أماكن الكشف الطبي للمرشحين في انتخابات مجلس النواب    وزيرة التضامن تتلقى تقريرًا عن جهود الاستجابة لارتفاع منسوب نهر النيل بقرى محافظة المنوفية    حزب السادات يدعو لإحياء ذكرى نصر أكتوبر أمام ضريح بطل الحرب والسلام بالمنصة    «النهر الجديد».. شريان أمل تشقه مصر في زمن المشهد المائي المربك    أسعار الذهب فى قطر اليوم السبت 2025.10.4    استشهاد 3 فلسطينيين في قصف مدفعي وسط خان يونس    فيريرا: لا أفهم هجوم جماهير الزمالك بسبب اللغة، ومحبط من التعادل أمام المحلة    خبير: الزواج السري قنبلة اجتماعية موقوتة تهدد الميراث وتقطع الأرحام    سلوى عثمان تنضم لفريق عمل "كلهم بيحبوا مودي"    وزير السياحة والآثار يفتتح مقبرة الملك أمنحتب الثالث بالأقصر    نائب وزير الصحة يوجه بمعاقبة المتغيبين عن العمل بمركز طب الأسرة بالسنانية في دمياط    خبير بالأهرام: خطة ترامب لغزة تفتقد التفاصيل والضمانات الكافية    جمال نزال: خطة ترامب تؤجل الاعتراف بفلسطين رغم دعم دول كبرى لها    طوفان بشري.. مئات الآلاف يتظاهرون في برشلونة ضد الإبادة الجماعية في غزة والاحتلال الإسرائيلي    رئيس جامعة جنوب الوادي يناقش الحوكمة الإلكترونية للتغذية بالمدن الجامعية    استقبل تردد قناة صدى البلد دراما 2025 الجديد على نايل سات    الدوري الألماني.. بوروسيا دورتموند يسقط في فخ لايبزيج    انتهاء الشوط الأول بالتعادل السلبي بين طلائع الجيش والجونة    عميد كلية البنات الإسلامية بجامعة الازهر بأسيوط يفتتح المعرض الخيري السنوي بالكلية    ضبط عدد من قضايا الاتجار غير المشروع بالنقد الأجنبي خلال 24 ساعة    أقوى عرض لشحن شدات ببجي موبايل 2025.. 22،800 UC مجانًا    الأرصاد: غدا الأحد طقس حار نهارا معتدل ليلا.. والعظمى بالقاهرة 31    أسعار البنزين والسولار السبت 4 أكتوبر 2025    مستقبل وطن بكفر الشيخ يدفع ب4 مرشحين في القائمة الوطنية لانتخابات النواب 2025 | خاص    "بداية أسطورية ل Kuruluş Osman 7" موعد عرض الحلقة 195 من مسلسل المؤسس عثمان على قناة الفجر الجزائرية    خبير متاحف: المتحف المصري الكبير ليس مجرد مشروع سياحي بل بيت للمجتمع المصري    وزير الخارجية يؤكد أهمية تكاتف جهود أبناء الوطن في الداخل والخارج لدعم المصالح المصرية والدفاع عنها    مواقيت الصلاه اليوم السبت 4 أكتوبر 2025 في المنيا    حكومة جنوب إفريقيا: نرحب بالتقدم المحرز نحو اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة    رئيس الوزراء: صناعة الأدوية والمستلزمات الطبية في مصر صناعة عريقة    أضرار الزيت المعاد استخدامه أكثر من مرة.. سموم خفية    غدا احتفالية نقابة الصحفيين بذكرى نصر أكتوبر المجيد    محلل سياسي: القاهرة تستضيف مباحثات حاسمة لوضع جداول زمنية لانسحاب إسرائيل    افتتاح فرع جديد للخط الساخن لصندوق مكافحة الإدمان لأول مرة بالسويس لعلاج المرضى مجانا    بطل رفع الأثقال البارالمبى: إقامة بطولة العالم بالعاصمة الإدارية حدث تاريخى    تأجيل محاكمة المتهم بقتل شاب من ذوى الهمم بالبحيرة لجلسة 7 أكتوبر    أبرز إنجازات خالد العنانى المرشح لمنصب مدير اليونسكو    الصحة تطلق النسخة الخامسة من مؤتمر قلب زايد بمشاركة نخبة من خبراء أمراض القلب    وكيل صحة سوهاج يتابع أعمال لجنة الكشف الطبي للمرشحين المحتملين لمجلس النواب    منح النيابة حق التحقيق بدون محام يثير أزمة باجتماع مناقشة الاعتراض على "الإجراءات الجنائية"    السيسي يتابع توفير التغذية الكهربائية للمشروعات الزراعية