حينما نرى ما حدث فى فرنسا من انطلاق فورة غضب أصحاب السترات الصفراء تتداعى إلى الأذهان أنها قد تكون فورة تعبيرا عن مقاصد محددة لكن الأسلوب والطريقة قد تضل الطريق.. فالتغيير المشروع والمطالب بها أدوات مشروعة بحكم الدساتير والقوانين فى الدول العصرية الحديثة.. وتبليغ الرأى الآخر من الشعوب إلى الحكام والقادة والرؤساء له أيضا سبل وطرق متعارف عليها بدلا من أن تتحول أرض النور إلى بركان من النار والخراب. فقد يكون التغيير مصحوبا بالهدم والدمار فما أسهله.. ما أبسط اشتعال الحرائق، وامتداد لهيب النيران إلى عنان السماء وانطلاق أدخنتها إلى فضائه الرحب، مناظر سيئة يذكرها التاريخ بالنقد والإنكار وليس بالإشادة والفخار.. فقد ينطلق البشر رفضا لارتفاع أسعار الوقود يدمرون ويحرقون ويفترشون الأرصفة.. وينهبون المحال والممتلكات.. إنهم يضيفون على أنفسهم أعباء جديدة تفوق ما يتحملونه من تكاليف أسعار الوقود، على جانب آخر.. فإنها فرصة لاندساس بعض المعترضين والعابثين بمقدرات الشعوب ببث ونشر الشائعات الكاذبة والمضللة لحقائق السياسات، فضلا عن تقديم خدمة جليلة للمعارضين السياسيين وهواة السلطة بغير طرقها الشرعية للتسابق لإسقاط النظام. إن مهمة الفئة العاقلة من أبناء الأوطان.. وهى موجودة بلا شك أن تدرك جيدا حقيقة وجوهر الأمر.. فما أسهل هدم الأوطان، وما أصعب بناءها، حقا.. إن جراح الشعوب لا تندمل بسهولة ويظل النزيف مستمرا إلى فترة غير قليلة، فالأطراف المختلفة سوف تتنازع حول المصالح والغايات البشرية. إن بركان الغضب البشرى المتفجر فى لحظة من اللحظات لابد وأن يحاط بعمل عقلى وفكر منطقى من جانب فئات عاقلة تعى المخاطر والخسائر المحققة فى مواجهة آمال وأفكار غير رشيدة، وربما كان السبيل إلى الصواب منها طريقة الحوار الهادئ الجاد.. نعم هناك مطالب للشعوب يكون لها حدود فى تحمل الأعباء الاقتصادية لتسيير نظام الدولة، كما أن للمواطنين حقوقا فى تلبية احتياجاتهم المعيشية بكل سهولة ويسر.. مما يتطلب إجراء دراسة علمية تحقق التوازن المطلوب بين الحقوق والواجبات التى ينبغى أن تؤدى للمجتمع. لمزيد من مقالات د. حسين رمزى كاظم