أحسّ كثيرٌ من العقلاء بخطئهم الجسيم لأنهم اعتبروا دونالد ترامب مهرجاً عند بداية حملته للفوز على منصب الرئيس فى أمريكا، ولم يظنوا أن له فرصاً جادة! فها قد تبين أن الأمر شديد الجدية، بعد أن كشف ترشحه أن التعصب والعنصرية والكراهية الدينية لا تزال مترسخة لدى عشرات الملايين من الناخبين الأمريكيين الذين وجدوا فيه خير من يمثلهم، فطلعوا على سيرته وساروا فى أفواجه متشجعين بالإفصاح عن أنفسهم وبتأييدهم لتوجهاته، بعد أن لبدوا ربما منذ إعلان قانون الحقوق المدنية عام 1964. وهذا يؤكد أن الخطر أبعد وأعمق من أن يكون فى شخص ترامب، لأنه إن فشل فى هذه الانتخابات، فالمرجح أنه سوف يحصل على نتيجة معتبرة بفضل هؤلاء، مما يجعل أمامهم فرصاً أخرى أكثر وعداً فى الانتخابات التالية بأن يدعموا مرشحاً آخر. استهوى هؤلاء فى ترامب خطابه المتبجح دون التواء إلى حد الصدمة بطرحه ما لم يكونوا يجرؤون على قوله وسط الصحبة القريبة، عن وجوب طرد كل اللاجئين الذين يعيشون فى أمريكا وعددهم نحو 11 مليونا! ولم يَرفّ له جفن أمام الظروف الإنسانية للاجئين السوريين وطالب بإعادتهم إلى بلادهم، وأما رأيه فى المكسيكيين، فهم أشرار ومجرمون، ويجب أن تحمى أمريكا نفسها منهم ببناء حائط عظيم يفصل ما بين الدولتين. أى أن المسلمين ليسوا سوى فئة ممن وجه لهم سهامه، عندما طالب بمنعهم من دخول أمريكا تماماً، وإعرابه عن ضرورة مراقبة كل مسجد فى أمريكا وكل أمريكى مسلم. ما يستحق التوقف للدراسة أنه، وبعد كل هذا الوضوح، صار له كل هذه الملايين من المؤيدين إلى حد إعلان فوزه فى الانتخابات التمهيدية المؤهِّلة لنيل ترشيح الحزب الجمهورى قبل الموعد المتوقع بعدة أسابيع! ومن الغرائب أنه لم ينل فقط أصوات الجمهوريين، بل إن نتائج بعض الاستطلاعات تؤكد أنه يحظى بتأييد نحو 30 من أعضاء الحزب الديمقراطى الذى من المفترض أن يقف بكتلته وراء منافسته هيلارى كلينتون! وأما الأغرب على الإطلاق فهو ما نشرته بعض الصحف أن نحو 11% من المسلمين الأمريكيين يؤيدونه! لقد صارت كل الاحتمالات واردة. [email protected] لمزيد من مقالات أحمد عبد التواب