الجديدة.. فيديو    حريق هائل بمصنع بلاستيك في العاشر من رمضان    " سي إن بي سي": توقعات باستمرار الإغلاق الحكومي الأمريكي حتى 14 أكتوبر وسط تعثر المفاوضات    وكيل الشباب والرياضة بالفيوم يشهد انطلاق الدورة الأساسية رقم 578 للمدربين والإداريين    محافظة الإسكندرية تتوج بجائزة سيول للمدن الذكية    وزير الزراعة يعلن تحقيق الصادرات الزراعية المصرية 7.5 مليون طن حتى الآن    قوافل طبية وغذائية لدعم الأسر المتضررة من ارتفاع منسوب مياه النيل بدلهمو بالمنوفية    موجة انتقادات لاذعة تطارد محمد صلاح.. ماذا فعل النجم المصري؟    ما حكم من لم يقدر على الوضوء لأجل الصلاة؟.. الإفتاء توضح    ننشر أسماء المرشحين للفردى والقائمة للتحالف الوطني ببنى سويف للانتخابات البرلمانية 2025 (خاص)    هالة عادل: عمل الخير وصنع المعروف أخلاق نبيلة تبني المحبة بين البشر    بينهم طفلان.. 6 شهداء في قصف الاحتلال غزة وخان يونس    تشكيل الزمالك المتوقع أمام غزل المحلة بالدوري    أسعار الحديد في المنيا اليوم السبت 4 أكتوبر 2025    دار الإفتاء توضح: حكم الصلاة بالحركات فقط دون قراءة سور أو أدعية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 4-10-2025 في محافظة قنا    موعد انخفاض أسعار الطماطم في الأسواق.. الكيلو وصل 35 جنيه    وزير الخارجية يثمن الدعم الفرنسي للمرشح المصري لرئاسة اليونسكو خالد العناني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مكرم محمد أحمد يحاور المبعوث الأممى غسان سلامة عن أبعاد الأزمة الليبية..
باختصار.. ليبيا تنتحر بأموالها
نشر في الأهرام اليومي يوم 12 - 11 - 2018

لا نواجه انقساما حادا بين الشعب الليبى ولكن نواجه انشطار الأزمة إلى شظايا عديدة!
الأزمة الليبية تزداد تعقيدا وتشابكا والتسوية السياسية لن تكون سهلة أو قريبة الموعد
القضاء الليبى يكاد يكون المؤسسة الوحيدة التى حافظت على وحدتها
هل بذل المبعوث الأممى غاية جهده لتوحيد المؤسسة العسكرية الليبية؟!
نحن إزاء عملية نهب مخيف للثروة يشارك فيها كل الليبيين!
هناك توافق عميق بين كل الأطراف على بقاء الوضع على ما هو عليه!
الحل الصحيح فى مؤتمر وطنى ليبى يناقش الانتخابات البرلمانية والرئاسية العام القادم

غسان سلامة المبعوث الأممى للأزمة الليبية ووزير الثقافة اللبنانى الأسبق، نعرف بعضنا جيدا وإن لم تتهيأ لنا فرصة الحوار قبل لقائنا الأخير فى مؤتمر شرم الشيخ، حيث كان أحد ضيوف المؤتمر الكبار فى ندوة سياسية ثقافية عميقة عنوانها «ما بعد النزاعات المسلحة» لا تزال تثير جدلا واسعا حتى الآن، حضرها غسان سلامة مع المبعوث الأممى لسوريا ديميستورا، تحدث الاثنان خلالها عن طبيعة الخلاف بين الأزمتين السورية والليبية ولماذا تعذر الوصول حتى الآن إلى تسوية سياسية للمشكلتين. التقينا فى المؤتمر لحوار استمر ساعتين، ناقش كل دروب الأزمة الليبية وتميز بالوضوح والصراحة، لأن غسان سلامة أدرك ما لم يدركه غيره فى الأزمة الليبية، وأننا لا نواجه انقساما حادا بين فئات الشعب الليبى ولكننا نواجه انشطار الأزمة إلى شظايا عديدة متناثرة فى المكان يصعب جمعها، وكان صادقا مع نفسه عندما أعلن أن الأزمة الليبية تزداد تعقيدا وتشابكا، وأن التسوية السياسية لن تكون سهلة أو قريبة الموعد، لكن من المؤكد أن جميع الميليشيات العسكرية التى تحكم العديد من المدن، خاصة غرب البلاد إلى زوال، لأن الليبيين ضاقوا ذرعا بهذه الفوضى العارمة، كما أنهم عقدوا العزم على ضرورة إنهاء حكم وسيطرة هذه الميليشيات.
