الرأي.. والرأى الآخر مهما اختلف طالما لم يسف أو يتطاول يجب أن يظل من أعمدة قوة دولة 30/6 وبكل ما يمكن أن يضيفه الرأى وحرية التعبير فى دعم المسارات وتصحيح وتقويم الأخطاء والسياسات وقطع ألسنة ومخططات من يبحثون عن منافذ لمواصلة إشعال الفتن وإثارة الكراهية وبما لا يتيح لأصوات معادية أن تستقوى بوهم قدرتها على تقديم ما لا يستطيعه إعلام الصوت الواحد!!. ملف الحريات المسئولة يعظمه محاجة الرأى بالرأى واحترام حق الناس فى أن يعرفوا ويتفقوا ويختلفوا ويعبروا عن مواقفهم بحرية كاملة وتقدم لهم الحقائق حول ما يحدث فى بلادهم ومكاشفتهم بما لا يعرفون وأذكر بمقولة مهمة للرئيس السيسى إنه يتمنى أن يسمع كل من لديه رأى آخر.. وفى مقولة اخرى «إنك إذا أردت أن تحشد الناس معك فلابد أن يعرفوا التفاصيل والواقع الحقيقي» ويتقدم كل شيء فى ضرورة وأهمية وفروض احترام الرأى والرأى الآخر والحريات المسئولة وفى مقدمتها حرية الرأى والتعبير أن دولة 30/6 التى كانت تعبيرا واستجابة لإرادة الملايين يجب أن يحترم وعيهم وحقهم فى أن يكونوا شركاء بالرأى والرأى الآخر فى صناعة حاضرهم ومستقبلهم. ما قبل الثورة لا يصلح بعدها اعتراف لابد منه.. أن الكتابة عن الزراعة أصبحت ترهق عقلى وروحى من طول ما كتبت وأثبت من خلال ثروة مصر من العلماء والباحثين والدراسات النظرية والتطبيقية أننا نستطيع أن نصل إلى حدود الاكتفاء الذاتى من محاصيلنا الإستراتيجية وفى مقدمتها القمح وأن نوفر أعلى ضمانات الأمن القومى والحيوى والغذائى والصحي.. ولا حياة لمن أنادي.. كنت أفهم قبل الثورة الأسباب والشخصيات التى تبنت ونفذت سياسات عجزنا واعتمادنا على الاستيراد وما يترتب من كوارث على ألا نأكل من زرع فلاحينا وخدمة المخططات الأمريكية والصهيونية تقوم بها أذرع قوية لهم فى أهم وزارات الأمن القومى «وزارة الزراعة» حدث هذا قبل الثورة وكلفنا تدمير الأرض والفلاح والزراعة والبناء فوق أخصب أراضينا واحتلال المركز الأول فى استيراد القمح ومحاصيلنا الأساسية.. ولكن كيف يفسر أو يقبل بعد ثورة المصريين لاسترداد إرادتهم المستقلة وسيادتهم وسيادة بلدهم وهل ممكن أن يتحقق مع مازالت عليه أحوال الزراعة والفلاحين..كيف يحدث والعلماء والأبحاث والدراسات متوافرة ووطنية القيادة مؤكدة.. فأين المسئولون وما هى تبريرات أن نظل نستورد هذه الأرقام من غذائنا ومن مهددات أمننا القومى والحيوى والصحى والغذائي؟!. لا أظن أنه فى حياة أمة من الأمم قدر ما بدأ ولم يكتمل من مشروعات وخطط ودراسات كان يمكن أن تحقق إنجازات بدلا من المشهد العبثى الذى يمثله استيراد لقمة عيشنا والأسعار الخيالية التى وصلت إليها والمشكلات والتكاليف التى تتطلبها زراعة الصحراء والتهديدات المائية المتوقعة رغم ما يقدمه العلم من أساليب حديثة للرى والزراعة. ومن أهم المشروعات التى توقفت مشروع قومى للتكامل الزراعى وزراعة القمح بالتحديد بين مصر والسودان على ما أذكر فى ثمانينيات القرن الماضى ذكرنى به ما كتبه