فى مثل هذا اليوم من عام 1869 ولد المناضل الهندى العظيم المهاتما غاندى .. صاحب الأثر الكبير على مناضلى العالم بجانب جيفارا وعبد الناصر . وكانت «الأهرام» - التى اعتادت ومازالت محاورة ذوى القامات الرفيعة - قد حاورت المهاتما غاندى قبل 88 عاما وهو متوجه لحضور مؤتمر المائدة المستديرة الثانى الذى عُقد فى لندن فى خريف عام 1931 .. التقته « الأهرام» فى السويس وهو يرتدى مئزرا يشبه ملابس الحجاج المسلمين فى موسم الحج؛ عارى النصف العلوى من جسده إلا من خرقة لاتقاء شر البرد وقتها.. وهو تقليد روحى هندى مهم يجمع العقيدة الهندوسية بالعقيدة الإسلامية تتمثل فى الزهد. كان الكثير من الصحفيين مصريين وغير مصريين- فى انتظار غاندى لإجراء حوارات معه.. كما كان هناك أيضا هنود ينتظرون مناضلهم الكبير لتقبيل يديه وقدميه كما يفعلون دائما.. ولم لا وهو يناضل من أجل حريتهم وحرية بقية الشعوب التى تعانى القهر والإذلال على يدى المستعمر، سواء كانت بريطانيا أو غيرها. كان مراسل «الأهرام»، باعتبارها الجريدة الأهم فى العالم العربي، يريد أن يقتنص هذه الفرصة ويمثل جريدته فى لقاء المهاتما غاندي، لكن الأمر كان صعبا جدا، سواءً كان اللقاء فى السويس أو فى بورسعيد ، فالثانية غير مناسبة لمواعيد طبع الجريدة والأولى ستكون الصعوبة فيها كبيرة أيضا نظرا للزحام الشديد فى حضرة الرجل.. وهنا قرر مندوب الأهرام وقتها «الأستاذ محمود أبو الفتح» إعداد خطة تتمثل فى مراسلة المهاتما وهو فى الطريق، وبالتحديد فى عدن، عن طريق التليغراف، وأن يرسل له ما شاء من الأسئلة ليجيب عنها المهاتما وتكون جاهزة حال وصوله فى السويس. وبالفعل نجحت الخطة وأرسلت «الأهرام» عدة أسئلة كان من بينها: ما هى أحوال الهند الراهنة؟ ماذا عن الخلاف بين المسلمين والهندوس؟ ماذا يتوقع من مؤتمر المائدة المستديرة الثاني؟ ماذا تتوقع أن تكون العاقبة إذا فشل المؤتمر؟ رسالة غاندى إلى الوطنيين المصريين رست باخرة المناضل الهندى فى السويس، وصعدت إليها جموع الهنود والصحفيين، والتقى مندوب «الأهرام» المهاتما الذى كان بالفعل قد أجاب عن الأسئلة التى أرسلها المندوب.. وتضمنت الإجابات أنه يرى أن أحوال الهند جيدة فيما عدا ذلك الخلاف الناشب بين المسلمين والهندوس.. ولم يكن المناضل الكبير ينتظر شيئا ما من المؤتمر لكنه يأمل فى حدوث شىء يغير مجرى الأحداث. وبالنسبة لمؤتمر لندن قال إنه فى حال فشله فسوف تستمر الهند فى العصيان المدني.. فهو لا يعتقد أن هناك بديلا عن هذا العصيان لتحقيق أهداف الشعب الهندى فى الحرية.. وفى رسالة إلى المصريين والوطنيين منهم طالبهم بعدم التقليد الأعمى للغرب.. وهكذا فقد كان الرجل الحكيم يعرف مسبقا مغبة هذا التقليد الأعمي. مصر ستحصل على حريتها قال المهاتما غاندى أيضا، فى لقائه مندوب «الأهرام»، إنه إذا كان لديّ رأى متواضع أبديه لكم فذلك هو أن مصر سوف تصل إلى حريتها سريعا جدا لو نالت الهند خلاصها. كان غاندى يعرف إذن أن الحرية والثورة تصيب بالعدوى كل من هم فى الظروف نفسها. ثم عندما طلب بعض الصحفيين من المهاتما التقاط صور تذكارية معه على سطح الباخرة المتجهة إلى العاصمة الإنجليزية وافق على التقاط الصور لكنه اشترط أن يقف للتصوير بين المصريين فقط لالتقاط الصور، وبالفعل تم أخذ عدة صور مع المناضل الكبير نشرتها « الأهرام» فى حينها. والجدير بالذكر هنا أن المناضلة الكبيرة «مسز سلايد»، زعيمة العصيان المدنى فى الهند، والتى كانت مرافقة للمهاتما غاندى فى ذلك الوقت، أرسلت تحية للوطنيين المصريين وحركتهم من أجل التحرر. صورة زنكوغرافية لحوار غاندى مع الأهرام