سألت المبعوث الأممى غسان سلامة، بعد 14 شهرا من الانغماس فى الأزمة الليبية، هل يمكن أن تختصر لنا هذه التجربة فى رؤية متكاملة تحدد لنا طبيعة الأزمة وخصائصها، ولماذا تزداد تشابكا وتعقيدا؟!، خاصة أننا لا نلمس حتى الآن نتائج محددة وملموسة ويكاد يكون الموقف جامدا دون حراك؟!.
عندما طلب منى الأمين العام للأمم المتحدة أن أذهب إلى ليبيا مبعوثا أمميا لتسوية مشكلاتها، كنت أعلم أن المهمة صعبة وشائكة، وقد قبلتها دون أوهام، خاصة أن النفاذ إلى طبيعة المشكلة يكشف حجم التعقيد الشديد فى الأزمة الذى يصعب معه الحصول على نتائج سهلة وسريعة، إننا هنا إزاء دولة ريعية اعتمادها الكامل على «ريعها» البترولى الذى يحقق لها دخلا هائلا نتيجة تصدير مليون و300 ألف برميل يوميا من أجود أنواع البترول تذهب مباشرة إلى الأسواق الأوروبية، وتتوزع عائداتها على 6.5 مليون نسمة منذ أيام حكم القذافي، وكل مواطن ليبى يشعر بأن له حقا فى جزء من هذا «الريع» بصرف النظر عن واجباته تجاه وطنه وبلده، والصراع الذى يسود ليبيا هو صراع على الثروة وليس الفكر أو الثقافة أو تحديات المكان والزمان، وخلال فترة حكم العقيد القذافى كان هناك «حكم» يبت فى الأمر ساعة نشوب الخلاف، يلتزم الجميع بقراراته..، وبغياب «الحكم» وانهيار سلطة الدولة سادت الصراعات الصغيرة وسادت الفوضى العارمة، خاصة مع تزايد الميليشيات المسلحة وسيطرتها الكاملة على أغلب المدن الليبية.
الخصوصية الثانية فى الموقف الليبي، أننا إزاء بلد تحول بسبب انقساماته إلى شظايا عديدة، وليس صحيحا بالمرة أن البلد منقسم على نفسه بين شرق وغرب، هذا ما يمكن أن نراه على سطح الأشياء لكن الرؤية الصحيحة والعميقة تكشف لنا أننا إزاء فسيفساء تكاد تندثر إلى شظايا، والتحدى الحقيقى الذى يواجهنا هو لملمة هذه الشظايا وليس توحيد الشرق والغرب كما يتصور البعض، كل مدينة لها جماعة تحاول أن تسيطر وتحكم، وكل جماعة تعانى التشرذم والانقسام، وللأسف حدث الشيء نفسه مع القبائل!
نعم هناك بعض المؤسسات التى استطاعت أن تحافظ على وحدتها أبرزها القضاء، ويحرص كل القضاة فى ليبيا على أن يجتمعوا معا مرة كل شهر يناقشون معا قضاياهم ومشكلاتهم، وهذا ما حفظ وحدتهم، وكذلك المؤسسة الوطنية للنفط رغم التهديدات التى تلاحقها بين الحين والآخر، وهذا ما مكن ليبيا من رفع إنتاجها البترولى إلى مليون و300 ألف برميل يوميا.. وقد تعرضت المؤسسة الوطنية للنفط لتهديدات خطيرة عطلت تصدير البترول أكثر من مرة، لكنها نجحت بمعاونة الجيش الوطنى شرق البلاد فى الحفاظ على وحدتها ومؤسساتها.
