أكد الرئيس محمد مرسي أن الأمة المصرية جريحة نزفت الكثير من خيراتها وفسدت كوادرها, ولكننا نضع الآن أيدينا علي مواطن النزيف ومسارات الفساد ومقدرات الوطن وموارده الكثيرة التي أهدرت في الماضي. وشدد الرئيس مرسي خلال كلمة أمس أمام طلاب الجامعات المصرية في اللقاء الذي عقد بمركز القاهرة الدولي للمؤتمرات بمدينة نصر- علي أننا اليوم بخير ولدينا موارد كثيرة وأفضلها هو أبناء مصر الأوفياء لوطنهم والمتعاونين المتحدين, مشيرا إلي أن من يحاول إحداث شرخ علي سطح هذا الوطن لن يفلح أبدا, فهي محاولات ضالة وميتة قبل أن تولد. ووجه الرئيس مرسي كلامه لشباب الجامعات المصرية, قائلا: إن هذه الأمة تنهض من كبوتها بكم أنتم وتفيق بكم جميعا, معربا عن تفاؤله بأن مصر ستنجح وتنمو وتتبوأ المكانة التي تستحقها بين الأمم المتقدمة بفضل الله. وأشار إلي أنه عندما نتحدث عن النهضة فنتحدث عن صناعة الطائرات والسفن والغواصات والمصانع ومصانع الرجال وهي الجامعات, منوها بأن مصر لا تنهض بغير نهضة علمية وأبحاث علمية وثورة في كل مراحل التعليم, مؤكدا أنه لا بد أن يعود للمعلم والأستاذ والباحث والجامعات والمراكز البحثية دورها وحقوقها, وشدد الرئيس علي قربه الدائم من الجامعة والطلاب وشكرهم علي دعوتهم له لهذا النشاط الخاص بهم, مشيرا إلي أنه يحرص علي أن يكون هذا اللقاء كل عام. وأكد مرسي أنه لن يهدأ له بال حتي يتم القصاص للشهداء قائلا إن دماءهم وحقوقهم دين واجب علينا لابد ان نؤديه. ولفت إلي أن الحركة الطلابية كان لها دور كبير في تقدم الوطن وكذلك دورها في ثورة25 يناير التي قامت بإرادة وجهد أبناء مصر جميعا وفي قلبهم الحركة الطلابية والأبناء الذين كانوا يعانون من الظلم والتوجيه السيء لهذا النشاط ولن يعود ذلك طالما أن هذا الشعب والشباب والطلاب والأساتذة بهذا القدر من الوعي والإدراك والحرص علي مصلحة الوطن وتقديمه علي المصالح الخاصة. ودعا مرسي طلاب الجامعات النظر إلي الأمام, محذرا إياهم من الانشغال بالنظر إلي الوراء وإلي أسفل الأقدام, موضحا أنه ليس معني ذلك التغافل فيما وقع من جرائم في حق الوطن والشعب. وقال مرسي إنه ما دمنا قد إنتقلنا من الشرعية الثورية إلي الشرعية الدستورية, فانه يجب أن يكون للشرعية الدستورية أقدام وثوابت وقواعد ننطلق منها. وأضاف أن مصر اليوم دولة مدنية بحق ولن تكون دولية ثيوقراطية ولا عسكرية وإنما هي دولة مدنية بإرادة أبنائها ومن خيرة أبنائها رجال القوات المسلحة, محذرا الشباب من الخلط ما بين مؤسسة القوات المسلحة وأبنائها الأوفياء الفاعلين في حماية الوطن, وبين أننا معهم ننتقل إلي دولة مدنية سعينا إليها ويحققها اليوم دون خلط للأوراق. وشدد الرئيس علي أنه من ارتكب جريمة لا يمكن أن يتستر عليه أحد فالجميع امام القانون سواء, داعيا شباب الجامعات إلي أن يعوا أعداء الوطن. وقال لايمكن القول بأن هناك مصريا واحدا داخل الوطن أو خارجه عدو لهذا الوطن, ولكن أعداء الوطن معروفون, لذا إياكم أن تروا غير الحقيقة أو تنشغلوا بغير المستقبل. وأردف قائلا نريد تنمية شاملة لهذا الوطن وأنتم سواعد هذه التنمية ووقودها فلا تميلوا إلي رأي ضار ولا تنشغلوا بكلام معوج ولا تصوروا أننا في غفلة عما يحاك لمسيرتكم, ونعرف ما يدور بيننا وحولنا وخارج مصر. واستطرد قائلا: إياكم أن تشيعوا وقتا في غير منفعة لوطنكم, مشيرا إلي أنه يري روحا جديدة تسريي في هذا الوطن ليوحد صفه ولينتج بعقله وعاطفته مسيرة تنموية تحتاج إلي جهدنا جميعا من طلاب وشباب