سعر السمك والكابوريا والجمبري بالأسواق اليوم الجمعة 27 يونيو 2025    رئيس موازنة النواب: نستهدف زيادة الإيرادات الضريبية 600 مليار جنيه العام المالي الجديد    متحدث البترول: عودة تدريجية للغاز إلى المصانع.. وأولويتنا القصوى منع انقطاع الكهرباء    نقيب الأطباء: لا يجب أن نُخاطب بقانون الإيجار القديم.. وضعنا مختلف عن السكني    ليست كسابقاتها.. صحيفة إسرائيلية تكشف تفاصيل اتفاق ترامب ونتنياهو على إنهاء حرب غزة    ماكرون: ترامب عازم على التوصل لوقف إطلاق نار جديد في غزة    زيلينسكى يشتكى من اعتماد دول أوروبية على النفط الروسى ويتوسل لخفض سقف سعره    ألونسو يعلن تشكيل ريال مدريد لمواجهة سالزبورج    كاكو بعد فوز العين على الوداد: أتطلع للعودة مجددًا إلى المونديال    بعد فوزه ب 3 جوائز في أمريكا.. نيللي كريم: سطر واحد كان كافيا لأوافق على «Happy Birthday»    دعاء أول جمعة فى العام الهجرى الجديد 1447 ه لحياة طيبة ورزق واسع    تعرض منزل النجم الأمريكي براد بيت للسطو وشرطة لوس أنجلوس تكشف التفاصيل    ليوناردو وسافيتش يقودان الهلال ضد باتشوكا فى كأس العالم للأندية    بالصور.. نقيب المحامين يفتتح قاعة أفراح نادي المحامين بالفيوم    انخفاض جديد في عيار 21 بالمصنعية.. أسعار الذهب والسبائك اليوم الجمعة بالصاغة    تفوق متجدد للقارة الصفراء.. العين يُدون الانتصار رقم 14 لأندية آسيا على نظيرتها الإفريقية في مونديال الأندية    «فرصتكم صعبة».. رضا عبدالعال ينصح ثنائي الأهلي بالرحيل    ملف يلا كورة.. جلسة الخطيب وريبييرو.. فوز مرموش وربيعة.. وتجديد عقد رونالدو    مستقبل وطن بكفر الزيات يقدم الدعم للمصابين ضحايا حادث عقر كلب بقرية إبيار    وزير قطاع الأعمال يعقد لقاءات مع مؤسسات تمويل وشركات أمريكية كبرى على هامش قمة الأعمال الأمريكية الأفريقية بأنجولا    قوات الاحتلال تداهم عدد من المنازل خلال اقتحام قرية تل غرب نابلس    الورداني: النبي لم يهاجر هروبًا بل خرج لحماية قومه وحفظ السلم المجتمعي    من مصر إلى فرانكفورت.. مستشفى الناس يقدّم للعالم مستقبل علاج العيوب القلبية للأطفال    عطلة الجمعة.. قيام 80 قطارًا من محطة بنها إلى محافظات قبلي وبحري اليوم    «أثرت بالسلب».. أسامة عرابي ينتقد صفقات الأهلي الجديدة    محتجون ليبيون يهددون بوقف إنتاج النفط بمجمع مليتة بسبب دعم إيطاليا لحكومة الدبيبة    نقيب الأشراف يشارك في احتفالات مشيخة الطرق الصوفية بالعام الهجري    تفاصيل الحالة الصحية للبلوجر محمد فرج الشهير ب"أم عمر" بعد تعرضه لحادث مروع (صور)    السيطرة علي حريق مصنع زيوت بالقناطر    إصابة سيدتين ونفوق 15 رأس ماشية وأغنام في حريق بقنا    الأوقاف تفتتح اليوم الجمعة 9 مساجد في 8 محافظات    بحضور مي فاروق وزوجها.. مصطفى قمر يتألق في حفلة الهرم بأجمل أغنياته    "القومي للمرأة" يهنئ الدكتورة سلافة جويلى بتعيينها مديرًا تنفيذيًا للأكاديمية الوطنية للتدريب    الشارع بقى ترعة، كسر مفاجئ بخط مياه الشرب يغرق منطقة البرج الجديد في المحلة (صور)    دعاء الجمعة الأولى في السنة الهجرية الجديدة 1447 ه    هل التهنئة بالعام الهجري الجديد بدعة؟.. الإفتاء توضح    لجان السيسي تدعي إهداء "الرياض" ل"القاهرة" جزيرة "فرسان" مدى الحياة وحق استغلالها عسكريًا!    