سيادة المبعوث غسان: لا أعرف لماذا يفتر حماسكم إزاء محاولة توحيد المؤسسة العسكرية، رغم أن توحيد المؤسسة العسكرية يشكل أقصر الطرق لتوحيد البلاد، خاصة أن الجيش الوطنى شرق البلاد نجح بالفعل فى تشكيل نواة للجيش الوطنى الليبى يقودها المشير حفتر، وثمة دلائل قوية على انضباط وحداته وأفراده، أبرزها نجاحه فى استعادة مؤسسة النفط الليبية من خاطفيها الذين كانوا فى الأصل جزءا من حراسها لكنهم خانوا الأمانة!، وما أعرفه سيادة المبعوث أن أبناء المؤسسة العسكرية الليبية فى الشرق والغرب ناقشوا فى اجتماعات عديدة لهم سادها التوافق كل القضايا المتعلقة بتوحيد المؤسسة العسكرية، وتوصلوا إلى مشروع شبه متكامل أبرز قسماته، أن يتوحد كل العسكريين فى الشرق والغرب والجنوب فى مؤسسة مهنية واحدة، يمكن أن يتم فيها إدماج بعض الميليشيات العسكرية وفق معايير فردية لا تأخذ بنظام الدمج الجماعى لوحدات هذه الميليشيات، وأنهم فى المجمل قبلوا إخضاع الجيش لإمرة القيادة السياسية المدنية التى يتم انتخابها؟!
صحيح أن لدينا نواة جيش وطنى شرق البلاد يقوده المشير حفتر، لكن ما لدينا فى الغرب والجنوب مجرد ضباط أفراد، بعضهم يمارس بعض عمله وأغلبهم قابعون فى منازلهم دون عمل ويقبضون رواتبهم، شأنهم شأن غيرهم من الليبيين، والتحدى الضخم الذى يواجهنا الآن هو توحيد المؤسسة العسكرية الليبية الذى لا يزال يشكل مشكلة ضخمة مثل كل المؤسسات الليبية التى تعانى الازدواج..، لقد نجحنا أخيرا فى أن نجمع مجلسى النواب ونحضهما على التواصل والبحث عن القواسم المشتركة بينهما بدلا من أن يدير كل منهما ظهره للآخر، وهذا ما فعلناه أيضا مع محافظى البنك المركزى اللذين اجتمعا معا للمرة الأولى بموافقة وزير المالية للاتفاق على بدء تطبيق معايير الحوكمة المالية تدقيقا للحسابات وضبطها، وجوهر المشكلة الحقيقية التى تواجهنا أن الجميع يريد الإبقاء على الأمر الواقع لأن الوضع الراهن يتيح للجميع نهب ثروات البلاد، وهناك توافق عميق بين كل الأطراف على إبقاء الوضع على ما هو عليه الذى ينتج مليونيرا جديدا كل صباح، بينما يتردى الوضع العام ويزداد سوءا، لقد بدأنا عملية لملمة الشظايا وهناك من يتصور أنها يمكن أن تتم بين ليلة وضحاها، لكن هؤلاء واهمون لأن حجم التوافق على الأمر الواقع ضخم وكبير، وفى كثير من بلاد العالم يكون الخارج هو مصدر النزاعات الأساسية، أما فى ليبيا فإن معظم الصراعات مصدرها الداخل.. وباختصار شديد فإن ليبيا تنتحر بأموالها ولابد من وقف هذا النهب أولا.
سيادة المبعوث، لا شك فى أن الأمور يمكن أن تنضبط بصورة أصح إذا أصبح لليبيا جيشها الوطنى الواحد، ومع الأسف قطع الليبيون شوطا مهما لم يكتمل على هذا الطريق؟!
لم نتدخل مبكرا فى قضية توحيد المؤسسة العسكرية، وبالفعل توافق العسكريون الليبيون على عدد من القضايا المشتركة المتعلقة بتوحيد الجيش، لكن المشكلة أنه خارج قوات المشير حفتر نحن أمام مجموعات من الضباط العسكريين يمثلون ذواتهم، وكثير منهم يلتزم منزله، خاصة الموجودين غرب البلاد، ولا يزال هناك قدر من الغموض فى مواقف بعض القوى الدولية حول حفتر وثمة من يقلقهم طموحاته، لكننى أستطيع أن أؤكد لك أننا فتحنا الأبواب لحوارات عديدة حول هذا الشأن، أهمها الحوارات التى تجرى الآن بين المشير حفتر ورئيس الوزراء السراج.
ألم يحدث توافق بين معظم القيادات العسكرية الليبية فى الشرق والغرب حول قيادة الجيش، وضرورة خضوع المستوى العسكرى للمستوى السياسى المتمثل فى القيادة السياسية المنتخبة؟!.
