توسعت الصحف فى نشر خبر أن محمد صلاح، يقرأ رواية: كفاح طيبة، لنجيب محفوظ. وكانت نفس وسائل الإعلام ذكرت قبل عام مضى أن محمد صلاح يقرأ كتاب: فن اللامبالاة، لعيش حياة تخالف المألوف. من تأليف: مارك مانسون، وترجمة: الحارس النبهان. والكتاب من النوع الذى يمكن أن يتم الإقبال عليه ورواجه. فهو فى ترجمته العربية مكتوب بلغة سلسلة. تأخذ من يقرأها من نفسه. ربما لا يستطيع التوقف عن إكمال الكتاب. ولأننا لم نعرف فى بلادنا عبارة الكتب الأكثر مبيعاً. ولا توجد لها أرفف خاصة فى المكتبات. مثلما نشاهد فى مكتبات العالم. فإن العبارة ربما تبدو غريبة. العبارات التى تروج للكتاب لكتاب لا أعرفهم. جميعهم أصحاب كتب أكثر مبيعاً. أو الكتب التى وردت فى قوائم الصحف الكبرى فى العالم. باعتبارها أكثر الكتب مبيعاً. والعبارات تأتى فى سياق أن المرونة والسعادة فى الحياة نصل إليها من معرفة ما يجب الاهتمام به. والأهم أنها تأتى من معرفة ما ينبغى عدم الاهتمام به. فالكتاب كما يقول أحد الذين مدحوه، إنه كتاب مرح سوقى يحرك التفكير إلى حد هائل، ونصيحة للقارئ لا تقرأ هذا الكتاب إلا إذا كنت على استعداد لتنحية الأعذار جانباً. ولأن تقوم بدور فعال فى عيش حياة أفضل. كتاب فن اللامبالاة، ما إن نشر خبر محمد صلاح، حتى فوجئت لدى باعة الكتب فى منطقة وسط البلد بأنهم يعرضون نسخاً بلا حدود. وبأرقام فلكية من الكتاب. وعندما سألت، قالوا إن السؤال عنه والإقبال عليه من القراء فاق أى توقع. ولا تنظر إلى كمية الكتب المعروضة لأنها سرعان ما تنفد. ونحضر غيرها ثم تنفد وهكذا. الكتاب يقع فى 270 صفحة، وكما نرى فى مثل هذه الكتب. فإن العنوان يحتل الغلاف. وأيضاً اسم المؤلف. أما الأغلفة التى تعتمد على رسم أو محاولة جذب القارئ. فلا يعتمد عليها. الصفحتان الأولى والثانية من الكتاب فيهما عبارات الإطراء التى كتبت من نجوم الكتابة والقراءة فى الجزء الآخر من العالم الذين قد لا نعرف عنهم أى شيء. وفصل الكتاب الأول عنوانه: لا تحاول. يحدد الهدف من الكتاب: - يهدف الكتاب إلى أن يجعلك تفكر قليلاً بمزيد من الوضوح فى الأشياء التى تعتبرها مهمة فى الحياة. وفى الأشياء التى تعتبرها غير ذات أهمية. ولا ينصب الكتاب على تخليصك من همومك وآلامك. وهذا ما سوف يجعلك تدرك أنه صادق معك. ليس هذا الكتاب دليلاً يوجه خطاك إلى العظمة. ولا يمكن أن يكون كذلك. هذا لأن العظمة ليست إلا وهماً فى أذهاننا. ليست إلا وجهة مختلفة نرغم أنفسنا على السير فى اتجاهها. إنها فردوسنا النفسى السحرى الكاذب. ذهبت إلى باعة الكتب بالقرب من مجلس النواب. لأننى مشغول بآلية إقبال القراء على كتاب دون غيره. وما هو السبب فى ذلك؟ لأن الموضوع رغم أهميته وخطورته متروك للصدف. ولم تتم دراسته علمياً فى أى جهة يمكن أن تقول لنا ما الذى يدفع الجماهير لشراء كتاب بعينه والإعراض عن كتاب آخر. لأن الكتاب بمجرد طباعته يصبح سلعة مطروحة للبيع. ويتم التعامل معه فى المكتبات وعلى الأرصفة على هذا الأساس. ثم عادت وكالات الأنباء والصحف تقول إن محمد صلاح يقرأ: كفاح طيبة. رواية نجيب محفوظ المبكرة. والتى أصدرها فى أربعينيات القرن الماضى. وتعد من رواياته التاريخية التى بدأ الكتابة بها. لم أجدها فى مكتبات دار الشروق التى تنشر مؤلفات نجيب محفوظ، واستغربت. الناقص فى الأخبار أكثر مما قيل. مثلاً لم تنشر صورة لمحمد صلاح وبيده الكتاب. والأهم لم يقل محرر الخبر هل كان محمد صلاح يقرأ الكتاب باللغة العربية؟ أم أنه كان يقرأ نسخة مترجمة له إلى لغات العالم أو على الأقل اللغة الإنجليزية؟ السؤال الذى يخصنا نحن هو: ماذا كان يقرأ محمد صلاح؟ النص الأصلى؟ أم النسخة الميسرة للشباب؟. لكنى وجدت كفاح طيبة، الميسرة للشباب. أعدها للنشر المرحوم محمد المعلم. مؤسس الدار وصاحب حلمها الكبير. وكان لديه مشروع متكامل لمغامرة كتابة أدب نجيب محفوظ للشباب. وكان متحمساً جداً له. ولكن يبدو أنه رحل عن عالمنا مثل كل أصحاب الرسالات الكبرى - دون أن يتمه. لكن تبقى القضية الجوهرية التى أخذتنى للموضوع. ألا وهى: لهاث الناشرين فى العالم وراء نجوم المجتمعات من أجل الترويج لعمل ما من الأعمال. أعرف أن النشر مثل غيره من الأنشطة الاقتصادية فى الغرب يختلف عن النشر فى بلادنا من جميع الوجوه. يكفى محنة الأمية التى تأخذ من قراء الكتب ملايين من المصريين والأشقاء العرب وأبناء العالم الثالث. أيضاً فنحن فى أسس العملية التعليمية عندنا لا نحاول أن ندرب الطالب من الطفولة حتى المراهقة وما بعدها على فكرة القراءة. ومع كل احترامى لمحاولات التطوير التى تتم ليلاً ونهاراً. فما زال جوهر العملية التعليمية كما هو. على الطالب أن يعرف إن لم يكن يحفظ ما هو مقرر عليه. حتى ينجح فى الامتحان. لن أقترب من الأعمال الأدبية التى تقرر على الطلاب لدراستها. لا عناوينها ولا مؤلفيها. فلو دخلت هذه الغابة لن أخرج منها سالماً. أيضاً فإن غرفة المكتبة فى أى مدرسة يتم تحويلها لعمل إدارى، مثل أن تكون قاعة للمدرسين أو السكرتارية أو الإداريين. وتخزن الكتب فى أى مخزن قريب. النسخة المتاحة من كفاح طيبة، الميسرة للشباب بمعرفة المرحوم محمد المعلم. طيب الله ثراه. فيها روح وجوهر النص دون أى إخلال بما كان يقصده نجيب محفوظ عندما كتب روايته فى سنوات كتابته الأولى للنص الروائى. لكن النسخة التى وجدتها كانت فاخرة ومجلدة وثمنها أربعون جنيهاً. وهو مبلغ قد لا يستطيع الشاب أن يدفعه. حتى وإن كان ينتمى لعائلة غنية. فأسعار الكتب فى سلم أولوياتنا فى الأسرة أو المدرسة نضعها خارج حساب أى ميزانية نحدد بها إنفاقنا. سؤالى: لماذا لم يفكر أى ناشر مصرى فى اللجوء لصلاح لقراءة رواية؟. لمزيد من مقالات يوسف القعيد