطب حالة الاتحاد طويلة ومملة ومليئة بالتفاصيل التى سرعان ما تتطاير فى الهواء، لكن أحيانا وفى حالات نادرة تحمل بعض الخطب جملا لا تنسى تعكس صفات رئاسية معينة أو تصك سياسة تبقى فى ذاكرة التاريخ مثل مصطلح «محور الشر» للرئيس الأسبق جورج بوش الابن أو «نهاية عصر الحكومة الكبيرة» للرئيس الأسبق بيل كلينتون. وترى شيرلى آن وارشو، الباحثة فى شئون الرئاسة فى كلية جتيسبرج الأمريكية، أن خطاب حالة الاتحاد لا يصنع فرقا فيما يتعلق بالتشريعات خاصة أن دراسة أجراها مركز خدمة ابحاث الكونجرس أخيرا كشفت عن أنه فى الفترة ما بين عامى 1965و2013 قدم الرؤساء الأمريكيون ما يقدر فى المتوسط بحوالى 33 اقتراحا تشريعيا جديدا خلال كل خطاب حالة الاتحاد ولم يوافق الكونجرس على تمريرسوى 41,6 فى المئة من المقترحات فى كل عام. وتشير وارشو إلى أن أهمية خطاب حالة الاتحاد تكمن فى أنه يسمح للرئيس الأمريكى ب«دعم موقفه وتعزيز صورته». وبمناسبة خطاب حالة الاتحاد الذى سيلقيه الرئيس دونالد ترامب اليوم، نستعرض أبرز خطب حالة الاتحاد لأسلافه: جيمس مونرو أعلن الرئيس الأسبق عما يعرف حاليا بعقيدة مونرو خلال خطاب حالة الاتحاد فى 2 ديسمبر 1823 والتى أصبحت نقطة فاصلة فى السياسة الخارجية الأمريكية وتبناها عدد من الرؤساء الأمريكيين فيما بعد وفى مقدمتهم تيودور روزفلت وجون كينيدى ورونالد ريجان. ترتكز العقيدة على معارضة بلاده للاستعمار الأوروبى فى الأمريكتين واعتبار أى محاولة للسيطرة على دولة مستقلة فى الأمريكتين مؤشرا معاديا وفى الوقت نفسه التزام الولاياتالمتحدة عدم التدخل فى أى صراعات بين القوى الأوروبية أو فى الشئون الداخلية للدول الأوروبية. فرانكلين روزفلت اشتهر خطاب حالة الاتحاد فى 6 يناير 1941 بخطاب الحريات الأربع حيث حدد روزفلت الحريات الأساسية التى يجب أن يتمتع بها الأفراد فى كل مكان فى العالم وهى حرية التعبير وحرية العقيدة والتحرر من العوز والتحرر من الخوف. وفى خطاب 11 يناير 1944 اقترح روزفلت «قانون الحقوق الثانى» وكانت حجته أن الحقوق السياسية فى القانون الأول والتى يضمنها الدستور قد اثبتت «أنها غير كافية لضمان المساواة بين المواطنين فى سعيهم لتحقيق السعادة» ليندون جونسون اشتهر خطاب جونسون فى 8 يناير 1964 بخطاب «الحرب على الفقر» ، حيث طالب المشرعين بضرورة ايجاد حل لارتفاع معدلات الفقر فى الولاياتالمتحدة والتى وصلت إلى 25 فى المئة، مؤكدا أن الأمر بحاجة لعدة تشريعات وليس قانونا واحدا. وبالفعل ساعدت التشريعات التى مررها الكونجرس خلال السنوات المتعاقبة على تأسيس عدد من برامج الدعم التى مازال معمولا بها حتى وقتنا الحالى مثل «طوابع الطعام» و«الرعاية الطبية» و«المساعدات الطبية» وغيرها. جيرالد فورد اعترف فورد فى خطاب 15 يناير 1975 والذى جاء بعد استقالة سلفه ريتشارد نيكسون بأن «حالة الاتحاد ليست على ما يرام وأن ملايين الامريكيين عاطلون عن العمل ، الركود والتضخم يلتهمان أموال الملايين ويتشكك البعض فى قدرة الحكومة على اتخاذ القرارات الصعبة والالتزام بها.الشعب الأمريكى يريد أفعالا.يمكننا تقديم الحلول وتحقيق تقدم وسيتم القيام بذلك» بيل كلينتون جاء اعلان كلينتون فى خطاب يناير 1996 بأن «عصر الحكومة الكبيرة قد انتهي» صادما خاصة انه صادر عن رئيس ديمقراطى وعقب فوز الحزب الجمهورى بالاغلبية فى الكونجرس فى انتخابات التجديد النصفى فى 1994 وذلك لأول مرة منذ 40 عاما .وقد استغل كلينتون الخطاب لشن هجوم على الجمهوريين بسبب الاغلاق الحكومى على مدى 21 يوما واراد أن يتفاخر ب «الحجم الأصغر للقوى العاملة الفيدرالية»! وطالب كلينتون الكونجرس بالحيلولة دون حدوث مثل هذا الاغلاق الفيدرالى فى المستقبل.وشهد الخطاب تصفيقا حادا لكلينتون 79 مرة كما أدى إلى ارتفاع شعبيته بست نقاط. جورج بوش الابن استخدم الرئيس الأسبق مصطلح «محور الشر»لأول مرة فى خطاب يناير 2002 لوصف كوريا الشمالية وايران والعراق حيث اعتبرها دولا تهدد السلام العالمى عن طريق سعيها المحموم لامتلاك أسلحة الدمار الشامل.كما حذر من أن عشرات الآلاف من ارهابيى القاعدة المحتملين ينتشرون حول العالم مثل القنابل الموقوتة. وحدد بوش فى هذا الخطاب أهداف «الحرب على الارهاب».يعتبر الخطاب من بين الخطب الأكثر جدية فى التاريخ الأمريكى خاصة وانه جاء بعد أشهر من هجمات 11 سبتمبر.