حينما أبدع أديب نوبل الراحل نجيب محفوظ روايته الشهيرة اللص والكلاب والتي تم تقديمها فيما بعد في فيلم رائع يعد من كلاسيكيات السينما المصرية , أراد أن يلقي الضوء علي مسألة غاية في الأهمية وهي أن سعيد مهران بطل الرواية وهو شخص بسيط جدا لم يولد لصا ولم يمد يده للسرقة إلا بعد أن حرضه علي هذا التصرف اللاأخلاقي رءوف علوان الذي كان يمثل الانتهازية في أسوأ صورها فجعل منه شخصية مختلفة تماما عن ذي قبل. لقد تذكرت هذه الرواية وأنا أتابع تداعيات هذا الانفلات غير المسبوق بين مختلف فئات المجتمع, فمن يكون رءوف علوان الذي يقف وراء تحول عدد كبير من العاملين في مختلف مؤسسات الدولة الي معاول للهدم بدلا من البناء تحت دعوي كلمات فضفاضة مثل الإضراب العام أوالتظاهر أو الاعتصام وهي أشياء بعيدة كل البعد عن وسائل التعبير النبيلة التي أفرزتها الثورة. ومن هو رءوف علوان الذي قوي شوكة الباعة الجائلين وحرضهم علي احتلال الشوارع لعرض بضاعتهم وإغلاقها أمام السيارات وكأنها للمشاه فقطس.. حتي صارت حكاياتهم تتناقلها وسائل الإعلام وكأنها أشياء عادية. ومن هو رءوف علوان الذي سلب عقول البسطاء وقلب حياتهم رأسا علي عقب وجعلهم يسيرون في الطريق الخطأ دون أدني مقاومة وفي صمت مستفز أشبه بصمت الحملان حينما تساق إلي مصيرها المحتوم وهو الذبح. إن روعة أي عمل أدبي تصل الي ذروتها حينما يعبر بصدق عن الواقع, وهو ما ينطبق علي رواية اللص والكلاب فما أكثر اللصوص الذين أصبحوا يحيطونا من كل الاتجاهات وما أكثر الذين يقفون وراءهم ويفعلون بهم ما فعله المدعو رءوف علوان. المزيد من أعمدة أشرف مفيد