ليس مهما أن أختتم عامى هذا بعملية جراحية يمتد لها ذيلا طويلا يسمى التحليل الباثولوجى، الذى قد يقضى بأنى قد أكون مصابة بأورام، ونستكمل بدايات العام فى قلق انتظار نتيجة العينة. وليس مهما أن العملية هى عمليتين فى آن واحد، استئصال ندبة فى الصدر تشعبت بالداخل، وجزء متورم وبه ميكروب فى اصبع قدمى اليمنى، مع ضرورة اقتلاع الظفر، لأكون بذلك ذقت كل الآلام كما اخترقت العرف الشعبى القائل بأن "الضفر عمره ما يطلع من اللحم". وليس مهما أن حالتى معقدة ولا يصلح تخديرى حتى ببنج نصفى وسوف أكون واعية جاحظة العينين وهم يقتلعون ويبتسرون ويستأصلون. وليس مهما خجلى وربما شعورى بالإهانة من خضوعى للدراسة أمام أكثر من دكتور متدرب مع الاستشارى بسبب حالتى المعقدة، ألا يستعطفهم خوفى وفزعى من محادثتهم بمصطلحات علمية يترجمها عقلى الضعيف بأن حالتى أخطر ما اتوقع؟!. بكيت خجلا بمجرد خروجى من ساحتهم العلمية وأنفاسهم البارده البليدة، اختبأت فى أحد الأركان لألوم مرضى على وضعى فى هذه الحالة وذلك التوقيت الذى كنت انتويت فيه بداية جديدة ومواصلة حياتى بطريقه تفسح لكتاباتى مجالا إلى جوار تفرغى للمرض، حدثته حديث العاقلين: أنا لن أدعك يا صاحبى، فأنا صاحبة مرض، هل تعى مضمون هذه الكلمة؟!.. إننا متلازمان، لماذا تحاول الاستيلاء على وحدك؟.. دعنى أرمم ما عطبته فى حياتى السنوات الماضية، دعنى أزور أصدقائى وأحضر حفلات التوقيع، دعنى أضحك على قفشاتهم وأضرب كفوفهم بكفى عن قرب، دعنى أتحدث فى شئون العمل بدلا من جرى لأحاديث الشكوى والمرض وظروفى الصحية التى تستمع بها لأنك تكون محط اهتمامي. دعنى أوارى سوءة ضعفى عن ناس جديدة أتعرف عليهم فى المواصلات العامة والنادى وفى سوق الخضار وأماكن لم أزرها بفضل مجالستى لك. فقد كنت جليستك لفترة طويلة أمرضك وأداويك من أمراضك النفسية وأغذى غرورك ونرجسيتك. تفرغت لك طويلا. دعنى قليلا من الوقت قبل أن تنقض علىّ آلامك واكتئابى وشكوايا المسجونة فى رئتى وتقبض على روحى. فإلى متى فى رأيك أعيش ما تبقى لى من العمر؟، كيف ترى أيامى القادمة معك؟، أرنى خطتك وكن جريئا لمرة واحدة وأفصح عن نواياك تجاهى، هات آخر ما لديك وتعال نتبارى نعرض أسلحتنا، وأعدك ألا أسخر منك ولن أباهى بفوزى. سأرحل عنك فى هدوء وقد نجعل المباراة سرا.. سوف أبتهج لو تعادلنا!. دعنى أتعافى فقط. لا ترحل عنى نهائيا، فقد اعتدت عليك، ألا يكفى ان نتصادق باحترام.. أقدر عنادك وتحترم ضعفى. لمزيد من مقالات ناهد السيد