متى تتعامل الشرطة وبقية أجهزة الدولة بالجدية التى ينصّ عليها القانون مع شكاوى المواطنين واسعة الانتشار من الضوضاء؟ ولماذا يعطى المسئولون انطباعا بأنها من مشكلات المترفين المدللين الذين لا يحسون بالمعاناة الحقيقية للجماهير، وأن هناك ما هو أهم؟ حتى إذا جارينا هذا المنطق، فهل صار هؤلاء المسئولون ينجزون حقا مهامهم الأخرى التى يقولون إنها تشغلهم وتأخذ طاقتهم؟ مثلاً، هل حققوا ما يمكن أن تلمسه الجماهير من إنجازات حقيقية فى التعامل مع جرائم اقتصادية صارخة مثل استفحال مافيا التجار التى ترفع الأسعار يوميا بلا سقف؟ من مخاطر الضوضاء الكارثية العديدة أنها تصل إلى من يقرر أن يعتزل الجميع وأن يحبس نفسه فى منزله ويغلق أبوابه أملا فى الهدوء، فإذا بقوة خرافية يمكنها أن تخترق حواجزه وتدمر السكينة التى كان ينشدها وتشتته عما كان يخطط أن يتفرغ له حتى لو كان هدفه أن يحظى بقسط من النوم! وكان من المفترض أن تقوم الحملات تطالب بحق الأطفال الرضع فى النوم الصحي، لأن غيابه من أهم أسباب عصبيتهم وصراخهم! لا يصح اختصار أسباب الضوضاء فى الانفلات التام فى استخدام الميكروفونات، كما لا يجوز قصر النقد على ميكروفونات المساجد، ولكن لا يمكن إنكار أن ميكروفونات المساجد صارت من أهم أسباب المشكلة فى هذه المرحلة التى نعيشها، خاصة بعد أن جري، فى ظروف غامضة، اعتبار الميكرفون أصلاً من أصول إقامة الشعائر، فى حين أنه لم يُختَرَع إلا عام 1887، أى أنه عاصر فترات تراجع أحوال المسلمين فى العالم ورزوح مجتمعاتهم تحت قهر الاستعمار والديكتاتوريات المحلية التى شاركت الميكرفونات كثيراً فى دعمها على كراسى الحكم! ونسى المتحمسون للميكروفون أن المسلمين وصلوا إلى الصين وإلى إسبانيا قبل زمن الميكروفون! فأما وقد فشلت كل محاولات المطالبة بتخفيض الصوت أو بتوحيد الأذان..إلخ، فإنه لم يعد هناك إلا أن يصدر قرار جسور يمنع استخدام الميكرفونات نهائيا خارج أى منشأة، وأن يُتابَع الالتزام بتطبيقه فى عموم البلاد، كنقطة بداية لعلاج باقى الأسباب. لمزيد من مقالات أحمد عبدالتواب