بكام الطن؟ أسعار الأرز الشعير والأبيض اليوم الأربعاء 4 يونيو 2025 في أسواق الشرقية    تشكيل ألمانيا المتوقع أمام البرتغال في نصف نهائي دوري الأمم الأوروبية    رابط نتيحة الشهادة الإعدادية 2025 بالاسم ورقم الجلوس في الجيزة    تنسيق 2025.. هؤلاء الطلاب مرشحون لجامعة "ساسكوني مصر"    قبل عيد الأضحى 2025 .. أسعار الماعز والضأن في أسواق الشرقية    كامل الوزير: تذكرة المونوريل بنصف تكلفة بنزين السيارة    الدولار ب49.62 جنيه.. سعر العملات الأجنبية اليوم الأربعاء 4-6-2025    مسيرات تحلق فوق سفينة أسطول الحرية ومخاوف من هجوم إسرائيلي    اليوم.. مجلس الأمن يعتزم التصويت على قرار لوقف حرب غزة    اليوم.. ترامب يضاعف الرسوم الجمركية على الصلب والألومنيوم بنسبة 50%    جيش الاحتلال يحذر سكان غزة من التوجه لمراكز توزيع المساعدات    "مايكل وملاكه المفقود" لهنري آرثر جونز.. جديد قصور الثقافة في سلسلة آفاق عالمية    "ظهور يوريسيتش".. 3 صور لاحتفال جدو مع زوجته بالفوز بدوري أبطال أفريقيا    رسميا.. رفع إيقاف قيد الزمالك    ظهور وزير الرياضة في عزاء والدة عمرو الجنايني عضو لجنة التخطيط بالزمالك (صور)    «إنتوا هتجننونا».. خالد الغندور ينفعل على الهواء ويطالب بمنع زيزو من المشاركة مع الأهلي في المونديال    مقتل محامٍ في كفر الشيخ.. ووكيل النقابة: اعتداء وحشي    مباحث الفيوم تكثف جهودها لضبط متهم تعدى على عامل بآلة حادة    مفاجأة في حالة الطقس خلال عيد الأضحى 2025 : استعدوا ل «منخفض الهند »    مصرع وإصابة 17 شخصا في انقلاب ميكروباص بالمنيا    ضبط قاتل محامي كفر الشيخ    مشعر منى يتزين ب«الأبيض» بقدوم حجاج بيت الله في يوم التروية الآن (فيديو)    ليلى علوي تنعى الفنانة سميحة أيوب: "كانت الأم المشجعة دايمًا"    المطرب مسلم يطرح أغنيته الجديدة «سوء اختيار»    موعد أذان فجر الأربعاء 8 من ذي الحجة 2025.. ودعاء في جوف الليل    «احنا الأهلي».. رد صادم من ريبيرو على مواجهة ميسي    هزة أرضية جديدة تضرب جزيرة كريت اليونانية الآن (بؤرة الزلازل)    دعاء النبي في يوم التروية.. الأعمال المستحبة في الثامن من ذي الحجة وكيفية اغتنامه    «حسبي الله فيمن أذاني».. نجم الزمالك السابق يثير الجدل برسالة نارية    النيابة تستكمل التحقيق مع 5 عمال فى واقعة التنقيب عن الأثار بقصر ثقافة الأقصر    رئيس حزب الجيل: إخلاء سبيل 50 محبوسًا احتياطيًا من ثمار الجمهورية الجديدة    يُعد من الأصوات القليلة الصادقة داخل المعارضة .. سر الإبقاء على علاء عبد الفتاح خلف القضبان رغم انتهاء فترة عقوبته؟    