1200متعهد يشترون قش الأرز ب200 مليون جنيه انخفاض عدد المخالفات من 11 ألفا العام الماضى إلى 6 حالات فقط برامج متعددة لاستخدام «القش» كغذاء للحيوانات وسماد وفى صناعات الورق والخشب الطن ب «1000 جنيه» ..وبورصة عرفية بين الفلاحين والمتعهدين
أخيرا اختفت السحابة السوداء من سماء مصر بعد أن وضعت وزارتا البيئة والزراعة برنامجاً استمر تنفيذه على مدى 20 عاماً وجنت ثماره هذا العام بنسبة 99% حيث استخدمت برامج للتوعية بالجدوى الاقتصادية للقش واستخداماته المتنوعة لمصلحة الفلاح سواء كعلف للماشية أو سماد عضوى ذى فائدة كبيرة للأرض والمحاصيل الزراعية أو كوقود فى مصانع الأسمنت أو فى صناعة لُب الورق أو صناعة الخشب الحبيبى حتى وصل سعر الطن من قش الأرز إلى ألف جنيه، بل أصبح هناك بورصة عرفية بين الفلاحين والمتعهدين الذين يشترون هذا القش لتصنيعه، ومن الدلالات الإيجابية لنجاح البرنامج انخفاض أعداد المخالفات التى كانت تحرر للفلاحين الذين يحرقون قش الأرز من 11 ألف مخالفة العام الماضى إلى 6 مخالفات فقط هذا الموسم ولايزال برنامج التوعية الزراعية والبيئية مستمراً. تفاصيل هذا البرنامج وسر اختفاء هذه السحابة يرويها عدد من خبراء البيئة والزراعة فى هذا التحقيق. د.أيمن شتا رئيس قطاع الفروع بجهاز شئون البيئة قال إن وزارة البيئة وقعت بروتوكول تعاون مع وزارة الزراعة لدراسة أنسب الوسائل لمواجهة حرق قش الأرز، تلك الظاهرة التى كانت تتكرر خلال الفترة من أول سبتمبر حتى 15 نوفمبر من كل عام حيث إن طبيعة أراضى محافظة القاهرة تنحصر بين منخفضين جبليين أحدهما المقطم والثانى هضبة الأهرام، فتتكثف الأدخنة الناجمة عن الحرق فى سماء العاصمة لسكون الرياح وعدم صعود هذه الأدخنة إلى طبقات الجو العليا وكانت الظاهرة موسمية من الصعب السيطرة عليها حتى العام الماضى ليبدأ إقناع المزارعين بالاستفادة الاقتصادية من هذه المخلفات بدلاً من عمليات الحرق التى كانت تستمر على مدى أكثر من 80 يوما. ويضيف: بدأ البرنامج بعمليات التوعية للمزارعين الذين طالبوا بمساعدتهم فى التخلص من القش مجانا دون أن يكلفهم ذلك أى نفقات مالية، فقامت وزارة البيئة بالاتفاق مع 3 شركات كبرى متخصصة فى تجميع المخلفات الزراعية وشرائها من الفلاحين، لكن هذه الشركات لم تتمكن من القيام بهذا الدور بعد أن تكالب الفلاحون على الاستعانة بها للتخلص من قش الأرز. وأوضح أن وزارة البيئة استعانت ب 1200 شاب كمتعهدين لشراء القش بدلاً من الشركات الثلاث الذين بدأوا فى تنفيذ المشروع و كان المتعهد يشترى القش ب200 جنيه للفدان ثم ارتفع السعر إلى 800 جنيه إلى ان وصل إلى ألف جنيه للطن الواحد، حيث ينتج الفدان 2 طن من القش، وبلغت كميات القش التى تم تجميعها من مزارع الأرز العام الماضى 200 ألف طن قدمت وزارة البيئة 9ملايين من الجنيهات لتحويلها إلى سماد عضوى وأعلاف للماشية. 