لا مكان لهؤلاء القتلة، وزير الصحة السوداني: رسالة البرهان هي صوت الشارع بشكل عام    اتحاد الكرة يعدل موعد ودية منتخبي مصر والجزائر الثانية    مصرع 3 أشخاص وإصابة 8 آخرين في انقلاب ميكروباص بصحراوي المنيا    "دولة التلاوة".. مصطفى حسني للمتسابق محمد سامي: شعرت في قراءتك بالفخامة    الطفل آدم مهنى: عندى 11 سنة ومبسوط إني جزء من أوبريت يالا بينا    مصطفى حسني للمتسابق محمد سامي: شعرت في قراءتك بالفخامة    رئيس الطب الوقائى: نوفر جميع التطعيمات حتى للاجئين فى منافذ الدخول لمصر    آخر تطورات الحالة الصحية لطبيب قنا المصاب بطلق ناري طائش    جمارك مطار القاهرة تتصدى لهجمات مهربي المخدرات بضبط 20 كيلو مجددًا    قناة الزمالك تنعي وفاة محمد صبري    انتخابات إلكترونية لنادي هليوبوليس في حضور وزير الرياضة    نقيب الفلاحين: اللحوم في أرخص أيامها الفترة دي    الحكومة تعتزم إنشاء مركز تعليم الحرف اليدوية بمدرب اللبانة.. صور    الباز: العزوف تحت شعار "القايمة واحدة" عوار يتحمله الجميع    من بينها الأهلي والزمالك.. تعديل مواعيد 3 مباريات في الدوري    تربية عين شمس تحتفي بالطلاب الوافدين    لاعب وادى دجلة يوسف ابراهيم يتأهل إلى الدور نصف النهائي لبطولة الصين المفتوحة 2025    «الصحة» تنظم جلسة حول تمكين الشباب في صحة المجتمع    تعديل تاريخى فى مواعيد انطلاق الدوري الأمريكي 2027    للمصريين والأجانب.. تعرف على أسعار تذاكر زيارة المتحف المصري الكبير    انطلاق برنامج دولة التلاوة عبر الفضائيات بالتعاون بين الأوقاف والمتحدة في تمام التاسعة    سعر اللحوم مساء الجمعة 14 نوفمبر 2025    الأمطار الغزيرة تفاقم معاناة سكان في قطاع غزة    السنيورة: حزب الله فرض سلطته على لبنان وحوّل مرجعيته إلى طهران    إجراء جراحة دقيقة ومعقدة لإصلاح تمدد ضخم بالشريان الأورطي البطني بكفر الشيخ    الكنيسة الأرثوذكسية تعلن تأسيس الأمانة العامة للمؤسسات التعليمية    الأهلي يعلن مواصلة تريزيجيه والشحات برنامج العلاج الطبيعي    الأمم المتحدة: عشرات الآلاف من نازحى الفاشر فى عداد المفقودين    أزهري: سيدنا محمد تعرض للسحر.. وجبريل نزل من السماء لرقيته    وزارة الشؤون النيابية تصدر إنفوجراف جديدا بشأن المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب    الطيران المدني توضح حقيقية إنشاء شركة طيران منخفض التكاليف    محافظ المنيا يبحث مع وفد الإصلاح الزراعي خطة تطوير المشروعات الإنتاجية    المسلماني: مجلس «الوطنية للإعلام» يرفض مقترح تغيير اسم «نايل تي في»    الزراعة": توزيع 75 سطارة مطورة لرفع كفاءة زراعة القمح على مصاطب ودعم الممارسات الحديثة المرشدة للمياه في المحافظات    تعرف على الحوافز المقدمة لمصنعي السيارات في إطار البرنامج الوطني لتنمية صناعة السيارات واشتراطات الاستفادة من البرنامج    سيطرة آسيوية وأوروبية على منصات صدارة بطولة العالم للرماية    وزير الخارجية يبحث مع نظيره في تركمانستان العلاقات الثنائية بين البلدين    وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي يبحثون مقترحًا لتدريب 3 آلاف ضابط شرطة من غزة    الخريطة الكاملة لمناطق الإيجار السكنى المتميزة والمتوسطة والاقتصادية فى الجيزة    حبس زوجة أب في سمالوط متهمة بتعذيب وقتل ابنة زوجها    اليوم.. عبد الله رشدي ضيف برنامج مساء الياسمين للرد على اتهامات زوجته الثانية    أذكار المساء: حصن يومي يحفظ القلب ويطمئن الروح    ضبط 140809 مخالفات مرورية خلال 24 ساعة    الأهلي يصل صالة