مائدة إفطار البابا تواضروس    طلاب جامعة دمياط يتفقدون الأنشطة البحثية بمركز التنمية المستدامة بمطروح    حصاد 103 آلاف فدان قمح وتوريد 63 ألف طن للشون والصوامع في أسيوط    غداً.. «التغيرات المناخية» بإعلام القاهرة    المخلفات الصلبة «كلها خير»| فرص استثمارية واعدة ب4 محافظات    زيادة في أسعار كتاكيت البيّاض 300% خلال أبريل الماضي وتوقعات بارتفاع سعر المنتج النهائي    رويترز: حماس أبلغت مصر وقطر موافقتها على وقف إطلاق النار    المتحدث باسم معبر رفح: الاحتلال أغلق «كرم أبوسالم» أمام الشاحنات ومنع المساعدات    الشعبانى مصدر خطر على «الأبيض»    فيوتشر يتقدم على بيراميدز في الشوط الأول    أهالي أسيوط يستمتعون بأجواء الربيع في الحدائق والمتنزهات العامة    هند البحرينية تدعو ل محمد عبده بعد إصابته بالسرطان    الكشف عن البوستر الرسمي لفيلم «شرق 12» المشارك في مهرجان كان    نور قدري تكشف تطورات الحالة الصحية لابنها    محمد عدوية يتألق في أولى حفلات ليالي مصر ب «المنوفية» (صور)    الصحة: رصد 4 حالات اشتباه بالتسمم نتيجة تناول الأسماك المملحة بشم النسيم    صحة الإسماعيلية.. توعية المواطنين بتمارين يومية لمواجهة قصور القلب    بعد تعافيه من الإصابة.. سبب استبعاد أليو ديانج من مباريات الأهلي (خاص)    أول أيام عيد الأضحي 2024 فلكيًا فى مصر.. موعد استطلاع هلال ذي القعدة وبداية ذي الحجة    أمينة الفتوى تكشف سببا خطيراً من أسباب الابتزاز الجنسي    توقف خط نقل الكهرباء بين السويد وليتوانيا عن العمل    كلوب عن صلاح عندما تألق    الإصلاح والنهضة: اقتحام رفح الفلسطينية انتهاك للقوانين الدولية وجريمة تجاه الإنسانية    متضيعش فلوسك.. اشتري أفضل هاتف رائد من Oppo بربع سعر iPhone    وزير النقل يتابع إجراءات الأمن والسلامة للمراكب النيلية خلال احتفالات شم النسيم    أمير قطر ورئيس وزراء إسبانيا يبحثان هاتفيًا الاجتياح الإسرائيلي المرتقب لرفح    مصطفى بكري: اتحاد القبائل العربية سلم أسلحته بالكامل    المصريون يحتفلون بأعياد الربيع.. وحدائق الري بالقناطر الخيرية والمركز الثقافي الأفريقي بأسوان والنصب التذكاري بالسد العالي يستعدون لاستقبال الزوار    ننشر استعدادات مدارس الجيزة للامتحانات.. وجداول المواد لكافة الطلاب (صور)    المخرج فراس نعنع عضوًا بلجنة تحكيم مهرجان بردية لسينما الومضة    لقاء علمي كبير بمسجد السلطان أحمد شاه بماليزيا احتفاءً برئيس جامعة الأزهر    عقوبة التدخل في حياة الآخرين وعدم احترام خصوصيتهم    كيفية قضاء الصلوات الفائتة.. الأزهر للفتوى الإلكترونية يكشف عن أفضل طريقة    محافظ مطروح: "أهل مصر" فرصة للتعرف على الثقافات المختلفة للمحافظات الحدودية    أفراح واستقبالات عيد القيامة بإيبارشية السويس.. صور    الصحة تعلن إجراء 4095 عملية رمد متنوعة مجانا ضمن مبادرة إنهاء قوائم الانتظار    إصابه زوج وزوجته بطعنات وكدمات خلال مشاجرتهما أمام بنك في أسيوط    ننشر الخريطة الزمنية وجدول امتحانات مدارس القاهرة (صور)    التعليم العالي: تحديث النظام الإلكتروني لترقية أعضاء هيئة التدريس    نانسي عجرم توجه رسالة إلى محمد عبده بعد إصابته بالسرطان.. ماذا قالت ؟    ‫ إزالة الإعلانات المخالفة في حملات بمدينتي دمياط الجديدة والعاشر من رمضان    في خطوتين فقط.. حضري سلطة بطارخ الرنجة (المقادير وطريقة التجهيز)    المستشار حامد شعبان سليم يكتب :الرسالة رقم [16]بنى 000 إن كنت تريدها فاطلبها 00!    مفوضية الاتحاد الأوروبي تقدم شهادة بتعافي حكم القانون في بولندا    مصر تحقق الميدالية الذهبية فى بطولة الجائزة الكبرى للسيف بكوريا    غدا.. إطلاق المنظومة الإلكترونية لطلبات التصالح في مخالفات البناء    شاهد.. الفنادق السياحية تقدم الرنجة والفسيخ للمترددين في الغردقة    "كبير عائلة ياسين مع السلامة".. رانيا محمود ياسين تنعى شقيق والدها    لماذا يتناول المصريون السمك المملح والبصل في شم النسيم؟.. أسباب أحدها عقائدي    هل أنت مدمن سكريات؟- 7 مشروبات تساعدك على التعافي    ضبط 156 كيلو لحوم وأسماك غير صالحة للاستهلاك الآدمي بالمنيا    التعليم تختتم بطولة الجمهورية للمدارس للألعاب الجماعية    فشل في حمايتنا.. متظاهر يطالب باستقالة نتنياهو خلال مراسم إكليل المحرقة| فيديو    مفاجأة عاجلة.. الأهلي يتفق مع النجم التونسي على الرحيل بنهاية الموسم الجاري    إزالة 9 حالات تعد على الأراضي الزراعية بمركز سمسطا في بني سويف    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 6-5-2024    استشهاد طفلان وسيدتان جراء قصف إسرائيلي استهدف منزلًا في حي الجنينة شرق رفح    تعليق ناري ل عمرو الدردير بشأن هزيمة الزمالك من سموحة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



150 عاما من الانفتاح الحضارى
نشر في الأهرام اليومي يوم 27 - 10 - 2018

فى أحد الأيام الحارة من شهر يونيو عام 1853م فوجئ اليابانيون بأربع سفن حربية أمريكية تقتحم عزلة ميناء أوراجا القريب من العاصمة اليابانية إيدو بقيادة الأدميرال ماثيو بيرى (1794-1858)حاملا رسالة الرئيس الأمريكى فيلمور يطلب فيها فتح الموانئ اليابانية أمام السفن الأمريكية للتزود بالمياه والمؤن، وكان قد صدر أمر حاكم الساموراى من أسرة توكوجاوا عام 1639بإغلاق كل منافذ الأرخبيل اليابانى أمام السفن الأجنبية، ومنع التعامل معها إلا من خلال جزيرة ديجيماس الصغيرة فى أقصى الجنوب، ومنع هبوط الأجانب إلى الشواطئ اليابانية، وكذلك خروج أى يابانى منها، وقد عاشت اليابان لما يزيد على قرنين من الزمان فى هذه الحالة والتى أطلق عليها عصر العزلة لم تسمح فيه اليابان بالتعامل التجارى إلا مع ثلاث دول: امبراطورية الصين، وهولندا سيدة التجارة الأوروبية فى القرن السابع عشر قبل أن تتحول لدولة مستعمرة، ثم بعد ذلك بمائة عام مع شبه الجزيرة الكورية.
