يرى المراقبون أن تشكيل الحكومة اللبنانية الذى جاء بعد مخاض طويل ليس إلا بداية الطريق للتعامل مع عدد من التحديات الصعبة التى تواجه لبنان على جميع الاصعدة السياسية والأمنية والاقتصادية ،والمجتمعية وفى مقدمتها القيام بإصلاحات ضرورية لإنهاض اقتصاد على شفير الانهيار. فالتحدى الأول أن هذه الحكومة التى تم التوافق عليها بعد طول انتظار هل تكون سبيلا للتعامل مع مشكلات لبنان والخروج به من حالة الانسداد التى يمر بها ؟ ، أم أن التشكيل الحكومى يحمل بين طياته قنابل موقوتة يمكن أن تفجر هذه الحكومة عند أى منعطف خلافي؟ . الإجابة على هذه التساؤلات تكمن فى قدرة التشكيلة الحكومية الجديدة على العمل كفريق واحد فى أداء كل وزير من وزرائها الثلاثين وهل سيكون أداؤه فى خدمة الشعب اللبنانى أم فى خدمة أجندات محددة. أول نجاح يمكن أن تحققه الحكومة الجديدة يتعلق بمدى قدرتها على بلورة وترجمة وتفعيل مبدأ النأى بالنفس عن المخاطر المحيطة بلبنان . ومن التحديات المجتمعية الكبيرة التى تنتظر الحكومة، هو ملف اللاجئين الذى يشكل ضغطا كبيرا لا يمكن تجاهله ويمكن للحكومة اللبنانية الاستعانة بالدول العربية والمجتمع الدولى فى التعامل مع هذا الملف الذى فرض عليها . ومن التحديات أيضا، التحرشات الاسرائيلية الفجة فى لبنان سماء وارضا والتى يجب ألا يتم تجاهلها، وليس خفيا ملف حزب الله الذى يشكل تحديا كبيرا لسيادة الدولة اللبنانية ويبقى أن الملف الاقتصادى يشكل حجر زاوية فى نجاح أو فشل الحكومة فى تحقيق المهمة الأولى لها وحل المشكلات المتفاقمة للمواطن اللبنانى وتقديم الخدمات العامة التى تنقصه ، وإعادة لبنان كوجهة سياحية ومركز استثمارى مهم فى المنطقة . وعلى هذه الحكومة الجديدة القيام سريعا بإصلاحات ضرورية لإنهاض اقتصاد على شفير الانهيار، عانى كثيرا من التداعيات الاقتصادية للحرب فى سوريا وتدفق أكثر من مليون ونصف مليون لاجئ سورى الى هذا البلد. و هذا ما أكده سعد الحريرى رئيس الوزراء اللبنانى عندما قال إن الحكومة الجديدة مجبرة على القيام بإصلاحات جريئة دون تأخير لمعالجة المشكلات المزمنة التى تواجه الدولة المثقلة بشدة بالديون و خفض النفقات فى الموازنة و إعادة تأهيل قطاع الكهرباء. و من جانبها ،قالت وكالة موديز للتصنيف الائتمانى إن الحكومة اللبنانية الجديدة ستواجه «تحديا كبيرا» فيما يتعلق بخفض مستويات الدين. و يتوقع المحللون فى «موديز »، أن تطبق الحكومة اللبنانية الجديدة بعض إجراءات التصحيح المالى بهدف إطلاق حزمة استثمارية قيمتها 11 مليار دولار أجلها خمس سنوات تعهد بها مانحون دوليون خلال المؤتمر الاقتصادى للتنمية من خلال الإصلاحات ومع الشركات (سيدر) الذى عُقد فى باريس خلال أبريل 2018. المعروف أن موديز تصنف لبنان عند المركز صفر، وهو بمثابة تحذير من أن البلاد لديها مخاطر كبيرة فيما يخص الديون.حيث تصل نسبة الدين العام فى لبنان الى 141% من إجمالى الناتج المحلي، وهى من أعلى النسب فى العالم. ويشير إعلاميون لبنانيون إلى حجم الأزمات الاقتصادية والمعيشية والفساد الذى ينخر فى جسد ما بقى من الدولة، والمجارى التى تنفجر مع كلّ عاصفة، والطرقات التى تختنق من زحمة العابرين ، والمدن والبلدات والطرقات المعتمة، والغلاء المعيشى والفقر والبطالة، وفوقها أزمات النازحين والحروب الصغيرة. الجميع يأمل فى نجاح هذه الحكومة من أجل استقرار لبنان و ازدهارها سياسيا و اقتصاديا.