رغم صدور العديد من الكتب التاريخية التى تتناول تاريخ الزعيم النازى ادولف هتلر منذ صعوده إلى السلطة فى ألمانيا عام 1933 وحتى انتحاره فى عام 1945، فإن كتاب «العيش مع هتلر: شهادات على لسان موظفى أسرة هتلر»، يعطى صورة جديدة لواحد من أبرز الزعماء الذين غيروا وجه العالم خلال القرن العشرين. فمن المعروف أن الزعيم النازى استطاع أن يخلق صورة عامة له فى ألمانيا. حيث كان غالبا ما يُشار له بذلك الرجل العازب الذى لا يملك حياة شخصية، والذى كرس حياته كليا من أجل السياسة ومن أجل خدمة الأمة فى ألمانيا النازية. أما علاقته مع صديقته إيفا براون التى استمرت لما يقرب من 14 عاما فقد كانت مخفية عن العامة ولم يكن يعرفها أحد باستثناء دائرته الداخلية القريبة منه، وكانت المؤرخة ومؤلفة السيرة الذاتية لهتلر هايكه جوريمايكر قد أكدت أن هتلر تزوج إيفا فى أواخر أبريل عام 1945 ولم يمض على زواجهما سوى 40 ساعة قبل أن ينتحرا معا. غير أن هذا الكتاب - الذى يحتوى على شهادات ومذكرات جاءت على لسان ثلاثة أشخاص من العاملين فى منزل هتلر، أولئك الذين كانوا شاهدين على كل تفاصيل حياة الزعيم ورغم ذلك لم يكن مسموحا لهم البوح بأى شيء - سلط الضوء على الجوانب الخفية من حياة هتلر الإنسان التى لم تكن تظهر للعلن، بدءا من الأشياء المحببة له وتلك التى كان يكرهها, مرورا بهواياته وحتى الأكلات المفضلة للزعيم النازي. وبالطبع لم تخل المذكرات من كشف الجانب العاطفى لهتلر وعلاقاته بالنساء. فى البداية، يتطرق الكتاب للمذكرات التى كتبها «كارل فيلهلم كراوز» الخادم الشخصى لهتلر والرفيق المقرب له والذى عمل معه خمس سنوات (من 1934 و عام 1939)، حيث يقول كراوز: إنه بالرغم من أن هتلر لم يتزوج قط فإنه كان مرتبطا عاطفيا بالعديد من النساء وكان مهووسا بالجنس الآخر، ولم يخف نزواته النسائية، مشيرا إلى أنه لم يكن يكره النساء كما أشيع عنه. وأضاف: «الديكتاتور القاتل كان يدعو العديد من الممثلات الشابات إلى منزله فى السنوات الأولى من السلطة وكان دائم المديح للنساء الجميلات». أما بالنسبة لنجمات السينما فقد كان له ذوق خاص، فكان يفضل أولجا تسيتشوفا وبريجيت هورني، وفرقة البوند دويتشل ماندل النسائية التى تقدم عروضا فى المسرح، بينما لم يكن الزعيم النازى يهوى النساء اللاتى ينخرطن فى الحياة السياسية رغم النجاحات التى وصلن إليها، فدائما ما كان يعتقد أن السياسة «حكر» على الرجال. كراوز أوضح أيضا فى مذكراته التى نشرتها دار النشر «جرين هيل» أن الشائعات دائما ما كانت تطارد الزعيم النازى فيما يخص علاقاته العاطفية، وربما أشهر هذه الشائعات علاقته بالمخرجة السينمائية «لينى ريفنستال»، حيث ورد فى الكتاب أن هتلر لم يتزوجها قط وأنه كانت تجمعه بها علاقة صداقة فى إطار من الاحترام المتبادل، ودائما ما كان يلقبها هتلر «بالمرأة الطموح». ويتطرق الكتاب لموضوع عزوف هتلر عن الزواج لفترة طويلة من خلال شهادة «كراوز» الذى قال إن حياة الزعيم النازى السياسية طغت كثيرا على حياته العائلية، فدائما ما كان يرى أنه لا يستطيع أن يقدم للزوجة حياة عائلية كريمة، فهو كان يعود إلى المنزل فى وقت متأخر من الليل وكان عمله يأخذ الحيز الأكبر من وقته ولن تحصل زوجته أو أولاده على أى اهتمام منه. وأرجع «كراوز» السبب فى ذلك إلى قناعات هتلر بأن النساء ينجذبن إلى الرجال العازبين أكثر من المتزوجين، وهتلر كان مغرما بحالة الانجذاب والدعم اللذين كان يحصل عليهما من النساء، ولم يرد أن يخسر هذا الدعم. شهادة أخرى قدمها هربرت دوهرين الذى كان يعمل حارسا شخصيا للزعيم النازى قبل أن يتم تعيينه مسئولا عن إدارة المنزل، ومن خلال مشاهداته يمكن تكوين صورة عن حياة هتلر الإنسان وعلاقته العاطفية بإيفا براون، حيث يقول هربرت: «كنت أعرف إيفا براون جيدا, فى الواقع، كنت أعرفها منذ اليوم الأول الذى ذهبت فيه لخدمة هتلر لكننى لم أكن أشعر بالراحة معها». وتابع: فى بداية الحرب أقامت إيفا براون فى برلين مرتين أو ثلاث مرات فقط، ولمدة لا تزيد على يوم أو يومين، وفى كل مرة كانت علاقتها تقترب من هتلر بشكل أكبر، وأشار إلى أنها لم تكن تدعى لحفلات الاستقبال الرسمية، ولكن فى المناسبات الخاصة كانت تدعى باعتبارها زوجة هتلر وكان يستقبلها بتقبيلها على يديها، لافتا إلى أنه كان دائما ما يلبى النفقات الشخصية الخاصة بها. ويختتم الكاتب بقوله: الكتاب ليس هدفه تبرئة هتلر، وإنما هو محاولة لنقل صورة صادقة عن الجانب الإنسانى من حياة زعيم أثر كثيرا فى التاريخ.