د. عمرو عبدالسميع فى عموده بالأهرام 4/12 عن إعلان تركيا استئجار أراض بحق الانتفاع لمدة 99 عاما فى السودان وتأسيس شركة لإدارة استثمار تركيا فى الزراعة فى السودان تمتلك تركيا 80% من أسهمها وتمتلك السودان 20% ودون الدخول فيما هو معروف من محاولات التفاف تركيا حول مصر تساءل الكاتب: أين مصر من فكرة الزراعة فى السودان؟. فى الحملة الصحفية التى امتدت لمئات المقالات والتى سعيت بها لإثبات الإمكانات المتوافرة طبيعيا وعلميا للاكتفاء وعرضت بين ما عرضت من مشروعات كثيرة المشروع الضخم الذى أعد للتكامل الزراعى بين مصر والسودان وزراعة القمح فى أراضيه الخصبة تاكيدا لأواصر الأخوة الحقيقية وليس أطماعا ومخططات سياسية كما تفعل تركيا الآن وكان التكامل الزراعى بين مصر والسودان تجسيدا لامتداد الحياة والنيل والأرض ووشائج القربى التاريخية واستكملت الدراسات تماما وجاء الدور على التنفيذ الذى لم تتخذ خطوة واحدة فيه، وحكى لى أشقاء أعزاء من السودان شاركوا فى الإعداد والتخطيط كيف وضع الملف كاملا بين يدى النائب ووزير الزراعة د. يوسف والى وما واجهوا من عجائب وعقبات وتاهت وأنكرت الدراسات وتبدد الحلم المصرى السودانى وما كان منتظرا أن يحققه من نتائج رائعة للبلدين. وأعاد إلى ذاكرتى د. سيد البنهاوى الأستاذ بالمركز القومى للبحوث مشروعا آخر لا يقل أهمية ففى عام 1986 قامت مجموعة من كبار العلماء والباحثين.. د أيمن إسماعيل عبده ود.نعمت نورالدين ود.عباس رشيد رئيس شعبة البحوث الزراعية بالمركز القومى للبحوث وأد. سيد البنهاوى بتقديم دراسة وبرنامج العمل التمهيدى للاستزراع فى إفريقيا للمحاصيل الإستراتيجية لسد الفجوة الغذائية بنظام المشاركة بين مصر والسودان وتصلح للتطبيق فى أى بلد إفريقي، وقدم المشروع متكاملا إلى نائب رئيس الوزراء للشئون الخارجية د. بطرس غالى الذى أحاله إلى مدير الإدارة الإفريقية بوزارة الخارجية وبعدها لم تتخذ أى خطوة للاستفادة من الفكرة والدراسة والتطبيق حتى الآن!!. التقديرات المبدئية للمشروع كانت زراعة نصف مليون فدان قمحاً بالتبادل مع الذرة مما يوفر مادة غذائية 100 ألف بقرة منتجة للبن واللحوم علاوة على إنهاء استيراد القمح والزيت. هذا قليل جدا مما لا يعد ولا يحصى للأداء وإهدار مئات المشروعات والفرص المتاحة والسؤال المهم: إذا كان هذا جزءا من نظام وإدارة ثار عليهم الشعب وأسقطهم .. فهل يصح أن يتواصل بعد الثورة؟ ومتى يحاسب المسئول عن مشروع توافرت أسباب استكماله ونجاحه ولا يفعل . أذكر بما ذكرته منظمة الغذاء العالمية عن تناقص إنتاج الغذاء العالمى وارتفاع أسعاره وأن مصر من أكثر الدول تضررا لحجم ما تستورده من غذاء يري. د. فاروق الباز أن أهميته ستفوق أهمية البترول والمعادن لأن تعداد السكان فى العالم فى زيادة رهيبة.. ما بالك فى مصر أو الدول العظمى تطور زراعتها لأن المعونة الغذائية للدول الأخرى سيكون لها المقام الأول فى التحكم فى هذه الدول سياسيا!!. لمزيد من مقالات سكينة فؤاد