إما أن تقع فى دوّامة التصريحات المتضاربة بين الطرفين المتنافسين فى الانتخابات النصفية فى أمريكا، حيث يزعم كل طرف لنفسه أن فوزه تاريخى ويُسفّه من نتائج الطرف الآخر، أو أن تُركِّز على الحقائق الظاهرة التى يُفصِح عنها الحد المتفق عليه من النتيجة، مثل التسليم بصحة معلومة أن الأصوات التى حصل عليها حزب ترامب فى مجلس النواب تقل قليلاً عن نصف أصوات الناخبين، وأنها تزيد قليلاً عن النصف فى مجلس الشيوخ، ودع عنك حكام الولايات، بما يعنى أن نحو نصف الناخبين إجمالاً لم يتزحزحوا عن اصطفافهم خلفه، رغم تعرضه لأكبر حملة تشهير لم ترتدع عن استخدام كل الأسلحة ضده! هذه الكتلة هى التى يجب أن تُوضَع فى الحسبان مستقبلاً! لأن لها وجوداً أصيلاً فى المجتمع قبل ترامب، ولأنها رأت فيه خير من يُمثِّلها، كما أن معظم المرشحين المنافسين لترامب ضبطوا أنفسهم أيضاً على وتيرتها، فلم يطرحوا سوى القضايا المحلية التى تهمها، مثل الرعاية الصحية والهجرة..إلخ، ولم يُشر أحد فى عز الحملة إلى كوارث ترامب فى العالم. لا يزال الكثيرون يقفون عند فظاظة وغطرسة ترامب، ولا ينتبهون إلى خطورته الحقيقية فى أنه يدهس قواعد الديمقراطية، ويحتقر الشرعية الدولية، ويجهل تبعات أن يعادى العالم كله حتى الحلفاء التاريخيين لبلاده، وينفرد بالقرار، ويتعمد أن يستخف حتى بأقرب معاونيه، ويزدرى الإعلام، ولا يأبه لحق مواطنيه فى معرفة أخبار بلادهم..إلخ! وهى أسباب كفيلة بأن يكون له أعداء كثيرون فى أمريكا، وقد كان، وأن يبذلوا أقصى طاقتهم للإطاحة به فى الانتخابات، وقد فعلوا، ولكنه رغم كل هذا نجح فى الحصول على قرابة نصف الأصوات! مما يجعله محقاً، فى هذه الملابسات، أن يعتبر هذه النتيجة نصراً له. وأما إذا توهم الآخرون أن جهودهم نجحت فى إنزال هزيمة ساحقة به، فهم غافلون عن هذه الظروف وعن النتائج الأخرى فى الانتخابات المماثلة عبر العقود الماضية، فعليهم أن ينتظروا الانتخابات الرئاسية بعد عامين ليروا تطور هذه الكتلة الانتخابية مع ترامب أو مع مثيله. [email protected] لمزيد من مقالات أحمد عبد التواب