تتوالى شهادة المؤسسات الاقتصادية والمالية الدولية، مع مطلع العام الجديد 2019، التى تشيد بالتطورات الايجابية فى مؤشرات اداء الاقتصاد المصري، وتحمل توقعات ونظرة مستقبلية متفائلة ازاء استمرار التحسن فى مؤشرات الاداء، الاسبوع الماضى شهد صدور عدة تقارير ايجابية من مؤسسات اقتصادية ومالية دولية مهمة عن الاقتصاد المصري، «الاربعاء الماضى»، صدر التقرير السنوى للبنك الدولى بعنوان «الافاق الاقتصادية العالمية .. سنوات قاتمة» وهو يتناول اتجاهات الاقتصاد العالمى وتأثيرها على اقتصادات الدول النامية خلال السنوات الثلاث المقبلة، على الرغم من العنوان المتشائم الذى يحمله التقرير، فقد جاءت توقعاته للاقتصاد المصرى متفائلة اذ توقع ان يرتفع معدل النمو خلال العام 2019 الى 5.6% مقارنة ب5.3% فى العام المالى السابق، واستند فى ذلك الى عدة مؤشرات مهمة فى مقدمتها التحسن فى مناخ الاعمال ونمو المشروعات التى تم تنفيذها خلال السنوات الماضية، وارتفاع معدل الطلب المحلى بانتعاش الاستهلاك المحلي. تقرير البنك الدولى توقع ان يواصل معدل النمو الارتفاع خلال السنوات المقبلة ليصل الى 5.8% فى 2020 والى 6% فى 2021، كما توقع تراجع معدل التضخم الى 12.5% ،لاسيما مع تراجعه الى 13% بنهاية العام 2018 وفقا لما حدده البنك المركزى كهدف رئيسى له فى وقت سابق. وصدر التقرير الثاني، عن بنك ستاندرد تشارتر البريطاني، والذى توقع قفزة هائلة للاقتصاد المصرى ليحتل المرتبة السابعة ضمن اكبر عشر اقتصادات عالمية بناتج محلى اجمالى متوقع ان يصل بحلول 2030 الى 8.2 تريليون دولار ، ليتفوق بذلك على اقتصادات كبرى حاليا منها الاقتصاد الروسى بناتج إجمالى متوقع 7.9تريليون دولار واليابان بناتج اجمالى متوقع ان يصل الى 7.2 تريليون دولار، والاقتصاد الالمانى بناتج اجمالى متوقع 6.9 تريليون دولار، هذا تقرير يثير جدلا واسعا ولكنه صادر عن مؤسسة مالية مهمة توقعت ان يحتل 7 اسواق ناشئة مراكز مهمة ضمن اكبر 10 اقتصاديات عالمية بحلول 2030. اما التقرير الثالث والذى اعتبره مؤشرا مهما، المتعلق بمديرى المشتريات والصادر عن بنك الاماراتدبي، حيث سجل المؤشر فى ديسمبرالماضى اعلى مستوى له خلال 4 اشهر ليصل الى 49.6 نقطة مقارنة ب 49.2 نقطة فى نوفمبر، ويكتسب هذا المؤشر اهميته فى انه يعكس مشاركة القطاع الخاص فى ضخ الاستثمارات ليصبح مكون مهم فى دفع النمو. يبقى الاشارة الى التقرير الصادر عن اتش سى للأوراق المالية والاستثمار، حول تراجع صافى احتياطيات مصر الدولية، حيث عزى ذلك الى خروج الأجانب من سوق أذون الخزانة حيث كان من المفروض أن يبلغ قيمة سداد الدين المستحق فى النصف الثانى من العام 2018 مبلغ 7.2 مليار دولار، منها 4.3 مليار دولار لسداد ودائع الدول العربية، وهو الامر الذى يفسر الانخفاض فى احتياطيات النقد الأجنبى البالغ 2 مليار دولار ومن المنتظر أن تحصل الحكومة فى يناير الحالى على الدفعة الخامسة من قرض صندوق النقد والتى تبلغ 2 مليار دولار ويكتسب هذا التقرير اهميته من ان تراجع الاحتياطى الاجنبى ليس بسبب الانفاق الاستهلاكى ولكن لسداد مديونية خارجية الى جانب خروج الاموال الساخنة للصناديق العالمية ضمن خطتها لاعادة هيكلة محافظها فى الاسواق الناشئة والتوجه للدولار والذهب لاسيما فى ظل التقلبات الشديدة