على الرغم من أن الفاتورة النهائية للطلاق لم يتم حساب كلفتها بعد، فإن التداعيات الاقتصادية السلبية المتوقعة لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى على الجانبين أصبحت فى حكم الأكيد. فمن أهم تداعيات «بريكست» خسارة بريطانيا موقعها بين الدول السبع الصناعية الكبرى من حيث معدل النمو الاقتصادي، وهو ما تؤكده التقديرات الربع السنوية لإجمالى الناتج المحلى البريطاني. وتوضح صحيفة «الإندبندنت» أن القياس الأمثل لأثر «بريكست» على الاقتصاد يكمن فى مقارنة بريطانيا بغيرها من الدول السبع الصناعية الكبري، مشيرة إلى أن المملكة المتحدة كانت تحقق معدل نمو 2%، وقت إجراء استفتاء الخروج، وانخفضت هذه النسبة إلى 1٫4% فقط خلال الربع الأخير من العام الماضي، وذلك فى الوقت الذى تصاعدت فيه معدلات نمو باقى الدول السبع. ويتوقع مكتب مسئولية الموازنة البريطانى أنه بحلول 2019، سينخفض معدل النمو إلى 1٫3%، ليكون بذلك أدنى معدل نمو يحققه الاقتصاد البريطانى منذ الأزمة المالية العالمية فى 2008. ومن التداعيات المتوقعة خسارة العاصمة البريطانية لندن موقعها كمركز أوروبا المالي، مع إعلان نحو 30 بنكا ومؤسسة مالية انتقالها إلى مدينة فرانكفورت الألمانية، مما يعنى خسائر مادية تتراوح ما بين 750 و800 مليار يورو. ويقدر البنك المركزى البريطانى عدد الوظائف التى ستخسرها بريطانيا بعد خروجها من الاتحاد بنحو 5 آلاف وظيفة على الأقل، فى الوقت الذى أظهرت فيه تقديرات أخرى أنها ستخسر نحو 10آلاف وظيفة بحلول عام 2022، مع انتقال المؤسسات المالية العالمية منها. وفى الوقت نفسه، يدق تقرير للأمم المتحدة ناقوس الخطر بشأن عواقب «بريكست» على الطبقات الفقيرة فى المجتمع البريطاني، محذرا من أن خمس سكان المملكة المتحدة، أى 14 مليون شخص، يعيشون فى فقر، مرجحا أن يتفاقم اتساع نطاق شريحة الفقراء عقب خروج البلاد من الاتحاد الأوروبي. ويوضح التقرير أن بريطانيا لن تحصل بعد «بريكست» على تمويلات تنمية اجتماعية من الاتحاد الأوروبي، وهى تمويلات ساعدت حتى الآن، على تخفيف الحرمان فى كثير من التجمعات السكانية المهمشة. وفى أواخر مايو الماضي، كشف مارك كارنى محافظ البنك المركزى البريطانى عن أن التصويت على خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبى كلف كل أسرة 900 جنيه إسترليني. وعلى الجانب الأوروبي، توقعت الإحصاءات أن تتكبد الشركات الأوروبية خسائر تقدر ب37 مليار يورو سنويا عقب «البريكست»، وقدرت خسائر الشركات الألمانية وحدها بنحو 9 مليارات يورو سنوياً، بمجرد خروج بريطانيا من السوق الموحدة والاتحاد الجمركي، وعودة التجارة مع بريطانيا إلى قواعد منظمة التجارة العالمية، أى بتطبيق الجمارك وما يعرف بالحواجز التنظيمية. وتعد صناعة السيارات من أبرز القطاعات المهددة بأكبر خسائر، حيث تجتذب المملكة المتحدة نحو 10% من صادرات صناعة السيارات الأوروبية. ومن المنتظر أن تشهد حركة الطيران والنقل بين بريطانيا ودول الاتحاد بعض الفوضي، بسبب الغموض الذى يحيط بمعاهدة الأجواء المفتوحة المبرمة بين الجانبين، إلى جانب عدم صلاحية تراخيص الشركات المشغلة للسكك الحديدية البريطانية فى أوروبا. ومن أهم التداعيات التى سيشعر بها الأوروبيون أيضا تلك المتعلقة بإمكانية استخدام شبكة الهاتف المحمول الأجنبية فى أثناء السفر، حيث ستفرض على هذه الخدمة المجانية حاليا للمستهلكين ضمن الاتحاد الأوروبي، رسوما على المسافرين الذين يتجاوزون بحر المانش أو الحدود الأيرلندية.