من الأمور المعتاد حدوثها بكثرة على الصعيد الطبى العالمي، أن يكون هناك دواء مستخدم بالفعل فى علاج مرض معين، ويكتشف الباحثون والعلماء صلاحيته لعلاج أمراض أخري. فقد نشر أخيرا فريق من الباحثين بمركز أبحاث جامعة روتشيستر للعلوم الطبية بحثا فى المجلة البريطانية للطب عن دور مركب «إيبوديلاست» المستخدم حاليا بالفعل فى أمريكا وبعض دول أوروبا كمضاد للالتهاب ومانع لتكون جلطات الدماغ لدوره فى منع تجلط الصفائح الدموية، فى علاج مرضى التصلب العصبى المتناثر. وطبقا لنتائج التجارب السريرية فقد أدى هذا العقار للإبطاء من عملية انكماش المخ التى يتعرض لها المرضى بمضى الزمن، وبذلك يمنع الحالة المرضية من التدهور والتفاقم. وتشير النتائج المنشورة بالمجلة البريطانية للطب - كما يقول الدكتور اندرو جودمان الباحث الرئيسى فى هذه الدراسة - إلى أن مركب «إيبوديلاست» المشار اليه من الممكن أن يساهم بفاعلية فى حماية الجهاز العصبى المركزي، ومن ثم الإبطاء من التلف الذى يصيب المخ بسبب الإصابة بمرض التصلب العصبى المتعدد، والذى يمثل أحد صور اضطراب الجهاز العصبي، حيث يهاجم فيه الجهاز المناعى للجسم الأنسجة الدهنية المغلفة للألياف العصبية بالمخ والحبل الشوكى والتى تسمى «المايلين». مما يؤدى بالطبع للإصابة بالنوبات المتكررة للمرض والتى تعوق المريض عن التواصل الطبيعى مع غيره من الناس. ويقول الدكتور ساهر هاشم أستاذ أمراض المخ والأعصاب بجامعة القاهرة إن هناك أكثر من عشرة أدوية معتمدة من منظمة الغذاء والدواء الأمريكية لعلاج التصلب العصبي، إلا أن الدواء الجديد يتميز بفاعليته فى حماية حالات المرضى حديثى العهد بالإصابة بالمرض من التفاقم، وهو ينتمى لعائلة مضادات الالتهاب غير الكورتيزونية. ويعمل كمثبط لإنزيم يسمى فوسفو داى ستريز، ومانع للصفائح الدموية من الالتصاق، وتكوين الجلطات الدموية فى الدماغ. وقد أظهرت نتائج التجارب السريرية التى أجريت على 255 مريضا إمكان استخدامه كعلاج دوائى بالفم بجرعات مختلفة من 10 إلى 100 ملجم، لحالات التصلب المتناثر المتقدم التى لا يتاح أمامها قدر كبير من العلاجات الدوائية، بجانب دوره فى التأثير بشكل إيجابى على الجهاز المناعى للمريض، وتحسين جودة حياة مرضى التصلب العصبي. ويأتى هذا التأثير من دور العقار فى تثبيط بعض البروتينات المناعية التى تزيد من تفاقم حالة التصلب المتعدد بالمخ.