خبير يكشف الهدف من طرح 11 شركة حكومية ببرنامج الطروحات    موعد مباراة البنك الأهلي وإنبي في كأس الرابطة المصرية والقنوات الناقلة    90.1 % صافي تعاملات المصريين بالبورصة خلال جلسة منتصف الأسبوع    للتنظيف قبل العيد، خلطة طبيعية وآمنة لتذويب دهون المطبخ    الهلال يسعى لضم كانتي على سبيل الإعارة استعدادا لمونديال الأندية    تعرف على أهم المصادر المؤثرة في الموسيقى القبطية    طفاطف جديدة وخطوط سير في رأس البرّ خلال عيد الأضحى بدمياط    رئيس الأركان يعود إلى مصر عقب انتهاء زيارته الرسمية إلى دولة رواندا    تأخر شحنة مهمة ينتظرها وعطل في المنزل.. برج العقرب اليوم 4 يونيو    تامر حسني: «زعلان من اللي بيتدخل بيني وبين بسمة بوسيل ونفسي اطلعهم برة»    رشوان توفيق ينعى سميحة أيوب: موهبتها خارقة.. وكانت ملكة المسرح العربي    أبرزهم شغل عيال وعالم تانى.. أفلام ينتظر أحمد حاتم عرضها    مي فاروق توجه رسالة نارية وتكشف عن معاناتها: "اتقوا الله.. مش كل ست مطلقة تبقى وحشة!"    مسلم يطرح أحدث أغانيه "سوء اختيار" على "يوتيوب"    رئيس الوزراء يشهد توقيع عقد شراكة وتطوير لإطلاق مدينة «جريان» بمحور الشيخ زايد    البيت الأبيض: ترامب سيشارك في قمة الناتو المقبلة بهولندا    سفير روسيا بالقاهرة يكشف ل«البوابة نيوز» شروط موسكو لوقف الحرب في أوكرانيا    «الإفتاء» تنشر صيغة دعاء الخروج من مكة والتوجه إلى منى    حملات مكثفة على المنشآت الغذائية استعدادًا لعيد الأضحى المبارك بالمنوفية    بمكون منزلي واحد.. تخلصي من «الزفارة» بعد غسل لحم الأضحية    رجل يخسر 40 كيلو من وزنه في 5 أشهر فقط.. ماذا فعل؟    "چبتو فارما" تستقبل وزير خارجية بنين لتعزيز التعاون الدوائي الإفريقي    "صحة المنوفية": استعدادات مكثفة لعيد الأضحى.. ومرور مفاجئ على مستشفى زاوية الناعورة المركزي    لأول مرة.. الاحتلال يكشف أماكن انتشار فرقه فى قطاع غزة..صورة    ماهر فرغلي: تنظيم الإخوان في مصر انهار بشكل كبير والدولة قضت على مكاتبهم    هل تكبيرات العيد واجبة أم سنة؟.. أمين الفتوى يُجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في أصول الشخصية الوطنية المصرية‏(1)‏

في ظل نزعة جعل التربية الدينية نقيضا للتربية الوطنية تبرز أهمية الإجابة عن أسئلة مركبة ومترابطة‏:‏ كيف تطورت حقائق ومفاهيم الوطن والوطنية والمواطنة في مصر؟ وهل ثمة أمة مصرية متميزة‏; أي ليست مجرد جزء من أمة عربية أو إسلامية؟ وما هي سمات الشخصية الوطنية المصرية؟ وهل تملك الأمة المصرية جدارة إعلاء قيم التقدم الشامل وفي مقدمتها الحرية والعدل والتسامح؟ ويقدم طاهر عبد الحكيم اجتهادات مهمة تسهم في الإجابة عن هذه الأسئلة في كتابه: الشخصية الوطنية المصرية.. قراءة جديدة لتاريخ مصر.