خليفة بن زايد لمواجهة سموحة فى نهائي سوبر اليد.. صور    وزير الخارجية: صلابة الدولة ورؤية القيادة ووعى الشعب أسهم فى استقرار الوطن    إعلام إسرائيلي: الأجهزة الأمنية تفاجأت بموافقة نتنياهو على إعمار مدن بغزة    رئيس كوريا الجنوبية يعلن زيارته لمصر والإمارات الأسبوع المقبل    ضبط مصنع غير مرخص لإنتاج أعلاف مغشوشة داخل الخانكة    مؤتمر السكان والتنمية.. «الصحة» تناقش النظام الغذائي ونمط الحياة الصحي    جبران: تعزيز العمل اللائق أولوية وطنية لتحقيق التنمية الشاملة    انطلاق قافلة دعوية للأزهر والأوقاف والإفتاء إلى مساجد شمال سيناء    صندوق "قادرون باختلاف" يشارك في مؤتمر السياحة الميسرة للأشخاص ذوي الإعاقة    هطول أمطار وتوقف الملاحة بكفر الشيخ.. والمحافظة ترفع حالة الطوارىء    سنن التطيب وأثرها على تطهير النفس    نانسي عجرم ل منى الشاذلي: اتعلمت استمتع بكل لحظة في شغلي ومع عيلتي    مصرع شقيقتين في انهيار منزل بقنا بعد قدومهما من حفل زفاف في رأس غارب    سنن الاستماع لخطبة الجمعة وآداب المسجد – دليلك للخشوع والفائدة    غلق مخزن أغذية فى أسوان يحوي حشرات وزيوت منتهية الصلاحية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هذا الصقيع الساخن غير المحتمل
نشر في الأهرام اليومي يوم 23 - 01 - 2019

تعودنا كل شتاء أن نصف برودته بأنها عنيفة ولكنى أشهد بأن برودة هذا الشتاء غير محتملة وهذه الرؤية ليست عن درجات الحرارة فى الجو لكنها ايضا رؤية سياسية عن كرة أرضية فقدت قدرتها على استكشاف الهول الذى يصنعه كبار ساسة العالم لنا وكأنهم قرروا تحويل الكرة الأرضية إلى أحد أفران الغاز تنتج صقيعا.
أقول ذلك متذكرا قول كوندوليزا رايس فى أثناء زيارتها للقاهرة: أنتم مقدمون على ربيع عربى تصنعه الفوضى الخلاقة. وبدت كعرافة قادرة على اختراق الحجب لتقدم لنا رؤية لما جرى بعد رحيلها من إحراق شاب تونسى لنفسه واشتعال الفوضى فى ربوع مصر رفضا لحالة اتساع الفجوة فى مستويات الحياة بين من يريدون هضم كل ثروات مصر وإلقاء شبابها فى مزبلة اليأس ولا مانع أن تفتتنا الفوضى باسم الدين.
ومن الفوضى التى نشبت اظافرها فى العنق المصرى خرج من يلتحفون زورا بعباءة الدين يوزعون علينا اللعنات، ولنتذكر جيدا مسلسل حرق اقسام البوليس ومقار مصلحة الاحوال المدنية وملفات السيارات بمراكز تراخيص السيارات وفوق كل ذلك حرق كل ماله علاقة بتاريخ التحضر موجزا فى حريق المجمع العلمي، ثم وقوف الافعى المسماة يوسف القرضاوى ليقيم صلاة بميدان التحرير يرفعه إماما لها المدعو محمد البلتاجى الذى أراد أن يستولى على منصب وزير الداخلية بعد تمكن جماعته من خديعة بسطاء مصر بان يتولى حكم بلادهم باسم الإسلام عملاء الاستعمار الإنجليزى قديما والذين ورثهم المدعو أردوغان, ولولا يقظة الحكيم محمد حسين طنطاوى مشير المحروسة ومعه المجلس العسكرى لرحنا مفتتين كالشظايا يكره الواحد منا بعض أهل بيته.
ولكن خرجنا من الكرب الملتهب لتتوالى مشاهد الفوضى فى ليبيا ثم سوريا ويقف المتأسلمون كالأفاعى المسمومة يقبلون رشاوى من رجال اعمال نهبوا ما ادخرته دولة يوليو لأجيال المستقبل ولمن يكذبنى عليه ان يراجع أسماء الذين أتاح لهم الانفتاح السداح مداح اغتصاب شركات القطاع العام ثم يبحث فى علاقات هؤلاء مع المتأسلمين. ولم يتوقف صهد الصقيع عند حد وطبعا صحا الذين أدمنوا ما قيل عن صناديق الانتخاب فراحوا ينادون على الديمقراطية كأنها البنت الصغيرة التى تاهت فى أوبريت الليلة الكبيرة لعبقرى شعراء يوليو صلاح جاهين وصديقه الشيخ سيد مكاوي.
