لعبت المتغيرات الدولية والإقليمية دورا كبيرا فى ظهور الكثير من التفاعلات السياسية على الساحة العربية منذ عام 2011 وحتى الآن، لتزيد القضية الفلسطينية تعقيدا مع نهاية هذا العام، وتدخلها فى نفق مظلم يصعب معه إيجاد حلول قابلة للتطبيق على أرض الواقع، الأمر الذى تجلى فى زيادة الانقسام الداخلى بين فئات الشعب الواحد، وتوقف عملية السلام إلى أجل غير مسمي. البداية كانت مع قرار الولاياتالمتحدة نهاية 2017 بإعلان القدس الشريف عاصمة لإسرائيل فى مخالفة صريحة لقرار التقسيم الأممى رقم 181، وتزامن ذلك مع إعلان واشنطن عن قرب إعلان تفاصيل صفقة القرن مطلع 2018، حسب رواية الناطق باسم البيت الأبيض، ومندوب إسرائيل فى الأممالمتحدة السفير دانى دانون الذى أكد ان خطة السلام أو ما يعرف بصفقة القرن باتت مكتملة الآن، وأن واشنطن ستكشف عنها أوائل العام الجديد. ومع تبلور قرار عربى موحد رافض لخطة واشنطن، ومتمسك بالمبادرة العربية التى طرحت فى قمة بيروت 2002 بدأ ما يعرف بمسيرة العودة للشعب الفلسطيني، انطلاقا من قطاع غزة فى مارس الماضي، متزامنة مع ذكرى يوم الأرض، وتم تدشين عدد من المخيمات على مقربة من السياج الفاصل الذى يفصل القطاع عن باقى الأراضى الفلسطينية المحتلة، ونتج عن المسيرات وفقاً للإحصائيات الرسمية لوزارة الصحة بغزة 226 شهيداً، والعدد قابل للزيادة مع نهاية العام، وأكثر من 24 ألف مصاب بجراح مختلفة. وزاد من حالة التعقيد للقضية الفلسطينية ما بات يعرف بالانقسام الفلسطيني، بعد عمليات المصالحة التى خاضتها الأجهزة الأمنية لعدد من الدول العربية، ومن بينها مصر، من أجل لملمة الشمل وإيجاد حلول للمشاكل العالقة بين حركتى فتح وحماس من جهة، وبين السلطة الفلسطينية وإسرائيل من جهة ثانية، فوفقاً للجهود المبذولة، فإن المصالحات لم تنجح فى رأب الصدع، وتعذّر تطبيق العديد منها مثل اتفاق القاهرة نهاية العام الماضي، بسبب نشوب خلافات حول قضايا تمكين الحكومة، وملف موظفى غزة الذين عينتهم حماس أثناء فترة حكمها للقطاع. بدوره قال الرئيس الفلسطينى محمود عباس إن مساعيه لتحقيق المصالحة وتوحيد الأرض لم ولن تتوقف، وانه لن يتخلى عن الشعب الفلسطينى فى قطاع غزة، لكن حالة الانقسام الشديد بين حركتى فتح وحماس تجلت خلال المباحثات التى استضافتها القاهرة، حيث بادر الطرفان الى إلقاء اللوم على الطرف الآخر، الأمر الذى دفع الرئيس الفلسطينى إلى تحميل حركة حماس المسئولية عن إدارة القطاع. حالة الانقسام التى تسود الأراضى الفلسطينية سياسياً منذ 2007عندما سيطرت حماس على قطاع غزة، بينما بقيت حركة فتح تسير أمور السلطة الفلسطينية المعترف بها دولياً فى الضفة الغربية، تزيد من معاناة الشعب الفلسطينى يوماً بعد يوماً، خاصةً مع إعلان واشنطن فى سبتمبر الماضى عن أنها لن تمول وكالة الأممالمتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا»، متهمةً الوكالة الأممية بأنها منحازة بشكل لا يمكن إصلاحه. ومع نهاية 2018، وبداية 2019، تدق القضية العربية الأولى ناقوس الخطر أمام صانع القرار. فهل تحل صفقة القرن محل المبادرة العربية؟ وهل يبقى الشعب الفلسطينى أسير المعونة الدولية؟ أم أن بإمكانه إنهاء حالة الانقسام والرجوع لعملية السلام المتوقفة منذ سنوات قبل تطبيق مخطط سايكس بيكو2 لتقسيم الأراضى المحتلة؟