لم تكن مفاجأة الإشادات العالمية المتتالية بمبادرة الرئيس عبدالفتاح السيسى للقضاء على فيروس «سي» والكشف عن الأمراض غير السارية، تحت شعار «100 مليون صحة»، فهى تكاد تكون المرة الأولي، التى تقوم فيها إحدى الدول بحملة طبية بهذا الحجم، لفحص أكثر من 50 مليون مواطن للكشف عن مرضى التهاب الكبد «سي» وعلاجهم بالمجان فى تعهد الحكومة المصرية بالقضاء على المرض بحلول عام2022. وهو ماوصفه جون جبور ممثل منظمة الصحة العالمية فى مصر بأنه سبق صحى سوف يسجله التاريخ، وأنها مبادرة ضخمة جدا تستهدف أعدادا هائلة من الناس، وستسهم فى تغيير الخريطة الصحية لمصر، ليتم التخلص من أكبر مشكلتين صحيتين وهما فيروس «سي» وكل عوامل الخطورة والأمراض غير السارية الأساسية. ولم يقف الأمر عند حدود مصر، حيث أكد الإعلام البريطانى أن البنك الدولى يأمل فى نقل التجربة المصرية فى هذا المجال إلى دول أخري، خاصة أن الحملة تشمل أيضا اختبارات مجانية للكشف عن الأمراض غير السارية الأساسية وهى السكري، وارتفاع ضغط الدم، والسمنة. والحقيقة أننا أمام مبادرة غير مسبوقة بالفعل، وتحقق كل يوم نتائج ضخمة، فقد وصل إجمالى المفحوصين فى المبادرة الرئاسية منذ انطلاقها فى الأول من شهر أكتوبر الماضى حتى أمس إلى 13 مليونا و109 آلاف مواطن، منهم 68 ألفا و338 طالبا بالمرحلة الثانوية ، ومازالت الحملة مستمرة للوصول لكل المواطنين المحتمل إصابتهم بفيروس «سي»، والاطمئنان عليهم، وعلاجهم بالمجان تماما. وفى سبيل ذلك نظمت الدولة حملات إعلامية ضخمة، وناشدت المواطنين المشاركة بنقاط الفحص للاطمئنان على أنفسهم، وذويهم، مشددة على أن المواطن لن يدفع أى مبالغ مالية فى أثناء الفحص أو تلقى الخدمات العلاجية، منوهة بأنها فرصة لن تتكرر عقب انتهاء المبادرة، للكشف عن أمراض فيروس «سي»، والضغط، والسكر، والسمنة، وصرف العلاج لمن يثبت إصابته. لقد سجلت مصر من قبل أعلى معدل لانتشار الالتهاب الكبدى الوبائى فى العالم، وأوضحت بعض الدراسات أن نسبة الإصابة بفيروس التهاب الكبد الوبائى «سي» فى مصر هى الأعلى فى العالم، حيث أنها تعادل عشرة أضعاف مثيلاتها فى أوروبا وأمريكا. والمشكلة الحقيقية أن 20 بالمائة من المصابين بالتهاب الكبد الفيروسى «سي» يصابون بأعراض تشبه أعراض مرض الإنفلونزا، أما ال 80 بالمائة من الأشخاص الآخرين المصابين بالمرض فلا يشعرون بأى أعراض، ولكن عدوى المرض تبقى قائمة، ويتطور التهاب الكبد «سي» الحاد لدى 85 بالمائة من الحالات ليصبح مزمناً، وقد ينشر المريض العدوى بين الأشخاص المحيطين به دون أن يشعر بأى أعراض، لكن يبدأ بالشعور بأعراض الالتهاب إذا أصيب بمرض فى الكبد. ولذلك أصبح التهاب الكبد الفيروسى «سي» هو السبب الرئيسى لعمليات زراعة الكبد، لأن الالتهاب المزمن يؤدى إلى تلف الكبد، ودون العلاج اللازم، تصبح إصابة الكبد دائمة، وقد يصل بعض الأشخاص إلى مرحلة خطيرة من الفشل فى الكبد، لا يمكن علاجها إلا بزراعة كبد جديدة. وفى العام الماضى أعلنت منظمة الصحة العالمية أنها تقوم بجهود كبيرة تستهدف القضاء على فيروس «سي» بحلول عام 2030، لكنها اعترفت بأن الغالبية العظمى من المرضى على مستوى العالم يعجزون عن الحصول على الاختبارات والعلاج المنقذ للحياة، ونتيجة لذلك، يتعرض ملايين المرضى لخطر مضاعفات أمراض الكبد المزمنة والسرطان والوفيات. واليوم من حق مصر أن تتباهى أن خطتها للقضاء على المرض بحلول عام2022 تسير بنجاح كبير، وأنها توفر الكشف والعلاج للملايين بالمجان، وأنها حققت بالفعل سبقا صحيا سوف يسجله التاريخ. لمزيد من مقالات ◀ رأى الأهرام