200مفرمة أما هذا العام - والكلام لا يزال للدكتور أيمن شتا - بعد أن أدرك المزارع القيمة الاقتصادية للقش يحرص حالياً على كبسه وتخزينه لديه فى شكل بالات من القش لاستخدامه كعلف للماشية أو لتسميد المزروعات، وسعت وزارة البيئة إلى مساعدة الفلاحين فى عمليات كبس القش، فعقدت اتفاقا مع الهيئة العربية للتصنيع لإنتاج مفأرز لكبس قش الأرز، وبالفعل تم تصنيع 200 مفرمة تم توزيع 75 منها على محافظات الوجه البحرى المعروفة بزراعة الأرز و125 أخرى على محافظات الوجه القبلى بدءا من بنى سويف حتى أسوان لفرم حطب الذرة وقش القصب وبذور القطن بدلاً من حرقها أيضاً. دعم عينى وأشار إلى أن المتعهد بعد أن يقوم بتجميع القش الذى اشتراه من المزارعين يحصل على مبلغ 50 جنيها دعماً عن كل طن من القش قام بتجميعه، علاوة على انه يحصل على دعم عينى يتمثل فى استخدامه للمعدات التى توفرها له وزارة البيئة لجمع وفرم القش ويقوم ببيعه لمنتجى الأعلاف أو لمنتجى الأسمدة أو لتصنيع الخشب الحبيبى، بل يستخدم القش كعلف للخيول والحمير، كما ان مصانع الأسمنت التى تعمل بالفحم ملتزمة بأن تستخدم المخلفات سواء الصلبة أو العضوية الزراعية بنسبة معينة بدلاً من الفحم، مؤكداً ان أحد المتعهدين قام بتصدير 750 طنا من القش إلى الإمارات العربية وبهذا نكون قد جنينا ثمار برنامج تم تنفيذه على مدى 20 عاماً لتنعم القاهرة بمناخ خال من الأدخنة الضارة التى تسبب الحساسية والأمراض التنفسية. 6مخالفات أما الدكتور سيد خليفة رئيس قطاع الإرشاد الزراعى بوزارة الزراعة فيؤكد ان خطة الإرشاد كانت بالاتفاق مع وزارة البيئة لتعليم الفلاح كيفية استخدام القش كعلف للماشية ومساعدته لإنتاج أعلاف خضراء للماشية من خلال إضافات توفرها الوزارة للمزارع حتى انخفضت المخالفات التى كان قطاع الإرشاد يحررها للمخالفين من 11 ألف مخالفة العام الماضى إلى ست مخالفات فقط، وبهذا اختفت السحابة السوداء من سماء القاهرة ونتوقع اختفاء حالات الحرق تماماً العام المقبل، لأن دورات التوعية مستمرة بمعدل يوم واحد لكل قرية فى المحافظات المعروفة بزراعة الأرز وتستمر هذه التوعية على مدى أربعة اشهر طوال فترة بقاء الأرز فى الارض وخلال فترة الحصاد. الطن بألف جنيه ومن مزارعى الأرز الذين استفادوا ببرنامج وزارتى البيئة والزراعة للتوعية باستخدامات القش يقول وجيه عيساوى نقيب الفلاحين الأسبق وأحد مزارعى الأرز بالبحيرة: إن سعر الكيلو من القش بعد كبسه فى بالات وصل إلى جنيه، وأن الطن بألف جنيه حيث يستخدم كعلف للماشية (الحلابة) لأنه غنى بالأملاح والمعادن المختلفة حيث يتم كبسه فى معدات تابعة لوزارة البيئة ثم فرمه ليصبح مثل التبن المنتج من القمح، بل إن الفلاحين أقبلوا على شرائه كبديل للتبن الذى يصل الطن منه إلى 2600 جنيه. وقود الطهو ويوضح كامل السيد السعيد - مزارع من الدقهلية أنه قام بتجميع القش الذى أنتجته المساحة التى زرعها بالأرز هذا العام البالغة خمسة أفدنة ويستخدمه كوقود للأفران الطينية التى يستخدمها داخل منزله لعمل الفطائر والخبز كبديل للغاز لأنه أرخص من تكلفة الغاز المستخدم فى الطهى. ويؤكد ان الطلب على القش ارتفع لدرجة ان هناك متعهدين يمرون بشكل دورى على مزارعى الأرز لشراء القش لاستخدامه كعلف فى مزارع الماشية المنتجة للألبان حتى وصل سعر الطن الي950 جنيها وبذلك اصبح القش ذا جدوى اقتصادية بدلاً من حرقه أو تركه فوق أسطح منازل الفلاحين يجلب الحشرات والقوارض ويسبب الحرائق. 