تتوالى التقارير والتقييمات الدولية التى تشيد بأداء الاقتصاد المصرى ونتائج عملية الإصلاح التى بدأت ملامحها فى الظهور.. ففى أحدث تقرير لها ثبتت مؤسسة «ستاندر أند بورز» التصنيف الاقتصادى لمصر عند مستوى (B) مع نظرة مستقبلية مستقرة وتوقع بارتفاع معدل النمو إلى 5.4% كمتوسط للسنوات الأربع المقبلة.. التقرير الذى صدر أمس الأول يعد مرشدًا لكافة مؤسسات الاستثمار والتمويل الدولية، وحافزًا إلى دخول السوق المصرية باستثمارات أو مشاركات جديدة تعزز فرص النمو وتفتح أبوابًا واسعة من الأمل إلى قطاعات عريضة لإيجاد فرص عمل ومصانع وأسواق محلية وعالمية.. فضلًا عن انتعاش أسواق الخدمات فى السياحة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وغيرها. تقرير «ستاندر أند بورز» أشاد بقدرة الحكومة على تنفيذ إصلاحات مهمة كاتباع سياسة صرف مرنة، تعزز من قدرة التنافسية للاقتصاد، وزيادة معدلات النمو، وزيادة الإنتاج من الغاز الطبيعي، واستقرار المؤشرات العامة للاقتصاد الكلي. بيد أن أهم ما رصده التقرير هو التطورات الإيجابية على أربعة محاور: المحور الأول: حزمة الإصلاحات التشريعية التى صدرت أخيرا مثل: قوانين الترخيص الصناعية والاستثمار الجديد والغاز الطبيعي، والإفلاس، وهو ما يسهم فى تحسين بيئة الأعمال، واستمرار دفع النشاط الاقتصادي. الثاني: إجراءات الضبط المالى التى تمثلت فى ترشيد دعم الطاقة، وتطبيق قانون القيمة المضافة، وإصدار قانون الخدمة المدنية للعاملين بالجهاز الإدارى للدولة، وهو ما أسهم فى تحسين المؤشرات المالية، برغم التحديات الكبيرة التى تمثلت فى ارتفاع سعر الصرف، وأسعار الفائدة وتكلفة الدين، ويذكر التقرير للحكومة جهودها فى استهداف خفض معدلات الدين بوضع سقف للاقتراض الخارجي، وهو ما يتطلب استكمال برنامج ترشيد مخصصات دعم الطاقة، ورفع كفاءة الإدارة الضريبية بالتوازى مع إجراءات مالية لتحفيز النشاط الاقتصادى وتحقيق معدلات نمو مرتفعة. الثالث: تراجع الضغوط على سوق النقد الأجنبى كنتيجة مباشرة لتحرير سعر الصرف، وهو ما انعكس فى زيادة الصادرات المصرية بكافة أنواعها. الرابع: زيادة إنتاج الغاز الطبيعي، مما يسهم بشكل كبير فى خفض فاتورة واردات مصر من المواد البترولية. فضلًا عن انتعاش السياحة التى تتعدد مصادرها، وارتفاع تحويلات المصريين العاملين بالخارج، وكلها تعزز احتياطى العملات الأجنبية، وتجنب السوق أى هزات، وتؤمن الواردات من السلع الضرورية. .. لكن التقرير حذر فى الوقت نفسه، من عدة مخاطر قد تؤثر سلبًا على التقييمات المستقبلية للاقتصاد كتباطؤ تنفيذ الإصلاحات المالية، ومعدلات خفض الدين العام، وانخفاض مستويات الاحتياطى من النقد الأجنبي، ومخاوف من أى تطورات سياسية بالمنطقة، من شأنها التأثير على السياحة والاستثمارات الأجنبية. أهمية هذا التقرير تكمن فى توقيت صدوره بعد أيام قليلة من الوصول إلى اتفاق مع خبراء صندوق النقد الدولى فى عملية المراجعة الخامسة لبرنامج الإصلاح، وهو ما يشير بوضوح إلى أن الاقتصاد المصرى بدأ يستعيد توازنه كترجمة واقعية للإصلاحات الضرورية التى تمت، ولحالة الاستقرار السياسى والأمنى التى تنعم بها مصر.. وتراجع الضغوط الرهيبة التى كانت سببًا فى عدم إقبال الاستثمارات الأجنبية على السوق المصرية، كتراجع خطر الإرهاب، وفتح مجالات عديدة للاستثمار سواء فى المدن الجديدة، وفى الصدارة منها العاصمة الإدارية، والمنطقة الاقتصادية لقناة السويس.. والجذب غير المسبوق لشركات البترول العالمية فى البحث والاستكشاف عن الغاز والذهب الاسود فى البحرين الأحمر والمتوسط ودلتا مصر.. فضلًا عن السياسة الجديدة فى تسويق مصر كمقصد استثمارى فى المحافل الدولية، وهو ما أثمر البدء بإنشاء مدن صناعية عالمية على الأراضى المصرية.. كالمدينة الروسية. لمزيد من مقالات رأى الأهرام