في ما يشبه جدارية لا تشعر أن أحدا رسمها، تمضي رواية "لا تنسى الهدهد" للكاتب الكبير فؤاد حجازي، الذي يعكف بصبر الفنان وخبرة صانع النسيج على رسم وجوه لأسرة مصرية، يجمعهم بيت واحد، واختلاف في الرؤى للحياة والدين والتدين والعلاقات الاجتماعية، وليس لهم بطولة سوى الرغبة في الحياة، حيث إن لهم ابنا مدمنا ويسعون لعلاجه، وهو يترواح بين الرغبة في العلاج والانتكاسة عن التقدم فيه. وقد صدرت الرواية في سلسلة "روايات الهلال" فبراير 2015 بالتزامن مع معرض القاهرة للكتاب. وتقول هالة زكي مديرة تحرير سلسلة روايات الهلال إن قارئ رواية "لا تنس الهدهد" لن يجد هدهدا حقيقيا، ولكنه سيجد الكثير من الفن والمتعة والسرد الجذاب المنسوج من دراما الأسرة المصرية خلف الأبواب المغلقة على أسرار وأوجاع وأحلام مؤجلة، كما تشيع في الرواية روح الفكاهة والمرح حتى في أحلك الأوقات أو الظروف، فلا يملك القارئ إلا ان يمد يده ليخفف عن أبطال الرواية. سوف يجد القارئ نفسه فى مكان ما من الرواية، كما سيجد أم كلثوم وعبد الحليم والكثير من الجيران وشيخ المسجد وكثيرين ممن نتعامل معهم عندما نكون على قيد الحياة، أو على قيد المرض والموت. تظل تجربة فؤاد حجازي الحيوية والإبداعية تجربة واحدة، لا يمكن فصل تفاصيل الحياة التي عاشها عن أعماله الإبداعية (في القصة والمسرح والروائية)، ولا يمكن أن تفصل فؤاد حجازي الإنسان عن فؤاد حجازي الدور. وهذا يتحقق في هذه الرواية، بدءا من اللغة التي يستخدمها، وهي عربية فصيحة ممتزجة مع الكثير من الكلمات العامية التى لا نجد فى الأغلب مرادفا لها في قاموس الفصحى. وعلى الرغم من أن الرواية تتناول أزمة أسرية، يعاني فيها الأبوان أزمة مع ابن يدمن الكثير من المخدرات، ويقترض الأموال من أجل هذا، ويسدد عنه الأب والأم، إلا أن هذه الأسرة تحيلنا جميعا إلى تفاصيل حدثت وتحدث معنا. إنها الحياة التي تستمر، بالتصالح مع الأزمات بدون الكثير من التعالي أو الأوهام. وقد أسر حجازي في حرب 1967، وقضى في سجن عتليت بإسرائيل ثمانية شهور، ويقول: "علّمني الأسر أن أكون أكثر إنسانية، ورأيتُ في الأسر أننا كنا أكثر رقيا وتحضراً من الإسرائيليين". وعن أسره في سجن عتليت الإسرائيلي كتب روايته "الأسرى يُقيمون المتاريس"، وعدداً من القصص القصيرة نشرها في مجموعة «سلامات». دخل السجن عدة مرات لتهم سياسية، كانت المرة الأولى عام 1959، واستمرت إقامته فيه 39 شهراً، بين سجن الواحات، وسجن مصر، وسجن القناطر. وفي عام 1971 دخل سجن القلعة، لمدة أربعة اشهر، بتهمة بالمشاركة في مظاهرات الطلبة. وفي أحداث الخبز 18 و19 يناير 1977، ألقي عليه القبض، وأمضى شهرين في سجن القلعة. فؤاد حجازي الذي صدر له نحو ثلاثين عملا في الرواية والقصة والمسرح والنقد التطبيقي والسيرة الذاتية كاتب نبيل بحق، وقد أسس عام 1968 سلسلة "أدب الجماهير" في المنصورة، وأسهمت في حل مشكلة النشر أمام الأدباء الشبان.