وجاء النداء على المؤسسة الوحيدة التى ظلت متماسكة, مؤسسة الجيش المصرى ليتولى بدء الإنقاذ فى الثلاثين من يونيو؛ ليضع قادته أسلوب عمل لا يغفر للمقصر مهما علت وظيفته وليبدأ جرد ما بقى من ثروة تحتاج لتنمية وفى نفس الوقت يمتد الخيال لبناء مستقبل مختلف. يحدث كل ذلك بما لا يعنى ان أيامنا صارت لبنا وعسلا, فكيف لمائة مليون فم من طعام، وكيف لمائة مليون رأس من مستقبل تعليمى وصحى وثقافي؟ تلك رحلة صعبة نخوضها حاليا مع ضغوط تراكم الدين العام الذى اوصلنا لتخفيض قيمة الجنية أمام الدولار، يحدث ذلك ونحن محاطون بفوضى يميننا حرب اليمن واضطرابات ثورة سوريا ومعهما المتلمظة الحريصة على تخلف الأرض العربية من خليجها إلى محيطها المسماة إسرائيل، وعلى يسارنا هدير الفوضى فى ليبيا ومحاولات تونس لإنقاذ نفسها من أنياب التأسلم الكذاب, أما جنوبا فهناك السودان الذى لانملك له إلا الدعاء؛ وفى شمالنا يحاول أردوغان ان يلعب دور البلطجى علينا وعلى اليونان وقبرص رغبة فى نهب جزء من كعكة الخير التى أهدتنا إياها السماء ألا وهى آبار الغاز فى البحر المتوسط؛ ولمن يريد معرفة ماذا فى ضمير اردوغان فليرجع إلى ما فعلته الإمبراطورية العثمانية فى بر المحروسة عندما دخلوا بعد الحملة الفرنسية من سرقة ونهب واعتداء على الاعراض وليقرأ ما كتبه عبقرى اليونان كازينتزاكس فى كتابه تقرير إلى اليونان، حين وصف همجية المرتزقة المسماة الانكشارية المتدربين على القتل باسم الإمبراطورية العثمانية.
وبطبيعة الحال لم تسلم أوروبا من رياح الربيع العربى الملتهب المنفلت فرأينا البديل للانكشارية باسم جديد هو تنظيم الدولة الإسلامية، وشاهدنا مسلسل قطع الرقاب سواء فى ليبيا أو فى سوريا ولن نتوقف عند العراق الذى تقطعت أوصال ثروته بنهب منظم. وكأن قوانين السماء تؤكد أن رد فعل ما تآمرت به علينا مخابرات الغرب, فيتمرد فقراء فرنسا على لعبة الديمقراطية المخادعة رغم نجاح واحد من أبرز رجال اليمين المعاصرين هو ماكرون, وليكشف لنا أن من بيننا من كان ساذجا إلى حد السفه هو الراحل معمر القذافى الذى أمد رئيسا فرنسيا سابقا بقرابة 14 مليون يورو. وطبعا يقف برنارد ليفى فيلسوف صناعة القتل فى ليبيا، ولن أنسى ملامح أستاذنا محمد حسنين هيكل وهو يروى كيف كان برنارد ليفى يقسم لبعض رجال القبائل الليبية على المصحف كى يصدقوا نداءه بالمشاركة فى قتل العقيد معمر القذافي!. ولتتحول ليبيا إلى ممر للمهاجرين الأفارقة الزاحفين إلى أوروبا مثلهم مثل من هربوا من أفغانستان والعراق وسوريا ليغرق بعضهم فى البحر المتوسط وليساوم أردوغان السيدة ميركل ليأخذ منها ملايين اليوروهات كى يوقف نزيف الهجرة لأوروبا.
ويعلو صراخ دول وسط أوروبا تحت وطأة الخوف من المهاجرين، ويظهر هذا الخوف فى صناديق انتخابات إيطاليا وغيرها من بلدان اوروبا. ويأتى انتقام السماء باسم السترات الصفراء ليقلب مائدة ما يسمى بالديمقراطية الغربية على رؤوس أصحابها المنظرين لها ولتتوه فرنسا الحالية فى محاولة قراءة واقعها وفى الوقت نفسه محاولة الانتباه لمستعمراتها القديمة فنرى قوات لها فى سوريا ونشهد لها صوتا فى مناقشة تركيا حول النفوذ فى الشمال السوري. ونرى الديمقراطية وهى ترقص رقصة ملتاثة من عدم الفهم لما أفرزته صناديق الاستفتاء البريطانى عن الخروج من خيمة الاتحاد الاوروبى. وهناك عبر الاطلنطى يوجد ترامب الأمريكى الشبيه بيلتسن الذى أنهى دولة السوفيت فتتشتت الرؤية الامريكية. وسط كل ذلك نحاول نحن هنا فى ربوع مصر ان نتماسك لنغير من واقع الاحتياج إلى حد إرواء المطالب الأساسية.
قلت من البداية أن زماننا هو عصر الصقيع الساخن واٍلعارم ومن يكذبنى عليه أن يقرأ من البداية.
لمزيد من مقالات ◀ منير عامر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.