* لدينا عضو هيئة تدريس لكل 3 طلاب بالطب ..و 27 ألف موظف وعامل كشف الدكتور طارق الجمال رئيس جامعة أسيوط، عن مفاجأة غير متوقعة، عندما قال صراحة ان طب أسيوط بها عضو هيئة تدريس لكل ثلاثة طلاب، وأن عدد الأساتذة والمعيدين بالكلية تجاوز ال 1400 عضو، وأن هذا العدد يفوق احتياجات الكلية، حتى ان بعض الأساتذة لا يجدون جداول للتدريس . وكشف الجمال عن ان ميزانية الجامعة تتجاوز المليار جنيه، تلتهمها الاجور فى حين أن البحث العلمى مخصص له مليون جنيه فقط، ولم ينكر توريث الطب، وتفاصيل أخرى فى هذا الحوار…
بداية لماذا طغت المادة على القطاع الطبى حتى تحولت إلى بيزنس؟ أعترف بأن المادية أصبحت طاغية على القطاع الطبى شأنه شأن المهن الأخري، ولكن ذلك يرجع إلى التكاليف الباهظة للطب الحديث حيث انتهى عصر التشخيص المجانى فى ظل ظهور وسائل علمية دقيقة للغاية، تحدد بدقة عالية المرض وتساهم فى سرعة تحديد العلاج، لذا يجب أن تتولى إحدى الجهات تلك التكاليف سواء الحكومية أو الخاصة، اما عن تحول المهنة إلى بيزنس فالعبء يقع على المريض فى اختيار الطبيب، فيجب تغيير الموروث الثقافى والقول إن هذا الطبيب بمفرده هو القادر على العلاج، غير صحيح. وماذا يفعل المريض البسيط الذى لا يتبع أى جهة فى أسيوط والصعيد؟ لا أحد يستطيع أن ينكر دور المستشفيات الجامعية بأسيوط فى علاج مرضى الصعيد بالكامل، وليس أسيوط على وجه الخصوص وجميع المصابين والمرضى بدءا من الخدوش حتى نزيف المخ يتوجهون للمستشفى الجامعي، لثقتهم فى الخدمات الطبية المقدمة، ولكن هذه الإصابات الطفيفة تستهلك إمكانات المستشفى الجامعى سواء البشرية من أطباء واطقم تمريض مرورا بالأدوات والمستهلكات الطبية وصولا إلى التزاحم وتأخير تقديم الخدمة للمريض الأكثر احتياجا. هناك مفهوم شائع لدى كثيرين أن توريث الطب أصبح سمة فى جامعة أسيوط ؟ التوريث موروث ثقافى داخل عقول المصريين ، فالجميع يريد أن يرى أبناءه أفضل منه فى شتى القطاعات، ولكن الوضع مختلف داخل الجامعات فهناك قواعد وقوانين تحكم عمليات التعيين لأعضاء هيئة التدريس، فلا يحق لنا أن نحرم طالبا متفوقا وحاصلا على ترتيب متقدم من التعيين كمعيد لمجرد أنه ابن عضو هيئة تدريس تحت مسمى محاربة التوريث، وكذلك لا يمكننا تخطى طالب متفوق لتعيين ابن الأستاذ بدلا منه، لذا ما يحكم تعيين المعيدين هو التفوق والاجتهاد وقدرات الذكاء والتحصيل وليس التوريث. وماذا عن غياب الأساتذة عن المستشفى الجامعي؟ هذا الكلام غير صحيح إطلاقا، حيث إننا نعانى من نقص فى عدد الأساتذة والمعاونين وأطقم التمريض بالمستشفيات لتقديم الخدمة بشكل نموذجي، وذلك بالمقارنة بعدد المرضي، حيث إن مستشفيات أسيوط الجامعية تمتلك 5 آلاف سرير للعلاج، كل 40 سريرا منها يحتاج إلى عضو هيئة تدريس، وكل 20 يحتاج إلى إخصائي، وكل 10 أسرة لهما نائب، وكل 8 أسرة لهم ممرضة، وهو أمر صعب للغاية فى ظل هذا الكم من المرضى والعجز فى التمريض، ورغم ذلك فمستوى الخدمات الطبية متميز للغاية، ولقد حصلنا عام 2010 على المركز الأول فى تقييم مؤسسة ماكينزى الإنجليزية، التى اجرت استبيانا على المستشفيات الجامعية بمصر. وماذا فعلتم لمواجهة هذا العجز؟ لقد قمنا بتطبيق التجربة الإنجليزية التى تعتمد على اتجاهين فى الاستعانة بأساتذه الطب بالجامعات، الأول وهو الأستاذ الأكاديمى الذى يتفرغ للتدريس للطلاب فقط، والاتجاه الأخر وهو الأخصائى الذى يتفرغ لمباشرة العلاج. وفيما يخص أزمة التمريض هل لديكم حلول؟ أزمة التمريض فاقت جميع الأزمات التى تواجهنا بالمستشفيات الجامعية، حيث يوجد لدينا عجز يصل إلى 3 آلاف ممرضة، فى حين أن فائض التمريض بقطاع الصحة بأسيوط يصل إلى 7 آلاف ممرضة، وهو امر يدعو للحيرة والدهشة ويكشف كارثة سوء التوزيع، ومن المفارقات أن إحدى الوحدات الصحية يوجد بها 130 ممرضة فى حين أن الطاقة الاستيعابية للعمل لا تحتاج أكثر من 28 ممرضة، وهو ما يدفع باقى الممرضات للجلوس بالمنزل ، وفى تقديرى أن حل مشكلة التمريض يحتاج إلى قرار سياسى جرئ، بإلغاء التكليف بقطاع الصحة مؤقتا، ويتم ذلك جغرافياً حسب مناطق العجز والزيادة. لديكم أطباء وصلوا إلى العالمية من طب أسيوط مثل جلال زكي.. فهل هناك أبحاث جديدة؟ لقد تقدمت طب أسيوط بفضل علمائها الذين وصلوا للعالمية أمثال الدكتور جلال زكى وعصام الشريف ومحمد المشتاوى وأسامة فاروق وغيرهم من التخصصات الأخري، التى جعلت لأسيوط سمعة طيبة فى السياحة العلاجية فى بعض البلدان العربية، أخيرا تم تأسيس مدرسة عالمية للضفيرة العصبية وهى من التخصصات الدقيقة على مستوى العالم، ويحتاج الطبيب الذى يتخصص بها إلى الحصول على إجازة من 4 وحدات للجراحات الميكرسكوبية على مستوى العالم، وهى وحدة الجراحة الميكرسكوبية بأسيوط ممثلة لمصر، وكذلك دول الهند وأسبانيا والمكسيك، وعقب حضور فترة التدريب بكل دولة يخوض الطالب امتحانا نهائيا بدولة المكسيك، ويحصل على الإجازة وبدأنا بالفعل وفى الأسبوع الماضى بتدرب وفد أمريكى من خريجى الطب. هل تعانى الجامعة من عجز على مستوى الكوادر البشرية؟ بالعكس تماما فجامعة أسيوط تتميز على وجه الخصوص بأن لديها زيادة فى بعض الكليات عن المطلوب، فهناك عضو هيئة تدريس لكل 3 طلاب بالطب، وهو معدل متميز للغاية يفوق مثيلاتنا من الجامعات الأوربية والعالمية، ولكن هذا لا يمنع أيضا وجود عجز نسبى فى أعضاء هيئة التدريس بكليات الحقوق والتجارة والعلوم الإنسانية بسبب كثافة عدد الطلاب، وزيادة إقبالهم على الدراسة النظرية بشكل يفوق المطلوب، ومن جانبنا نسعى حاليا إلى الارتقاء بالجامعة إلى الجيل الثالث من الجامعات، فالجيل الأول يقتصر على التعليم فقط، والجيل الثانى تقوم خلاله الجامعة بالتعليم والبحث العلمي، أما الثالث فهو الذى يقدم خدمات الجيل الثانى ويسخر البحث العلمى لخدمة المجتمع ، بالتطبيق لتتحول الجامعة إلى مركز انتاجى . وهل تكفى ميزانية البحث العلمى لدعم الأبحاث الجامعية؟ للأسف ميزانية الدولة للبحث العلمى بجامعة أسيوط لا تتجاوز المليون جنيه، ونضطر لاستكمال احتياجاتنا من مواردنا الذاتية الضئيلة، وهذا ما يؤثر بالقطع على نسبة الإنجاز، رغم أن الميزانية للجامعة تتجاوز المليار جنيه، وهو رقم كبير لجامعة إقليمية ولكن حقيقة الأمر لا يفى بأحتياجات الجامعة حيث تلتهم الأجور أغلب الميزانية، لأن الجامعة بها أكثر من 27 ألف موظف وعامل هذا فضلا عن التوسعات الإنشائية والخدمات الصحية.