وفي دحض فرية أن المصريين مجرد جزء من أمة عربية أو إسلامية, نقرأ في الكتاب المذكور أنه إذا كانت أوروبا لم تعرف قد اضطرت الدولة القومية المركزية حتي القرنين الثامن عشر والتاسع عشر, حين قضت الرأسمالية الناشئة علي التجزئة الإقطاعية, فإن القضاء علي التجزئة الإقليمية كان مهمة أنجزتها الدولة المركزية في مصر منذ آلاف السنين. وكان المصريون أمة في ذاتها عبر العصور, لها لغة مشتركة تغيرت لهم جميعا حين تغيرت, وكانت لهم ثقافتهم المشتركة وطابعهم القومي المشترك, اللذان أعطيا تكوينهم النفسي والذهني سمات مشتركة, في ظل وحدة قومية اقتصادية واجتماعية راسخة. وكان الشعور المشترك بالأخطار الخارجية منذ فجر التاريخ قوة لاحمة بلورت شعور المصريين بالذات وطنيا.
ومنذ تكونت الدولة المركزية الفرعونية كان عشرات الآلاف من الفلاحين المصريين يتعرفون من بعضهم البعض علي النواحي المختلفة من الوطن الذي يجمعهم; حين كانوا يحشدون من مختلف أنحاء البلاد في مشاريع السيطرة علي النهر وتنظيم الري, أو بناء المعابد والقصور والأهرامات, أو في جيوش للدفاع عن البلاد. وكانت هناك حياة قومية شارك فيها عامة الشعب وطابع وطني عام تمثل في وحدة أساليب الزراعة ومواسمها وبعض الحرف, والديانة والطقوس والمراسيم والعادات والملبس والمسكن. وقد عبرت الشخصية الوطنية المصرية عن نفسها في صورة نضال من أجل علاقات اجتماعية وسياسية أكثر عدلا كما في الهبات الفلاحية التي بدأت في الأسرة السادسة, وفي شكل نضال للحفاظ علي الكيان القومي في مواجهة سلطة أجنبية وثقافات أجنبية كما في الثورة المسيحية ضد الحكم الروماني ومحاولات الانقضاض علي الدولة المركزية لوضع حد لنهبها للفلاحين. وحينما نمت العناصر الرأسمالية في مصر أصبح النضال السياسي القومي يستهدف إقرار الحكم النيابي الدستوري.
وفي دحض فرية خنوع الشخصية الوطنية المصرية للسلطة الغاشمة, يبرز عبد الحكيم رأي عباس محمود العقاد بأن موقف الإنسان المصري من السلطة يقوم دائما علي أساس من الشك والريبة وليس علي أساس من التقديس والخوف, وأن الفلاح كان دائما متحفزا للتغيير. غير أن الفلاح في ثورته يريد أن يري الصفوف حوله ولا يحب أن يخاطر وحده; وانطلاقا من هذا كانت جماعية العقل المصري, وليس الخضوع والميل للاستسلام, سبب فترات الاستقرار الطويلة نسبيا التي نلحظها في التاريخ المصري, رغم العسف والاضطهاد. وبالمثل فإن عمق الثورة, حينما تقوم, واتساعها وشمولها, يمكن رده إلي السبب نفسه, أي إلي جماعية العقل المصري التي هي النتاج الطبيعي لنمط الحياة المصرية عبر التاريخ, حيث لم يكن المصري ليستطيع أبدا أن يعيش حياة فردية.
وفي دحض فرية خضوع الشخصية الوطنية المصرية للاستعمار والحكم الأجنبي, يشير عبد الحكيم الي أن حرب أحمس ضد الهكسوس كانت ثورة تحرر وطني رائدة, وكذلك كانت حرب بساماتيك لتحرير مصر من الآشوريين, وثورات التحرير بقيادة أمراء طيبة طوال حكم البطالمة الإغريقيين لمصر. وبينما كانت المسيحية المصرية ثورة وطنية دائمة ضد حكم الرمانيين والبيزنطيين كادت إحداها تقضي علي حكم الرومانيين, شهدت فترة الولاة الأمويين ثورات فلاحية شاملة كادت تقضي إحداها علي جيش عبد الملك بن مروان, وتعددت ثورات الفلاحين تحت حكم العباسيين واضطر الخليفة المأمون للقدوم بنفسه إلي مصر للإشراف علي إخماد واحدة من أخطر تلك الثورات, كما كانت للمصريين ثورات ضد الفاطميين حينما تكشف أن دولتهم ليست بأفضل من دولة الإخشيديين الذين استعان المصريون بالفاطميين عليهم, وهددت الدولة الأيوبية أكثر من ثورة.
