من يعرف الكاتب الصامد فؤاد حجازي يدرك نفاسة معدن الإنسان المصري مقاتلا ومثقفا. نموذج فريد من عزة النفس والتواضع والتفاني والصلابة الإنسانية. لم يغادر مدينته المنصورة وظل منارة إنسانية هادية في رحابها، يكتب وينشر كتابات الآخرين بقدراته المتواضعة، فيغدو علامة على إنكار الذات، والإيمان بدور الأدب والثقافة في رفعة الأمة ومواجهة شرور التعصب واللامبالاة والتخلف. هذا المعدن المصري النفيس، كانت أسطع تجلياته الوطنية في موقعه كمقاتل مصري خاض حرب 67 ووقع أسيرا ليقضى قرابة العام في سجن «عتليت» الإسرائيلي المر، فلم يهن ولم ينكسر، بل ما إن خرج من الأسر حتى+ طلب العودة إلى صفوف الجيش المصري مقاتلا مؤمنا بوطنه وبقدرته على الانتصار. وعلى جبهة الثقافة أكمل دور المقاتل، فسطَّر بقلمه ملحمة « الأسرى يقيمون المتاريس» وثيقة أدبية تسجل حقيقة أن الإنسان المصري في أسره ظل أكثر تحضرا وكبرياء وعزة من آسريه. ثم أتبع هذه الملحمة بقصص متميزة استلهمها من تجربته كمقاتل في القوات المسلحة المصرية الأبية، إضافة إلى كتاباته عن إباء المصريين البسطاء في نهر الحياة. الآن، يرقد هذا المصري الكريم « فؤاد حجازي» مقاتلا آلام مابعد الثمانين وكسرا في الحوض ألزمه الفراش عاجزا عن الحركة ومتنائيا عن ذل السؤال بالصمت. ليبقى لنا نحن أن نستصرخ بحق كبريائه وعزة نفسه وبطولته الإنسانية، أن تمتد له يد مصر ممثلة بمستشفى القوات المسلحة في المنصورة لتجبر الكسر وتواسي ألم العمر الكريم. نعم، أحدد هذا النداء كطبيب وكاتب عرف همة وكفاءة القطاع الطبي للقوات المسلحة في تقديم هذا الغوث في هذا العمر الصعب لعديد من الأدباء والكُتاب حين لم يجدوه خارجها، موجها ندائي للفريق أول وزير الدفاع وسلاح الخدمات الطبية بالقوات المسلحة المصرية، الذي شرفت بعملي فيه طبيبا مجندا في جزء عزيز من العمر والتجربة، أن يُنقل الأستاذ فؤاد حجازي إلى مستشفى القوات المسلحة بالمنصورة على وجه السرعة التي تنشدها آلامه، وهناك أثق في أنه سيلقى أفضل ما يمكن الحصول عليه في محنة مرضه، في منظومة تجمع مابين الرعاية الطبية الكفؤة والانضباط الذي يصون الصبر الجميل في تقديم هذه الرعاية لمقاتل مصري نبيل يستحقها وقت المحنة.