واساتذة ورجال ونساء ومسلمين ومسيحيين والشرطة والجيش. وأشار الرئيس إلي انه لدينا18 مليون تلميذ في المرحلة ما قبل الجامعية ومليونا طالب في المرحلة الجامعية ومليونا معلم ومدرس وأستاذ, بإجمالي22 مليون من أبناء مصر داخل مؤسسة التعليم وعائلاتهم.. وهذه هي مصر ولابد من الحب والوحدة والنظر الي الامام وغض الطرف عن السفاسف وبذل الجهد والعرق. وخاطب الرئيس شباب الجامعات قائلا: تعلموا أتقنوا فان للعلماء منزلة كبيرة عند الله والناس, لافتا الي ان الانتماء ليس فقط قول, وانما هو عمل وفعل وإعلاء لقيم الحرية والديمقراطية والدولة المدنية. وأضاف لدينا اهتمام كبير بالعلم والتعليم والبحث العلمي ومراكز الأبحاث والمعلمين بكافة المراحل بما فيها التعليم ما قبل الجامعي. وقال إنه ربما يكون هناك تقصير في إعطاء الناس حقوقهم المادية ولكن انتظر ان يكون هناك صبر علي الهم الذي ورثناه فللصبر بعض الوقت وليس كل الوقت, وان شاء الله هناك تدابير كبيرة تتم وهمم كثيرة تنهض ورجال يعملون لتنهض منظومة التنمية وفي قلبها المنظومة التعليمية والبحثية. وخاطب الطلاب قائلا: أنتم في الجامعات أحرار ولا مجال للحجر علي نشاطكم وأفكاركم, فلتتحركوا بكل الأفكار والآراء...أريدكم أن تهتموا أيضا بالعلم لتصبحوا نماذج فذة وتتفوقوا في تحصيل العلم وتتحلوا أيضا بالاخلاق الكريمة لتنهض مصر, ويكون الناتج مواطنا شريفا معافا في عقله ووجدانه وبدنه. وأضاف ان مصر اليوم تحتاج إلينا جميعا وكلنا نحتاج اليها... وسفينة الوطن تبحر من شاطئ مليء بتحديات كثيرة.. تبحر بنا جميعا بإرادتها ووحدتنا وعملنا الي آفاق ارحب وآمال أوسع ومستقبل افضل. ودعا الرئيس إلي أن تتحول الجامعة إلي منارة حقيقية للمجتمع, مؤكدا أن أدوار الجامعة تتسع الي ثلاثة قطاعات هي التعليم والطلاب, والبحث العلمي والدراسات العليا, والبيئة والمجتمع, بما يشكل منظومة متكاملة. ومن ناحية أخري, شدد مرسي علي إنه لا يستخدم سلطته في التشريع في المرحلة الحالية إلا في أضيق الحدود, متمنيا الإنتهاء سريعا من وضع الدستور والاستفتاء عليه ثم انتخاب مجلس الشعب لتستقر المنظومة التشريعية. كما أكد حرصه علي تداول السلطة بحرية وطبقا لإرادة الامة. ودعا الرئيس مرسي طلاب مصر مع بداية العام الدراسي الي الا ينسوا إخوانهم في سوريا الشقيقة, لافتا إلي أن ما يقع في سوريا من سفك للدماء يؤرقنا جميعا ونحرص ونعمل علي وقف نزيف الدم وان شاء الله سيقف. وأشار الي ان جهود كبيرة تبذل الان علي المستوي العربي من خلال اللجنة الرباعية وأيضا من خلال الجامعة العربية وغيرها ليمتلك السوريون إرادتهم كاملة ويحصلوا علي حريتهم كاملة بعد أن يزول الظلم عنهم ويختفي هذا النظام الذي يريق دمائهم... وسيتغير الحال بيد السوريين انفسهم وبدعم منا لهم. وقال الرئيس مرسي إنه قرر أمس أن يعامل الطلاب السوريين في مصر معاملة الطلاب المصريين كما تجري مصر مشاورات مع الجانب التركي لإرسال أساتذة ومعلمين مصريين خلال العام الدراسي القادم للتدريس للطلبة السوريين الموجودين علي الا راضي التركية. وأكد مرسي علي المسئولية المستمرة لمصر إزاء فلسطين وقضيتهم وشعبها ودولتها المستقلة وعاصمتها القدس, قائلا هم يقررون ما يشاؤون ونحن لهم داعمين ليصلوا الي أهدافهم المرجوة. واختتم الرئيس مرسي كلمته مخاطبا شباب الجامعات المصرية قائلا: أمامكم مستقبل عظيم واستقرار كبير ووطن واسع باراتكم وجهدكم وتناسقكم وتتجانسكم وحرصكم علي العلم والمعرفة وبهذا تنهضون وتنهض مصر الغالية.