وفي دحض فرية خنوع الشخصية الوطنية المصرية للظلم الاجتماعي ينقل عبد الحكيم عن برستد وإرمان النصوص المنسوبة الي الملوك الفراعنة وإلي كبار موظفيهم, والتي تفيد بأنهم كانوا حريصين علي إقامة العدل ونصرة الضعيف ومعاقبة الظالم والمعتدي علي حقوق غيره ومقاومة الفساد وخاصة بين موظفي الدولة. ونقرأ في خطاب أشبه بخطاب العرش كان كل ملك من ملوك الدولة الحديثة يوجهه إلي كل وزير أعظم- أي رئيس الوزراء- يتولي الإدارة, تحذير الفرعون له من أن يستغل منصبه ليتخذ له عبيدا من الشعب, ويأمره بأن يطمئن إلي أن كل شيء يجري وفق القانون, وأن يعطي كل ذي حق حقه, وأن يحكم بالعدل وألا يتواني في إقامة العدل, وأن يعامل من يعرفه معاملة من لا يعرفه. وبقراءة الأدبيات الشعبية المقابلة, يستطيع المرء أن يستنتج أن الأدبيات الملكية لم تكن سوي بيانات رسمية تهدف إلي استرضاء ضمير قومي عام كان قد تشكل لدي الشعب, ووعي اجتماعي قد نضج بحقوق الشعب علي حكامه وبواجبات هؤلاء الحكام إزاء الشعب.
وفي دحض فرية خلط الشخصية الوطنية المصرية بين الدين والسياسة, يشير عبد الحكيم الي أن عباس محمود العقاد كان من أوائل المفكرين المصريين الذي عالجوا موقف الإنسان المصري من الدين معالجة عقلانية وعلمية, معتبرا أن الذهن المصري ذهن عملي واقعي مع استمرار تدينه وإيمانه, وكان هذا سبب خلو العقيدة الدينية عند المصري من التعصب, وخلو تاريخ مصر الديني من المذابح الطائفية. ثم يستعرض عبدالحكيم دور القيادة الدينية في الحركة الوطنية المصرية الحديثة, أو حلقات إنجاز الثورة الوطنية الديمقراطية; بدءا بالثورة العرابية ومرورا بالنضال الوطني بقيادة مصطفي كامل ومحمد فريد, ثم ثورة1919, وانتفاضات1935 و1946 و1950, ثم ثورة يوليو.1952 وفي مجري النضال الوطني الديمقراطي اعتبر المصري موقفه الديني علاقة خاصة وفردية بينه وبين الله, ورفض مزاعم الوساطة في هذه العلاقة, وفقدت القيادة الدينية موقعها كقيادة سياسية.
وقد التف المصريون بقوة حول القيادة العلمانية للثورة العرابية, التي نص أول برامجها في بيان الحزب الوطني الأول علي أن هذا الحزب حزب سياسي غير ديني, كما التف المصريون حول حزب الوفد وقيادته العلمانية, وعجز تحالف السراي الملكي مع القيادة الدينية التقليدية( مشايخ الأزهر) والقيادة الدينية السياسية السلفية الجديدة( الإخوان المسلمين) عن النيل من شعبية حزب الوفد وبخاصة بين الفلاحين, وتقديم نفسه كبديل منافس للوفد في قيادة الأمة. ولم تهتز شعبية جمال عبد الناصر لدي الغالبية العظمي من الشعب رغم العنف الذي تعامل به مع الإخوان المسلمين وتحويله الأزهر من جامعة دينية إلي جامعة حديثة, وإلغائه للمحاكم الشرعية وتحويله قضايا الأحوال الشخصية إلي القضاء المدني. وللحديث بقية.
المزيد من مقالات د‏.‏ طه عبد العليم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.