لم يصل إلى علمى أنهم توصلوا إلى اتفاق كامل حول هاتين القضيتين، لكن ما يهمنى تأكيده أننا ركزنا عملنا فى الفترة الأخيرة على الأزمة الأمنية فى طرابلس الكبرى التى تضم ثلث الشعب الليبى وذلك بإحلال السلطة التنفيذية ممثلة فى الشرطة النظامية محل الميليشيات العسكرية بما يعنى إعادة الضباط من منازلهم وتأمين الدعم الدولى لهم، وإنشاء لجنة ترتيبات أمنية من ضباط محترفين لا علاقة لهم بالميليشيات تعيد ترتيب الأمور، ومركز للعمليات المشتركة، والتجهيز المتكامل لعملية استرداد السلاح الثقيل من الميليشيات.. وأظن أن سكان العاصمة طرابلس يشعرون بهذا التحول الجديد، كما أن عمليات الابتزاز التى كانت تجرى لعدد من القادة كانوا تحت سطوة الميليشيات قد توقفت تماما، أما الذين ارتكبوا جرائم فى حق ليبيا وأولهم العقيد جدران قائد قوات حماية مؤسسات النفط الليبى الذى حاول الاستيلاء على بعض حقول النفط فيخضع الآن لسلسلة من العقوبات الصارمة بينها منعه من السفر خارج البلاد وملاحقته فى الداخل..!، إن رحلة الألف ميل قد بدأت بالفعل، يساعدنا على ذلك وزير الداخلية الجديد الذى يركز جهده على إحلال القوات النظامية محل الميليشيات العسكرية والبدء فورا بالعاصمة طرابلس.
سيادة المبعوث الأممي، حدثتنا منزعجا عن عملية نهب ليبيا التى يشارك فيها الجميع، وعن غياب «الحكم» الذى يقدر على وقف هذه الفوضى العارمة، لكنك لم تحدثنا، كيف يمكن وقف هذا النهب، ورغم الشكاوى العديدة من سوء أداء محافظ البنك المركزى فى طرابلس لا يزال الرجل يمارس سلطاته، ويوزع أموال ليبيا على الميليشيات وقادتها الذين ينهبون البلاد دون رادع؟!
غسان سلامة: لا أعتقد أنه كان فى وسعنا أن نوقف هذا النهب وأن ندقق فى مراجعة أعمال المصرف المركزى وحساباته، الذى كان قد انشق إلى مصرفين منذ عام 2014، أحدهما فى طرابلس والآخر فى مدينة البيضاء دون أن يكون لدينا شركة دولية تقوم بتدقيق حسابات المصرفين، ودون أن يكون هناك حد أدنى من التوافق بين المصرفين على قواعد المراجعة والتدقيق، وقد انتهينا من الخطوة الإجرائية الأولى ووقعت كل الأطراف اتفاقا بالتزام الشفافية وأن يسلم كل طرف ما لديه من الوثائق والمعلومات كى يعرف الليبيون كيف أنفقت أموال البلاد، ولماذا اتسعت فجوة السوق السوداء فى النقد الأجنبى إلى هذا الحد؟!، ومدى مشروعية هذا الإنفاق الهائل على الميليشيات العسكرية التى كان قادتها يحصلون عبر الابتزاز على هذا الكم الهائل من الأموال، فضلا عن أن هناك حقولا مهمة للبترول غرب ليبيا مثل حقل الشرارة وحقل الوفاء لم يتم تدقيق حساباتها أبدا.
هل ثمة توافق الآن بين الأطراف الأوروبية الضالعة فى الأزمة الليبية خصوصا إيطاليا وفرنسا؟!.
غسان سلامة: هناك فى الظاهر نوع من التوافق على أن تستعيد العاصمة طرابلس بعضا من فاعليتها، وأن تحل القوات النظامية محل الميليشيات العسكرية، لكن هناك أيضا خلافات أساسية بين القوى الإقليمية والدولية، خاصة حول موعد الانتخابات النيابية والرئاسية وكل طرف يتمسك بمن يحميه لكننا، نريد تفاهما حقيقيا إقليميا ودوليا يختصر مشكلات التسوية السياسية ويساعد على توحيد المؤسسات الليبية، ويمكننا من سرعة إحلال القوات النظامية محل الميليشيات العسكرية، ويضمن وجود دولة شرعية واحدة.. وما يزيد من صعوية المشكلة الليبية قصر نظر الدول الغربية التى تهتم بمحاربة الإرهاب، لكنها لا تهتم بالقدر نفسه بعملية بناء الدولة الليبية!، العالم مع الأسف مهتم بثروات ليبيا، لكنه لا يبالى بمصير الليبيين وما ينبغى أن يفهمه الغرب أنه دون دولة ليبية قوية ومسيطرة، لا تتبعثر قواها فى شظايا صغيرة، خاصة مع هذه المساحات الشاسعة من الأراضى والحدود، لن تتوقف ليبيا عن أن تكون معبرا للهجرة غير المشروعة وسوقا للاتجار بالبشر وملاذا لجماعات الإرهاب.
