أعلم أن كلماتى القادمة هى سباحة حرة ضد التيار، سأعبر من خلالها عن رأى شخصى لم يولد مع ارتفاع سخونة حملة مقاطعة شراء السيارات التى تضج بها وسائل التواصل الاجتماعي، لكنه رأى يتجاوز حدود الصخب الذى أشعله مستهلك يتوق لاقتناء سيارة حديثة لا يمتلك ثمنها، لأتوقف عند واقعية السؤال: لِمَا كل هذا التمترس والتحشيد وطبول الحرب من أجل مقاطعة شراء السيارات وحدها كما تقول حملة (خليها تصدي)؟ كان مطلع يناير الحالى وبدء تطبيق (صفر جمارك) على السيارات ذات المنشأ الأوروبى إشارة (صفر آخر) لانطلاق حملة غير مسبوقة فى زخمها واجتذابها المؤيدين الذين فوجئوا بأن الخصومات على أسعار السيارات بعيدة عن طموحاتهم التى كانت تصور لكل منهم أنه سيشترى سيارة العمر بنصف ثمنها مع تطبيق المرحلة الأخيرة من اتفاقية الشراكة مع أوروبا. من حق كل فرد أن يحلم باقتناء ما يريد لكن فى الوقت نفسه على الحالم أن يحلم بالمعقول الذى يسهل تحقيقه، وقد تحقق المعقول بخفض يصل إلى 50 ألف جنيه بالنسبة للسيارات المتوسطة وبعض الفاخرة، لكن ماذا نقول عن من تخيل وفى لحظة غاب عنها المنطق أنه حتما ولا بد أن تعود أسعار السيارات إلى ما كانت عليه قبل تعويم الجنيه؟ ألم يضع الإخوة المقاطعون فى اعتبارهم محددات تقود إلى تسعير السيارات لأن الأمر بالطبع ليس اعتباطا، ونذكر منها انخفاض قيمة الجنيه بعد التعويم وارتفاع تكلفة السيارة فى المنشأ وما يتحمله الوكيل المحلى من رسوم ضرائب وتخزين ومصروفات تشغيل للمعارض ومراكز الصيانة وخلافه؟ والأمر الأكثر لفتا للانتباه والتعجب شراسة حملة مقاطعة السيارات للدرجة التى لا تضاهيها حملات سابقة لمقاطعة المتاجرين بقوت الشعب من تجار الخضار والفاكهة والبقالة وهى سلع أعظم أهمية لدى القطاع الأعظم من الشعب، لكنها حملات لم تصمد لأنها لم تأخذ الزخم نفسه، ولهذا تفهم التجار محدودية تأثيرها. أتمنى أن يحقق المقاطعون مبتغاهم لكن النجاح الأكبر أن ينقلوا هذا الحماس لحملات مقاطعة موازية لأى سلعة تباع بسعر استفزازى سنشاركهم فيها وندين لهم بالفضل عند نجاحها. [email protected] لمزيد من مقالات شريف عابدين