صحة دمياط تقدم خدمات طبية ل 1112 مواطنًا بعزبة جابر مركز الزرقا    موجودة في كل بيت.. أنواع توابل شهيرة تفعل العجائب في جسمك    طريقة عمل كفتة الأرز في المنزل بمكونات بسيطة    الأهلي يضع شرطا حاسما لبيع وسام أبوعلي (تفاصيل)    حجاج عبد العظيم وضياء عبد الخالق في عزاء والد تامر عبد المنعم.. صور    صلاح دياب يكشف سر تشاؤمه من رقم 17: «بحاول مخرجش من البيت» (فيديو)    رجل يفاجأ بزواجه دون علمه.. هدية وثغرة قانونية كشفتا الأمر    «30 يونيو».. نبض الشعب ومرآة الوعي المصري    البحوث الإسلامية: الهجرة النبوية لحظة فارقة في مسار الرسالة المحمدية    حسام الغمري: الإخوان خططوا للتضحية ب50 ألف في رابعة للبقاء في السلطة    الخارجية الأمريكية: الموافقة على 30 مليون دولار لتمويل "مؤسسة غزة الإنسانية"    المفتي: التطرف ليس دينيا فقط.. من يُبدد ويُدلس في الدين باسم التنوير متطرف أيضا    ترامب: خفض الفائدة بنقطة واحدة سيوفر لنا 300 مليار دولار سنويا    مصرية من أوائل ثانوية الكويت ل«المصري اليوم»: توقعت هذه النتيجة وحلمي طب بشري    مصرع سيدة وإصابة آخر في تصادم سيارة ملاكي مع نصف نقل بالجيزة    بمشاركة مرموش.. مانشستر سيتي يهزم يوفنتوس بخماسية في مونديال الأندية    فيديو متداول لفتاة تُظهر حركات هستيرية.. أعراض وطرق الوقاية من «داء الكلب»    مفتى الجمهورية: الشعب المصرى متدين فى أقواله وأفعاله وسلوكه    قصور ثقافة أسوان تقدم "عروس الرمل" ضمن عروض الموسم المسرحى    إصابة 12 شخصا إثر سقوط سيارة ميكروباص فى أحد المصارف بدمياط    وزير السياحة والآثار الفلسطينى: نُعدّ لليوم التالي في غزة رغم استمرار القصف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أبدو بخير
نشر في الأهرام اليومي يوم 05 - 11 - 2018

ندمت كثيرا أنى لم أوثق مرحلة تشوه وجهى وجسدى. نعم تشوه، إنها كلمة ثقيلة وموجعة بالفعل، لكنها الأنسب لحالتى، فقد كنت أتجنب مرورى أمام مرآه ولوعلى سبيل الصدفة، لم أفكر أن أختلس النظر حتى فى شاشة موبايلى المطفأة كما تفعل البنات للتأنق وسط العامة، كان جلدى مسلوخا كأرنب أو ديك خرج لتوه من مياه تغلى تمهيدا لنتف ما تبقى من ريش لديه.
وجهى كان متنمرا غاضبا متهدلا بانتفاخات عشوائية وبقع زرقاء وبنية، كانت آلام جلدى وبشرتى وهزال عضمى تغنينى عن النظر إليها، فقد كنت أتخيل شكله، إلى أن اضطررت بأمر من الطبيب المعالج أن أوثق المرحلة، بعد بدء العلاج بالخلايا الجذعية، لأنى أصبحت موضع دراسة، ولكن حدث ذلك بعد تحسن طفيف فى حالتى وخاصة وجهى، وكانت فرحتى بالتحسن تلهينى عن التركيز فى شكلى فكان الأمل دافع للتوثيق، ولم يمنعى سوى الخجل من تصوير باقى جسدى الذى تكرمش جلده المسلوخ وتهدل ليكسو عظاما خاوية من اللحم، واكتفى الطبيب بتصوير وجهى.