لم تكن المفاجأة فقط فى اختراق نظام العزلة، بقدر ما كانت تلك الصدمة الحضارية التى هزت وعى الحكام والمسئولين عندما شاهدوا ذلك المستوى التقنى الذى كانت عليه السفن الحربية من حيث البناء والتجهيز، ليفيقوا على اتساع الفجوة بينهم وبين الدول الغربية الكبرى التى أخذت فى احتلال العالم من حولهم، إذ لم يكن قد مر على نهاية حرب الأفيون(1840-1842) سوى عشر سنوات، فقدت على إثرها الامبراطورية الصينية سيادتها على أراضيها، وما لبثت أن تحولت إلى شبه مستعمرة.
لم يكن أمام اليابانيين إلا العمل فى طريقين متوازيين: مهادنة هؤلاء الأجانب وعدم الدخول فى صراع عسكرى لاقبل لهم به، حتى يحافظوا على استقلال بلادهم، وفى الوقت نفسه العمل على تطوير قدراتهم لتجاوز تلك الفجوة الحضارية كى لا يكونوا لقمة سائغة للطامعين.
لم يكن الأمر سهلا، فحتى بعد أن وقعوا معاهدات تجارية مع أمريكا اضطروا معها لفتح بعض الموانئ للتجارة معها، لم يكن أمامهم أيضا إلا التوقيع على معاهدات مماثلة مجحفة مع روسيا و فرنسا و انجلترا وهولندا، والسماح بإقامة الأجانب من تلك الجنسيات فى مناطق محددة فى تلك الموانئ لينتهى بذلك عصر العزلة، وتضعف معه سيطرة حكومة توكوجاوا على أمور البلاد، إذ اهتزت مصداقيتها فى الحفاظ على سلامة أرض اليابان المقدسة من أن تدنسها قدم أجنبية، ولتعيش اليابان خمسة عشر عاما من الانقسام بين مؤيدين لسياسة الحكومة تجاه الأجانب فى الشمال والشرق، ومعارضين يلجأون إلى مهاجمة السفن الأجنبية التى تقترب من مقاطعاتهم فى الغرب والجنوب، مما أدى إلى تعرض بعض تلك المقاطعات للقصف من البوارج الحربية الانجليزية، لتصبح اليابان عرضة للغزو والاحتلال، ذلك الأمر الذى دفع الحكومة لإرسال حملة عسكرية لمعاقبة تلك المقاطعات حتى تكف عن مهاجمة السفن الأجنبية، ليتطور الأمر إلى حالة تهدد بصراع مسلح، لولا أن تغلبت النزعة البراجماتية على تأجج العاطفة الوطنية. إذ استطاع شباب الساموراى التغلب على مشاعر العداء للأجانب، عندما شعروا بالفجوة الحضارية أثناء المواجهة العسكرية معهم، وبدأوا فى التقرب منهم ليقفوا على أسرار التقدم التقنى لديهم، بل شارك بعضهم فى تلك البعثات التى أخذت الحكومة فى إرسالها إلى الغرب لدراسة أحواله للوقوف على مدى الإفادة منها لتجنب خطر الوقوع فريسة له.
وتصل بنا قمة تلك البراجماتية الوطنية، حين يتنازل الشوجون عن الحكم الذى ظلت تتوارثه أسرته لحوالى 268عاما، ليجنب بلاده خطر الحرب الأهلية، رغم معارضة الكثير من حكام المقاطعات الذين يدينون له بالولاء، وحتى يحمى وطنه من الوقوع محتلا تحت براثن المتربصين الغربيين، ويسلم قلعة إيدو إلى تلك القوات التى أتت إليها بامبراطور حديث السن، لينهى بذلك مرحلة من تقاليد وأعراف ونظم قديمة تحول دون انطلاق بلاده نحو العصر الحديث، لتنشأ لدينا فى النصف الثانى من القرن التاسع عشر دولة اليابان الفريدة فى حداثتها، وتبدأ فى عام 1868م عصرها الجديد المسمى بعصر ميجى.
لمزيد من مقالات د. عصام رياض حمزة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.