شهد القرن الأفريقى فى عام 2018 أحداثا وتحركات سياسية نوعية أحدثت تغييرات جذرية فى خريطة موازين القوة فى هذه المنطقة الاستراتيجية، لا سيما بعد قيام إثيوبيا بتبنى تغييرات جوهرية في سياساتها الخارجية نحو دول المنطقة فى القرن الأفريقي. وفتح رئيس الوزراء الإثيوبى آبى أحمد الباب لرؤية سياسية جديدة تعلى من مفهوم الحوار الايجابى بين قادة دول القرن الأفريقى للتوصل إلى تفاهمات ومصالحات حول قضايا وخلافات متشابكة. ولم يكتف طموح آبى أحمد السياسى بالدفع بخطط لتحقيق تسويات سلمية للصراعات القائمة فى المنطقة فحسب، وإنما أظهر إرادة سياسية تسعى إلى تحقيق التكامل الاقتصادى الإقليمى كحل للمشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية فى المنطقة. وهكذا، حركت الزيارات التاريخية التى قام بها رئيس الوزراء الاثيوبى إلى العاصمة الإريترية أسمرة واجتماعاته مع الرئيس أسياس أفورقى المياه الراكدة فى علاقات دول القرن الأفريقي، وأخذت التداعيات الايجابية تتوالى باستعادة العلاقات الدبلوماسية الكاملة بين أديس أبابا وأسمرة. هذا التطور الايجابى كان مفتاحاً ضروريا لحل العقد فى بقية علاقات دول القرن الأفريقي، وبلغ التحسن فى العلاقات ذروته فى ذلك اللقاء الرئاسى الثلاثى الذى استضافته إثيوبيا فى مناسبة افتتاح مستشفى تيبيبى جيون التخصصى فى مدينة بحر دار الإثيوبية مع الرئيسين الإريترى والصومالي، حيث أشار رئيس الوزراء الإثيوبى إلى أن القرن الأفريقى سيكون له رئيس واحد بدلا من ثلاثة، إلا أنه لم يحدد جدولا زمنيا لتوحد الدول الثلاث. وجاء ذلك بعد مشاورات جرت بين الزعماء الثلاثة لتعزيز اتفاق التكامل الاقتصادى والسياسى الذى تم التوقيع عليه فى أسمرة، وهو ما أكده الرئيس الصومالى فرماجو فى خطابه بمدينة جوندار الإثيوبية، حينما قال إن «تاريخ القرن الإفريقى قد تغير» . وقبيل انطلاق أعمال القمة الثلاثية التى استضافتها مدينة بحر دار الإثيوبية، قام الرئيس الجيبوتى إسماعيل عمر جيله بزيارة رسمية إلى العاصمة الفرنسية باريس فى نوفمبر الماضى للمشاركة فى منتدى باريس للسلام والتنمية الذى أقيم بمناسبة الذكرى المئوية لتوقيع الهدنة التى أنهت الحرب العالمية الأولى فى نوفمبر من عام 1918. وعلى هامش أعمال المنتدى، طلب الرئيس جيله من القيادة الفرنسية المساهمة فى الجهود الإقليمية المتعلقة بإنهاء النزاع بين جيبوتى وإريتريا، وبطلب من فرنسا سيتم تقديم تقرير دورى إلى مجلس الأمن كل ستة أشهر، يستعرض الجهود التى تبذلها أسمرة فى إنهاء الخلاف وتطبيع العلاقات مع جيبوتي. ومن أهم المشكلات التى تعانى منها المنطقة الصراعات الداخلية والدولية وما ترتب عليها من مشكلات اللاجئين والنازحين ومشكلات الأمن الغذائى والفقر والأمراض المتوطنة وغيرها. كما تحظى المنطقة باهتمام كبير من جانب القوى الفاعلة فى النظام الدولي،، خاصة من قبل الولاياتالمتحدة والصين والاتحاد الأوروبي.