كنت أخجل أن أرى جسدى فعينى، رغما عنى، تقع عليه وأنا أدهنه سرا بزيوت قد تريح أوجاعى وحرقة الألم، دون أن يرانى زوجى وبناتى مشفقة عليهم من المنظر، ولكن زوجى كان شاعرا بمرارتى وفاسدا لخلوتى الماكرة فكان يسبقنى فى تجهيز الزيت الدافىء والطقس الهادىء الذى يتطلب خفت الإضاءة لكى لا يحرجنى، كان ممثلا بارعا فى إخفاء دموعه ونبره صوته المبحوح من البكاء الداخلى، محتويا بفطنته ذكائى فى تأويل حديثه أيا كان عن جسد تحسن أو جلد بدأ ينمو.
كان يعلم أنى ساكتشف كذبة ومحايلته لى، لذلك كان يدهن فى صمت لكى لا ينكشف أمره، ثم يختفى بعد الجلسة لكى ينوح وينتحب ويفرغ صراخه المكتوم ليس على معشوقته وعشرة عمره، ولكن على مجرد امرأة صغيرة يرى من عشرته لها أنها لا تستحق ذلك، على عكس طبيبى الذى كان يقذفنى بالوصف والتفاصيل التى تؤلمنى وكأنه يسمع ما قد حفظه من دراسته لحالتى، بمرور الوقت ومن كثرة اعتيادى على تغلل الذئبة فى دمائى اعتدت خداع نفسى والآخريين لكى أبدو بخير، لكى أحمى نفسى من ألم الوصف ومعاناه الخوض فى تفاصيل الوجع الذى لن يشعر به أحد سواى، هم فقط يؤلمهم المنظر ويسمحون لخيالاتهم بتخيل كم الألم، ولكنهم لا يعيشونه.
علمتنى الذئبة المكر والخداع ولكى لا أتسبب فى إيلام أعز الناس صرت ماكرة بارعة تبرق عينى بالسعادة لتخفى عتمة الوجع، يشرق وجهى بابتسامة لا تنطفأ، ويرقص صوتى ببحه كامنجا، وتزغرد ضحكتى لتصدح فى آذان كل من يحاول مواساتى فيتراجع، تحمر وجنتاى مع استدارة وجهى، الذى صنعه الكورتيزون على هيئة قمر صغير.
أحاول جاهدة آلا أتلكأ فى مشيتى فيبرز ضعفى وأفسد جلسة المتكئين باسترخاء على أريكتى ويضطروا للنهوض لشد أزرى، أتحايل على ألمى أمامهم لأغسل أطباقى وبجوارى ما تيسر من غناء معشوقى الأول جورج وصوف لكى يطمئنون أنى بخير وفى مزاج عال، أصطنع ببراعه نشاط قد يحسدوننى عليه لأصنع لهم شاى بلبن أو صنية كنافة فى سهرة نادرة ما تجمعنا سويا، فاغويهم بنشاط مزعوم لكى يبقوا بقربى ويتأكدون من عافيتى فيمضون قدما فى حيواتهم.
لم أكن وحيدة فى هذا الفكر فاكتشفت من دردرشاتى مع صديقات الذئبة أنهم أيضا كذلك، وأن الذئبة تمنحنا مكرها.. مكرا يساوى إنسانيتنا وتمنحنا جمالا ظاهريا شأن أشهر مريضاتها "سيلينا جوميز" ذات "البيبى فيس" أما دواخلنا فالله وحده أعلم، فنحن لا نحترم مشاعر الشفقة ولا مواساة الواجب ولا زيارات الأهل وثرثرات سرادقات العزاء، التى تجلب الموت الحى إلى مشاعرنا، نحن فى غنى عن افتعال الآخرين، ولكننا نفتعل بدافع الحفاظ على مشاعرهم والتقوقع على آلامنا لنبدو بخير وكفى.
لمزيد من مقالات ناهد السيد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.