800 جنيه للكبس يقول مصطفى واعر (مزارع أرز من البحيرة ) إن المكابس تقوم بتحصيل أربعة جنيهات على كبس البالة الواحدة من القش حيث إنه دفع 800 جنيه على 200 بالة قام بجمعها من زراعة الأرز، ويطالب المسئولين بأن يكون كبس القش مجاناً لأن الفلاح يعانى حاليا من ارتفاع تكلفة الزراعة. ويضيف انه يستخدم القش كسماد عضوى حيث يضيف اليه بعض المواد العضوية التى تقدمها له وزارة الزراعة لتحويله إلى سماد ذى درجة عالية من الجودة لتغذية الأرض ويساعد فى نمو المحصول وزيادة مناعته للآفات والأمراض، لذا فإنه يقوم بتخزينه فى المنزل بعد تصنيعه ولا يبيعه بل إنه يشترى كميات إضافية من جيرانه الراغبين فى البيع. (الكومبوستات) لتغذية التربة ويؤكد أحمد الشربينى - أحد مزارعى الأرز بالبحيرة - أنه احتفظ بكميات القش التى قام بجمعها من محصول الأرز هذا العام وتصنيع (كومبوست) وهو سماد عضوى يحقق أعلى نتائج فى التربة، مؤكدا انه قام بصنع كميات كبيرة من هذا السماد وسيبيعها المتر المكعب منه ب250 جنيها للراغبين فى استخدامه، مشيرا إلى أنه كان يصنع هذا السماد منذ 3 أعوام مضت وكان يستخدمه فى مزارعه فقط لكنه قرر هذا العام ان يتوسع فى تصنيع الكميات التى ينتجها بعد ان لاقى منتجه إقبالا من الفلاحين هذا العام حيث يستهلك الفدان الواحد 10 أمتار مكعبة من هذا (الكومبوست). ( السيلاج ) بدلا من الحرق أما صبحى أبو شعيشع «مزارع أرز» من الدقهلية فيشير إلى انه كان يتخلص من القش بحرقه بعد جنى المحصول واستمر لسنوات طويلة على هذا الحال وكان يدفع غرامة ألف جنيه عن هذا العمل المخالف، لكن بعد أن حضر ندوات التوعية للإرشاد الزراعى علموه كيفية تحويل القش إلى علف مباشر بإضافة (السيلاج) مخلفات عسل القصب ليصبح علفاً مركزاً ذا قيمة غذائية عالية للماشية التى تدر الألبان أو للتسمين، وانه لا يكتفى بالكميات التى أنتجها حقله لكنه يشترى من الغير ويقبل الفلاحون حالياً على شرائه لأن الكميات المنزرعة بالأرز هذا الموسم انخفضت عن العام الماضى حيث وصل سعر البالة من القش المكبوس إلى 25 جنيها وتزن 25 كيلو من القش المكبوس. ندوات التوعية وأوضح المهندس الزراعى طالب محمود فرج انه كان يعمل فى حملات التوعية والإرشاد للمزارعين بحوش عيسى فى البحيرة وكان يجد اهتماما كبيرا من الفلاحين بحضور ندوات التوعية لمعرفة استخدامات هذا القش، مؤكدا أن إعداد المخالفات التى كانت تحرر للمزارعين المخالفين تكاد تكون قد انعدمت بعد ان تعلموا كيفية استخدامه وتحويله إلى منتج يدر عليهم أموالاً وفيرة.