قبل أسابيع قليلة ظهر النجم الكبير جميل راتب جالسا على مقعد متحرك يتحدث ببطء وصعوبة فى كليب يشارك فيه أكثر من نجم لرثاء الراحل الكبير أحمد زكى ويتحدث عن سحر السينما وتأثيرها على حياتنا.. ورغم حدة المرض الواضحة للجميع حرص جميل راتب كعادته على الظهور متطوعا ليتحدث عن تلميذه العبقرى الذى سبقه بالرحيل. والفنان القدير جميل راتب هو بالفعل استاذ لعدد كبير من نجوم المسرح والسينما.. قال عنه الفنان محمد صبحى فى العرض الخاص لمسرحيته الجديدة «خيبتنا لما فارقتنا»: فقدت استاذا وصديقا وسندا وضلعا مهما من أضلاع حياتى الفنية والإنسانية برحيل جميل راتب.. وصمت قليلا ثم تكلم عن التزامه وعشقه للفن وإيمانه بأن الكلمة رسالة.. وبالفعل رحلة جميل راتب مع الفن تؤكد صدق هذه الكلمات فلقد سافر إلى باريس فى مستهل حياته وعمل فى شبابه شيالا فى مطعم رغم انتمائه لعائلة ارستقراطية ميسورة الحال، وذلك ليتمكن من الإقامة وشراء الكتب وحضور حفلات المسرح والسينما والأوبرا.. وهى رحلة تشبه إلى حد كبير رحلة الشاعر الكبير بيرم التونسى الذى نُفى من مصر فعمل شيالا فى مكتبة هاشيت فى فرنسا وكان يقوم بتنظيف مخازن الكتب ليتمكن من القراءة فيها ليلا.. جميل راتب ولكن بيرم كان يعتبر حياته فى باريس سجنا يبعده عن الوطن بينما اشترك جميل راتب فى فرقة الكوميدى فرانسيز عام 1951 ولاتقانه اللغة الفرنسية قدم عدة مسرحياته ناجحة، ثم استقل وكون فرقة خاصة فى فرنسا تقدم المسرحيات العالمية لكبار الكتاب وشارك خلال تلك الفترة فى فيلم ترابيز عام 1954 كما شارك زميله النجم العالمى عمر الشريف فى فيلم لورنس العرب عام 1961 وتأثر بأداء الممثل الفرنسى العالمى جيرار فيليب وإن احتفظ جميل راتب بخصوصية أسلوبه وحضوره المتميز وعندما وصل إلى سن الخمسين قرر العودة الى مصر والبداية من جديد وتألق فى فيلم على من نطلق الرصاص عام 1975 ثم الصعود إلى الهاوية والذى جسد فيه دور ضابط المخابرات الإسرائيلى الذى يجند بطلة الفيلم مديحة كامل أو عبلة، وبالطبع دوره الرائع فى فيلم شفيقة ومتولى أمام حشد من نجوم السينما سعاد حسنى وأحمد مظهر وأحمد زكى وفيلم البداية الذى جسد فيه شخصية الرأسمالى المستغل نبيه بك الذى يحول الواحة التى يهبط فيها بالصدفة إلى مملكة نبيهاليا فى واحدة من أجمل أدواره.. وبالطبع أعماله المسرحية لا تقل روعة وتألقا.. فلقد أخرج فى باريس 15 مسرحية منها بريتانيكوس لراسين ولعبة الحب والمصادفة لداريفو وكاره البشر لموليير وأميدى ليونسكو.. وفى مصر أخرج مسرحية الأستاذ لسعد الدين وهبة وشهر زاد لتوفيق الحكيم والزيارة التى شارك فى انتاجها مع صديق عمره محمد صبحي.. وكان من قبل قد عمل مساعد مخرج فى باريس لعرض زيارة السيدة العجوز لدورينمات ولعب بطولة العرض النجم العالمى أنتونى كوين.. ومثل عددا من المسرحيات منها انتهى الدرس يا غبى تأليف لينين الرملى فى دور الطيب ويوميات ونيس شخصية أبوالفضل.. كما نال جميل راتب العديد من الأوسمة وشهادات التقدير عن أدواره المتميزة فى السينما من فرنساوالقاهرة وتونس والمغرب وكرم فى مهرجان القاهرة الدولى للمسرح التجريبى عام 2016، وأخيرا تم اطلاق اسمه على الدورة السابعة لمهرجان إبداع المسرحى هذا العام.. وكان الزميل باسم صادق أحد أعضاء لجنة المشاهدة هو المكلف بتبليغه بالخبر ولكن الأقدار سبقته، ليكون هذا التقدير هو الأحدث فى مشوار هذا الفارس النبيل.