فى ظل هذه الأوضاع والمصاعب، كيف تكون خطوتك القادمة؟!
أعتقد أن الحل الصحيح يمكن أن ينبثق من انعقاد مؤتمر وطنى ليبي، نفسح فيه المجال لكل المهمشين، مؤتمر لا يقصى أحدا، تحضره القبائل العربية والليبيون من أصول إفريقية والأمازيج الذين يشكلون عنصرا مهما فى ثقافة البلاد، وتحضره ميليشيات مصراتة والزاوية يناقشون معا سبل تحصين مؤسسات الدولة وتأمينها من الابتزاز، وكيفية دمج الميليشيات فى وظائف الدولة والشرطة والجيش على أسس فردية، وإمكان إعداد برنامج زمنى للانتخابات البرلمانية والرئاسية، والخطوط العريضة لتوحيد المؤسسة العسكرية وعلاقتها بمؤسسات الحكم فى ظل حكومة مدنية ورئيس منتخب.
وأسأل المبعوث الأممى غسان سلامة: إن كنا سوف نقبل الجميع بما فى ذلك المعنيون بالأيديولوجية والإرهاب فربما لا يتحسن الوضع كثيرا مع تدهور الأوضاع المتزايد فى جنوب ليبيا؟
ويرد المبعوث الأممي: الجنوب لا وجود له بالمطلق حتى الان على خريطة الدولة الليبية، حيث تسيطر داعش والقاعدة على معظم مناطق الحدود المفتوحة وتسمحان للعبور داخل البلاد لكل من هب ودب من اللاجئين والإرهابيين، هناك تشكيلات مسلحة تشادية وأخرى سودانية وثالثة نيجيرية فى الجنوب، وهناك عصابات للاتجار بالبشر، وأخرى تبحث عن الذهب تنتج كميات كبيرة يتم تهريبها خارج البلاد، كما يتم تهريب النفط إلى كل الدول المجاورة وفى غيبة الدولة الليبية القوية يتعايش كل الأشرار.
الواضح أن المبعوث غسان سلامة لا يرى أملا فى إمكان إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية هذا العام، وأن الانتخابات تجرى فى الربيع القادم بعد عام.. فلماذا العجلة فى عقد مؤتمر باليرمو؟!
لا أظن أن هناك تعارضا لأن هدف مؤتمر باليرمو هو حشد الدعم الدولى للعملية السياسية التى تقودها الأمم المتحدة والإسهام فى تحقيق الاستقرار الشامل فى ليبيا، وأملى أن يكون باليرمو محطة ناجحة فى طريق التوصل إلى تفاهم ليبى ليبى.
ثمة مخاوف من أن يشهد مؤتمر باليرمو تجدد الخلاف بين فرنسا وإيطاليا حول عقد الانتخابات الرئاسية هذا العام؟!
أعتقد أن الطرفين إيطاليا وفرنسا تجاوزا خلافاتهما السابقة ومن المهم أن يتوافق الجميع على ضرورة توحيد مؤسسات الدولة والمضى قدما إلى انتخابات برلمانية ورئاسية العام القادم لأن أى دولة بمفردها لا تملك القدرة على حل الأزمة الليبية وهذا هو الواضح، من مؤتمر باليرمو الذى يعقد فى جزيرة صقلية ويحضره قائد الجيش الوطنى اللبيى خليفة حفتر ورئيس المجلس الرئاسى فايز السراج ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح ورئيس مجلس الدولة خالد مشري، كما يحضره عدد من الدول الأوروبية والعربية بينها مصر والإمارات وتركيا وقطر وألمانيا وإسبانيا وإيطاليا وتونس والجزائر والمغرب وتشاد بهدف رسم خريطة طريق تحقق الاستقرار لليبيا وتدفع الليبيين قدما نحو التسوية السياسية التى ترعاها الأمم المتحدة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.