والخسائر الفادحة للاسواق المالية العالمية، اذ بلغت جملة خسائرها نحو 7 تريليونات دولار فى ظل توقعات ضبابية تسيطر عليها. ما يعزز هذه النظرة المستقبلية المتفائلة للمؤسسات الدولية، ان القطاعات الاساسية المولدة للعملات الاجنبية فى الاقتصاد المصرى تشهد نموا ملحوظا لاسيما قطاع السياحة حيث سجل نموا بنحو 40% فى الربع الاول من العام المالى الحالي. وتزامن صدور التقارير الصادرة عن المؤسسات الاقتصادية والمالية الدولية مع استمرار التحسن فى مؤشرات الاقتصاد الكلى سواء على مستوى معدل التضخم او تحقيق فائضا فى ميزان المدفوعات فى الربع الاول من العام المالى الحالى 2018/2019، حيث تراجع معدل التضخم فى ديسمبر الماضى باقل من المعدل الذى استهدفه البنك المركزى كهدف اساسى للسياسة النقدية التى ينتهجها وهى المرة الاولى التى يحدد فيها المركزى هدفا اساسيا له وجاء قراره فى ذروة ارتفاع معدل التضخم فى يونيو 2017 حيث بلغ وقتها 33.5% على اثر تحرير سعر الصرف والتحرير التدريجى للدعم على الطاقة وتطبيق ضريبة القيمة المضافة . ووفقا للجهاز المركزى للاحصاء تراجع معدل التضخم على اساس سنوى ليسجل 12% فى ديسمبر الماضى مقابل 15.7% فى نوفمبر السابق عليه، بتراجع 3.7% ،بينما حقق التضخم على اساس شهرى معدل نمو بالسالب بلغ 3.4% فى ديسمبر الماضى للشهر الثانى على التوالى حيث بلغ 0.8% فى نوفمبر السابق عليه. وعلى صعيد اخر يعكس استمرار التحسن فى مؤشرات اداء الاقتصاد المصري، ارتفع الفائض الكلى ليحقق نحو 284.1 مليون دولار خلال الفترة من يوليو إلى سبتمبر من السنة المالية 2018/2019،وفقا لتقرير البنك المركزى الصادر مساء الخميس الماضي، جاء ذلك على الرغم من الضغوط التى شهدتها الأسواق الناشئة والمتمثلة فى خروج رؤوس الأموال الأجنبية نتيجة لحالة عدم اليقين التى تسود الأسواق العالمية. كما استقر العجز فى حساب المعاملات الجارية، خلال نفس الفترة ليسجل 1.8 مليار دولار، وساهم كل من الميزان الخدمي، وتحويلات المصريين العاملين بالخارج، فى تحقيق الاستقرار فى حساب المعاملات الجارية، حيث ارتفع الفائض فى ميزان الخدمات بنسبة 50.4%، ليسجل 4.3 مليار دولار مقابل نحو 2.8 مليار دولار، وجاء هذا الارتفاع كنتيجة أساسية لارتفاع الفائض فى ميزان السفر، وزيادة متحصلات رسوم المرور بقناة السويس، وارتفاع صافى التحويلات الجارية نتيجة ارتفاع تحويلات المصريين، وارتفعت حصيلة الصادرات السلعية بمعدل 16.2% لتصل إلى نحو 6.8 مليار دولار، خلال الفترة من يوليو إلى سبتمبر من العام الماضى مقابل نحو 5.8 مليار دولار خلال نفس الفترة من العام المالى السابق، وان كانت هذه الزيادة نتيجة ارتفاع الصادرات البترولية، مع تراجع الصادرات السلعية غير البترولية ولاسيما نصف المصنعة ووفقا لتقرير المركزى فان صافى تدفق الاستثمار الاجنبى المباشر سجل 1.1 مليار دولار فى الربع الاول من العام المالى الحالى وعلى صعيد تقارير بنوك الاستثمار المحلية، فقد توقع بنك بلتون، استقرار سعر الصرف فى عام 2018/2019 حيث تبدو الضغوط منخفضة مع التدفقات النقدية الأجنبية القوية وصافى الأصول الأجنبية الكافية لدى البنك المركزى المصري، الى جانب مواصلة ميزان الخدمات تفوقه، مع زيادة إيرادات السياحة إلى 11.1 مليار دولار، وتحسن الميزان النفطي.